Skip to main content

التعرض المهني للفيروسات في محطات تجميع ومعالجة النفايات الصلبة

تعتبر النفايات الصلبة (solid waste) مادة جيدة لعيش ونمو وبقاء الميكروبات، وهي ناقل ممتاز لعوامل مسببات الأمراض إلى العاملين في الأنشطة التي لها علاقة بالنفايات الصلبة في كل مراحلها من جمع ونقل ومعالجة والتخلص النهائي.

خلال جمع النفايات أو فرزها ربما يتعرض العاملين لجرح بمواد ملوثة بسوائل جسم الإنسان المريض فيصاب بمرض قد يكون قاتل، او يلامس جلده الأسطح الملوثة (Dermal Exposure) برواسب أو غبار متطائر لمواد ضارة فيتهيج وقد يلتهب مسبباً أمراض جلدية عرضية أو مزمنة، أو تتسلل تلك الأجسام المتطائرة وتعبر الأغشية المخاطية إلى الأعضاء الخارجية محملة بمسببات المرض، أو عندما تتلوث اليدين أو الأطعمة ومياه الشرب خلال فثرات العمل فيدخل الميكروب للجسم عبر البلع او عبر الأستنشاق من خلال التعرض للأجسام المتطائرة المحملة بميكروبات الهواء (Airborne Microbes) أو السموم الفطرية (mycotoxins) وغيرها.

العديد من الدراسات تطرقت للأثار الصحية للأجسام المتطائرة وتسببها لأعراض تنفسية والتهاب الشعب الهوائية للعاملين (1; 13; 14; 15)، ولكن تقدير وحساب تلك المخاطر البيولوجية المهنية للأنشطة التي لها علاقة بالنفايات كان صعب ولا يزال بسبب الاختلافات المتباينة وتداخل عدة عوامل كنوع الميكروب المسبب والجرعة المناسبة وعوامل أخرى كثيرة. فأحيانا تكون الإصابة نتيجة عدة عوامل ممرضة وميكروبات، فقد تكون الجرعة محتوية على بكتيريا معوية مع فيروسات مع ميكروبات بيئية أخرى وسموم (16)، وايضا كمياتها تكون مختلفة حسب الأختلافات الحالة المناخية كالرطوبة والحرارة ونوع المصدر الرئيسي القادم منه الميكروب (17).

معظم الدراسات التي ناقشت مشكلة التعرض للميكروبات في مجال النفايات الصلبة عبر الأجسام المتطائرة كانت تركز على البكتيريا والفطريات وسمومها ولم يكن هناك تركيز على الفيروسات إلا في بعض الدراسات القليلة التي ناقشت الإصابات بفيروسات التهاب الكبد، كالتهاب الكبد الوبائي (HAV) أو البائي (HBV) أو الجيمي (HCV)، وكانت الدراسات معظمها مصلية مناعية (Serological tests) أي من حيث وجود الأجسام المضادة في دماء العاملين وليس البحث عن الفيروس نفسه وكمية تواجده في النفايات الصلبة.

العديد من الفيروسات تتواجد في النفايات الصلبة ويمكن لها أن تسبب الأمراض وتأتي من عدة مصادر مختلفة فربما تكون محملة في حفاظات الأطفال أو بالقطن النسائي والإبر والحقن ومناديل الورق الملوثة بسوائل الجسم والبراز والقيء والبول والدم والمخاط من الأشخاص المصابين، فعدد الفيروسات التي يمكن للعاملين بالنفايات الصلبة التعرض لها عدد كبير جدا بالرغم من أن الدراسات البحثية في السابق لم تغطي كل الفيروسات المتواجدة في الهواء وعلى الأسطح في عمليات التعامل مع النفايات الصلبة بسبب صعوبة التقنية لمثل هذه الدراسات البيئية ولكن حديثاً أصبحت دراستها ممكن وايضاً تقدير نسبة التعرض أصبح ممكن كذلك (18).

دراسة إيطالية (9) اجريت حول وجود الفيروسات في الهواء وعلى أسطح ثلاث محطات لمعالجة النفايات الصلبة بمدينة بيزا، حيث أخذت عينات هواء من عدة أماكن مختلفة بتلك المحطات مثل ساحات أستقبال وفرز النفايات وموقف سيارات شحن النفايات ومكان غسيل السيارات وقرب صالات إعادة التدوير وقرب المحرقة وقرب مكان استقبال نفايات المستشفيات، وكذلك الحال بالنسبة لعينات الأسطح في محطات المعالجة. ثلاث عينات أخذت من كل مكان خلال فصل الشتاء والصيف، بالإضافة لعينات من حجرة سائقي الشاحنات، كما أخذت عينات للمقارنة من أماكن بعيدة عن المحطات وغير ملوثة وتم قياس الرطوبة والحرارة حول مكان كل عينة. وتم تحليل النتائج بزراعة العينات أو بأستخلاص الحمض النووي الفيروسي وتطبيق أختبارات (PCR and Real-time PCR) لتحديد الأنواع والكميات.

أثبتت النتيجة وجود الفيروسات الممرضة بنسب مختلفة فكانت موجبة في 30% من عينات الهواء و 13.5% من عينات الأسطح، 15% من عينات الهواء كانت فيروسات (Human Adenovirus) وهي فيروسات مسئولة عن مجموعة من الأمراض التنفسية والمعوية وايضا عدوى التهاب المسالك البولية، وفيروسات (Torque Teno Virus) وهي تأتي عادة من براز الإنسان المصاب وتعتبر مؤشر على تلوث البيئ، كما أتبتت الدراسة عدم أختلاف فصول السنة في كمية تواجد الفيروسات بل الأختلاف كان في الأنواع.

دراسة دنماركية (1) أشرت أن العمال بمحطات معالجة النفايات الصلبة هم ستة مرات أكثر تعرضاً لخطر الأمراض المعدية مقارنة بسكان الأخرين في الدنمارك وهم 2.6 مرة أكثر عرضة للإصابة بأمراض حساسية تنفسية (Allergic Pulmonary Diseases) مقارنة بالأخرين، أما دراسة سويسرية فأشرت أن العمال أكثر تعرضاً لمخاطر التهاب الشعب التنفسية المزمنة (chronic bronchitis) بـ 2.5 مرة مقارنة بالأخرين، و 1.2 مرة أكثر عرضة للإصابة بفيروس تليف الكبد مقارنة بالسكان الأخرين في إيطاليا (2).

في دراسة أخرى لأربع محطات معالجة نفايات الرعاية الصحية وجدوا بها دماء متناثرة في 64% من أسطح مساحات العمل ووجدو كذلك بقع صغيرة ودماء متناثرة في 22% على أسطح نظارات الوقاية الشخصية المستعملة من قبل العمال و 8% على ملابس العمل التي يرتديها العمال (4) كل تلك الدماء قد تكون محملة بالفيروسات الدم كما أشارت دراسة أخرى بأن تناثر الدم ساهم في نقل فيروس التهاب الكبد الجيمي من خلال العيون (5).

كما ذكرت الدراسة أن العاملين بمحطات معالجة النفايات الطبية وخاصة الذين يتعاملون مباشرة مع حاويات النفايات أحتمال تعرض وإصابة 1- 4 عامل من أجمالي 10000 عامل بفيروس فقد المناعة المكتسبة من خلال عملهم (5).

medicalwaste.org.ly-2015-013

منطمة الصحة العالمية ذكرت في مرجعها (3,7) أن النفايات الصلبة الناتجة من الرعاية الصحية والنفايات الصلبة المنزلية متشابهة من حيث المحتوى الميكروبي. وهناك تقرير ذكر بأن 2% من النفايات الملوثة بالدم كانت موجبة وموجود بها فيروس تليف الكيد وفيروس Poliovirus (6) والأكوفيروس (Echovirus) قد وجد في حفاظات الأطفال ضمن النفايات المنزلية (8).

محطات معالجة النفايات مصدر كبير للإصابة بالفيروسات والأمراض الناتجة عنها فكلما كانت الاحتياطات أقل كثرة نسبة الإصابة، في مجموعة من الدراسات في دول العالم الثالث حيث لا توجد الاحتياطات اللازمة للمخاطر المهنية كرتداء القفازات والنظارات الواقية والملابس المخصصة لهذا النوع من الأعمال من أحذية وكممات وغيرها أثبتت حدوث إصابات كثيرة وأمراض خطيرة في العمال.

• دراسة في كلاكاتا بالهند شملت 400 عامل نقل نفايات وجدت لديهم أمراض رئوية تنفسية بنسبة 71% بالمقارنة بالأخرين (10).
• إجريت أختبارات عن مدى كفاءة وظائف الرئة في عمال نقل نفايات في مكب في بانكوك كانت النتيجة أن 40% منهم كان تحت المعدل الطبيعي (11). وحوالي 25% من العمال في مكب في بومباي بالهند يعانون من السعال الشديد (12).
• دراسة شملت 194 طفل يشتغلون كجامعي قمامة في مانيلا بالفلبين كانوا يشتكون من سعال شديد بنسبة 23% وحوالي 19% كان يشتكون من ضيق تنفس (11)
• من أجمالي 95 عامل في مكب في بومباي حوالي 80% لديه مشكلة في العيون، 73% لديه مشكلة في الجهاز التنفسي، 51% لديه مشكلة بالجهاز الهضمي، 40% لديه مشكلة عدوى جلدية وحساسية (12)

 

ربما تكون هذه الأرقام كبيرة بالمقارنة بما تم تسجيلة في الدول الغربية والسبب يرجع لتجمع عدة عوامل، عادة، في دول العالم الثالث، عمال نقل وجمع والتخلص من النفايات هم من الطبقات المجتمع الفقيرة جدا وغير متعلمين ولا يفقهون شيء حول مسببات الأمراض وأعراضها وكيفية الوقاية منها،وهم يعملون في بيئة لا توفر لهم الحد الأدنى من الحمية ولا توجد لديهم سبل الوقاية ضد المرض، يعملون مع نفايات خطرة بدون ملابس الوقاية الشخصية وبدون كممات ونظارات واقية وأحذية مناسبة وبدون متابعة طبية دورية، ايضا هولاء العمال يعيشون في ظروف معيشية سيئة جدا ومساكن متهالكة وصرف صحي سيء جدا ويفتقدون إلى المياه النظيفة كل هذه عوامل مساعدة في إصابتهم بالمرض.

العمل مع النفايات يعتبر من أخطر الاعمال التي يمكن ان يزاولها الإنسان وخاصة في دول العالم الثالث، فهم يوميا يتعرضون للعوامل المرض خلال ساعات العمل سوء بالملامسة أو بالأستنشاق وبدون ملابس وقاية شخصية وبدون معدات حماية، فلهذا يجب الاهتمام بهذه الطبقة من العمال من قبل الحكومات لأن ما يقومون به هو عمل عظيم ونحن في أمس الحاجة له، لهذا يجب إتباع الطرق السليمة والآمنة عند التعامل مع النفايات الصلبة بمختلف أنواعها طبية وغير طبية ويجب توفير لهم الرعاية الصحية، ويجب مراقبة كل مراحل التعامل مع النفايات بهذف الحد من التعرض للأمراض لحماية العاملين والمجتمع بصفة عامة.

 

References:
1- Poulsen OM, Breum NO, Ebbehoj N, Hansen AM, Ivens UI, van Lelieveld D, Malmros P, Matthiasen L, Nielsen BH, Nielsen EM et al. Collection of domestic waste. Review of occupational health problems and their possible causes. Science of the Total Environment, 1995, 170(1-2):1-19.
2- Kanitz S, Franco Y, Roveta M, Patroone V, Raffo E. Sanitary landfilling: Occupational and health hazards. Proceedings of Sardinia 91, Third International Landfill Symposium, October 1991.
3- WHO. (2004) Review of health impacts from microbiological hazards in health-care wastes. Geneva, Switzerland: Department of Blood Safety and Clinical Technology and Department of Protection of the Human Environment, World Health Organization.
4- Leese KE, Cole EC, Jensen PA. Assessment of blood-splash exposures of medical-waste treatment workers. Enviro Hlth, January/February 1999, 8-11.
5- Satori M, Gaglietta M, LaTerra G, Manzin A, Navino C, Verzetti G. Transmission of hepatitis C via blood splash into conjunctiva. Scan J Inf Dis, 1993, 25:270-271
6- Centers for Disease Control and Prevention. Occupational exposure to HIV: information for healthcare workers. Hosp Inf Prog, 1997.
7- Collins CH and Kennedy DA. The microbiological hazards of municipal and clinical wastes. 1992. J.Appl. Bacteriology. 73:1-6.
8- Centers for Disease Control and Prevention. Guidelines for preventing the transmission of
Mycobacterium tuberculosis in health-care facilities. Morb Mort Weekly Rpt, 1994, 43:RR-13.
9- Carducci A1, Federigi I, Verani M.(2013). Virus occupational exposure in solid waste processing facilities. Ann Occup Hyg. 2013 Nov;57(9):1115-27
10- Nath KJ et al. Socio-economic and health aspects of recycling of urban solid wastes through scavenging. All India Institute of Hygiene and Public Health, Calcutta.
11- Torres EB, Subida RD, Rabuco LB. The profile of child scavengers in Smokey Mountain, Balut, Tondo. University of Philippines College of Public Health, Manila, 1991. pp 1-83 and annexes.
12- Konnoth N. The Forum for Environmental Concern. Your clean city at whose cost: A study on the working conditions and occupation hazards at the dumping sites of Bombay. Pp 1-56 and annexes.
13- Thorn J, Beijer L, Rylander R. (1998) Airways inflammation and glucan exposure among household waste collectors. Am J Ind Med; 33: 463–70.
14- Wouters IM, Hilhorst SK, Kleppe P, et al. (2002) Upper airway inflammation and respiratory symptoms in domestic waste collectors. Occup Environ Med; 59: 106–12.
15- Park DU, Ryu SH, Kim SB, et al. (2011) An assessment of dust, endotoxin, and microorganism exposure during waste collection and sorting. J Air Waste Manag Assoc; 61: 461–8.
16- Krajewski JA, Tarkowski S, Cyprowski M, et al. (2002) Occupational exposure to organic dust associated with municipal waste collection and management. Int J Occup Med Environ Health; 15: 289–301.
17- Dutkiewicz J. (1997) Bacteria and fungi in organic dust as potential health hazard. Ann Agric Environ Med; 4: 11–6.
18- Bosch A, Sánchez G, Abbaszadegan M, et al. (2011) Analytical methods for virus detection in water and food. Food Anal Methods; 4: 4–12.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *