التمتع بحقوق الإنسان والنفايات الطبية
أصدر السيد كالين جورجيسكو المقرر الخاص التابع لمجلس حقوق الإنسان المعني بالآثار الضارة للنفايات الطبية تقريره في 4 يوليو 2011 الذي ينقسم إلى أربعة أجزاء تغطي الموضوعات التالية:
الجزء الأول: يقدم معلومات عامة عن مختلف فئات النفايات الطبية الخطرة من حيث:
• التعريف بها وونسبها من أجمالي النفايات بالمستشفى وأنواعها ومصادرها.
• تصريف هذه النفايات والتخلص منها في الوقت الراهن (الممارسات الراهنة).
الجزء الثاني: يركز على الآثار السلبية على حقوق الإنسان بسبب تصريف النفايات الطبية والتخلص منها بطريقة غير سليمة وقد قسم هذا الجزء إلى:
• الحق في الحياة/ الحق في الصحة.
• الحق في ظروف عمل مأمونة وصحية.
• الحق في مستوى معيشي لائق.
الجزء الثالث: يشتمل على تحليل لإطار المعايير الراهن الذي وضع على الصعيدين الدولي والوطني لتنظيم التصريف السليم للنفايات الخطرة، أي الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي ابرمت بين الدول وايضا المنظمات الدولية التي تسعى لتنظيم وتعزيز الإدارة السليمة للنفايات الطبية وهي:
• اتفاقية بازل
• اتفاقية استكهولم
• منظمة الصحة العالمية
• الوكالة الدولية للطاقة الذرية
• التشريع الوطني
الجزء الرابع: يحتوي على الاستنتاجات والتوصيات تركز على التدابير الإضافية التي ينبغي للجهات المعنية النظر في اعتمادها وتنفيدها من أجل إحداث تحسينات فعلية وملموسة فيما يتعلق بتصريف النفايات الطبية والتخلص منها بطريقة آمنة وسليمة بيئيا.
شمل التقرير على العديد من الأمثلة على الآثار السلبية التي لا تزال تعوق التمتع بحقوق الإنسان في العديد من البلدان بسبب تصريف النفايات الطبية والتخلص منها بطريقة غير سليمة. وقد ذكر التقرير “أن تصريف النفايات الطبية والتخلص منها بصورة غير سليمة لا يزال يشكل خطراً كبيراً في الكثير من البلدان، بما في ذلك البلدان المتقدمة، بالرغم من الاستهانة بهذا الأمر، على التمتع بالعديد من حقوق الإنسان، بما فيها الحق في الحياة والحق في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والنفسية، والحق في ظروف عمل آمنة وصحية والحق في مستوى معيشي مناسب”.
وساذكر هنا أهم النقاط في الاستنتاجات والتوصيات التي اشار إليها المقرر الخاص في تقريره:
“يرى المقرر ان الوقت قد حان لايلاء الاهتمام الواجب لتأثير تصريف النفايات الطبية والتخلص منها بطريقة سليمة على التمتع بحقوق الإنسان، وعليه، يدعو كافة الجهات المعنية (الدول والمنظمات والآليات الدولية ومجتمع المانحين ومرافق الرعاية الصحية الخاصة والعامة وقطاع صناعة الأدوية والمجتمع المدني) إلى تعزيز جهودها الرامية إلى تصريف النفايات الطبية بصورة آمنة ومستدامة”.
ولأنشاء نظام آمن ومستدام لتصريف النفايات الرعاية الصحية يوصي المقرر الخاص باعتماد التدابير التالية:
1- التوعية
• يوصي المقرر الخاص بأن تتخذ الدول كافة التدابير اللزمة للتوعية بهذه المشكلات، ولا سيما في أوساط صانعي السياسات والمجتمعات المحلية التي تعيش على مقربة من أماكن حرق أو طمر النفايات الطبية. وينبغي للمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال الصحة العامة أو حماية البيئة أن تتضمن برامجها في مجال الدعوة الترويج لتصريف نفايات الرعاية الصحية بصورة سليمة.
• يدعو المقرر الخاص الدول إلى نشر المعلومات المناسبة عن الاسلوب الصحي للحياة والتغذية، وعن حالة البيئة لكي يتسنى للأفراد الأخذ بخيارات مستنيرة فيما يتعلق بصحتهم.
2- التشريعات الوطنية والسيايات المتعلقة بتصريف نفيات الرعاية الصحية
يوصي المقرر الخاص الدول التي لم تعتمد بعد قانوناً محدداً لتصريف نفايات الرعاية الصحية بغية حماية الصحة البشري والبيئة من التأثيرات السلبية الناجمة عن عدم تصريف هذه النفايات والتخلص منها بطريقة سليمة، أن تفعل ذلك . وقد يكون القانون من هذا القبيل قائمًا بذاته أو جزءًا من تشريعات أشمل لتصريف النفايات الخطرة . وعند صياغة هذا القانون، ينبغي أن توضع في الاعتبار الاتفاقات الإقليمية والدولية ذات الصلة، ومعايير حقوق الإنسان، والمبادئ ذات الصلة الخاصة بالقانون الدولي للبيئة، من قبيل مبدأ الاحتراز و”الملوّث يدفع”.
وقانون تصريف النفايات الطبية ينبغي أن يشمل على أقل تقدير ما يلي:
تقديم تعريف واضح لنفايات الرعاية الصحية وفئاﺗﻬا.
التعريف الواضح لواجبات ومسؤوليات كل جهة فاعلة معنية بعملية تصريف نفايات الرعاية الصحية.
تحديد السلطات الوطنية المسؤولة عن مراقبة الهيئة الفرعية للتنفيذ القانون.
فرض الجزاءات المناسبة لمعاقبة المخالفين.
وبالإضافة إلى التشريعات، ينبغي للدول أن تطور، وفقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية، سياسة وطنية توضح فائدة التصريف الآمن لنفايات الرعاية الصحية وأهدافه، وأن تضع استراتيجية شاملة تحدد الخطوات التي ينبغي اتخاذها لتحقيق هذه الأهداف .
كما ينبغي للدول وضع مبادئ توجيهية تقنية لإنفاذ القانون، وينبغي لهذه اﻟﻤﺠموعة من التشريعات أن تحدد طرائق معتمدة لمعالجة مختلف فئات النفايات والتخلص منها؛ وتحديد الممارسات الآمنة للتقليل من النفايات الطبية وفصلها وتخزينها وتجميعها ونقلها، علاوة على تحديد مسؤوليات سلطات الصحة العامة، والهيئة الوطنية للحماية، ومديري مرافق الرعاية الصحية ومديري الوكالات الخاصة والعامة للتخلص من النفايات.
3- السلامة والصحة الوظيفية
يوصي المقرر الخاص بأن تعزز الدول إطارها التشريعي المتعلق بالصحة العامة في المستشفيات والسلامة والصحة الوظيفية، وإعطاء ا لسلطات الوطنية المعنية بإنفاذ هذا الإطار ما يكفي من الموارد البشري والتقنية والمالية . كما يوصي أيضًا بأن تنظم السلطات الصحية برامج تثقيفية وتوفر فرصًا تدريبية لزيادة التوعية بقضايا الصحة والسلامة وحماية البيئة المتصلة بتصريف النفايات الطبية.
يحث المقرر الخاص السلطات الصحية ذات الصلة على إدخال مسألة تصريف النفايات في المناهج الدراسية للعاملين في الحقل الطبي، وتقديم المعلومات عن المخاطر الوظيفية التي قد تواجه العاملين في الحقل الطبي من أطباء ومعاونين طبيين، وتوفير فرص تدريبية في مجال التصريف الآمن للنفايات الطبية.
ويدعو المقرر الخاص مرافق الرعاية الطبية إلى اتخاذ كافة التدابير الملائمة لتحسين الصحة والسلامة لمن يتعاملون مع النفايات الطبية داخل وخارج مرافق الرعاية الطبية . وينبغي أن تشمل التدابير من هذا القبيل ما يلي:
• الحصول على المعلومات المتعلقة بالمخاطر الوظيفية المحددة التي تواجه مختلف فئات العاملين، وتدابير السلامة اللازمة للتقليل من هذه المخاطر.
• توفير أدوات الوقاية الشخصية للأشخاص الذين يتعاملون مع النفايات الطبية الخطرة.
• التطعيم بصورة طوعية ضد الأمراض المعدية الشائعة مثل التيتانوس والتهاب الكبد.
• توفير فرص تدريب وحلقات عمل عن السلامة تستهدف مختلف فئات العاملين في المستشفيات (كالأطباء، والممرضين، وعمال النظافة، والزبالين).
• إجراء تدريبات منتظمة في مجال الوقاية في حالات الطوارئ وإجراءات التأهب والتصدي.
4- التمويل والدعم التقني
العقبة الرئيسية أمام تصريف النفايات الطبية بطريقة آمنة وسليمة في العديد من البلدان النامية هي محدودية التمويل المتاح لسلطات الصحة العامة . ويوصي المقرر الخاص بأن تتخذ الدول جميع الخطوات الملائمة لتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة، وأن تخصص الموارد المالية الكافية لجميع ا لمؤسسات العامة والخاصة والهيئات المسؤولة عن التصريف الآمن والسليم بيئيًا لنفايات مرافق الرعاية الطبية . ويشمل ذلك السلطات الصحية، والهيئة الوطنية المعنية بحماية البيئة، ومديري مرافق الرعاية الصحية ومديري الوكالات الخاصة والعامة العاملة في مجال التخلص من النفايات.
وعملاً بميثاق الأمم المتحدة، يود المقرر الخاص التشديد على أن جميع الدول ملزمة بالتعاون الدولي من أجل إعمال الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وعليه، يدعو مجتمع المانحين والمنظمات الدولية والإقليمية والمؤسسات المالية والقطاع الخاص إلى توفير المساعدة التقنية والمالية للبلدان النامية بغية مساعدﺗﻬا على تصريف النفايات الطبية بصورة آمنة ومستدامة . وينبغي أن تشمل المساعدة التقنية نقل المعارف العلمية والتكنولوجية، فضلاً عن توفير أحدث التكنولوجيات لاستخدامها في التخلص بصورة آمنة من النفايات الطبية الخطرة، مثل تكنولوجيات التعقيم التي لا تعتمد على حرق النفايات.
كما يحث المقرر الخاص المنظمات الدولية ذات الصلة، وبخاصة منظمة الصحة العالمية، على مواصلة تزويد البلدان النامية بالمساعدة التقنية ودعمها في وضع وتنفيذ أطرها التنظيمية والسياساتية فيما يتعلق بتصريف نفايات مرافق الرعاية الصحية.
5- تصريف نفايات مرافق الرعاية الصحية
التصريف الآمن والسليم للنفايات الطبية التي تخلفها مرافق الرعاية الصحية يتطلب وضع خطط مناسبة لتصريف هذه النفايات على كافة المستويات . وينبغي وضع هذه الخطط في جميع مرافق الرعاية الصحية، مع مراعاة أحجامها وكمية النفايات التي تخلفها بصورة سنوية ومواردها التقنية والمالية ومن حيث الموارد البشري.
ويوصي المقرر الخاص بمراعاة المبادئ التالية عند صياغة وتنفيذ هذه الخطط المتعلقة بتصريف نفايات مرافق الرعاية الطبية:
I. تجنب ا لنفايات/تقليلها إلى الحد الأدنى: يدعو المقرر الخاص الدول، ومرافق الرعاية الطبية والقطاع الخاص إلى اتخاذ كافة التدابير الملائمة، بما في ذلك تنظيم برامج تثقيفية، لضمان تقليل كميات النفايات الطبية إلى الحد الأدنى . وينبغي للمستشفيات، كلما أمكن، استبدال المنتجات الكيميائية الخطرة (مثل الأدوات المحتوية على الزئبق ) أو الأدوات المستخدمة مرة واحدة (مثل المقصات والأحواض ) بمنتجات بديلة أو يُعاد استخدامها . كما ينبغي تعديل ممارسات كتابة الوصفات بحيث يُتفادى وصف الحقن إذا أمكن إعطاء المريض العلاج عن طريق الفم.
II. فرز/فصل النفايات من المصدر : النفايات الطبية الخطرة تشكل 20 إلى 25 في المائة من إجمالي النفايات الطبية، وينبغي فصلها بصورة سليمة عن النفايات غير الخطرة. وينبغي أن يكون الفرز في موقع قريب ما أمكن من مكان إنتاج هذه النفايات . ويجب تجميع الأدوات الحا دة في حاويات مقاومة للخرق تفاديًا لجرح عمال النظافة وانتقال العدوى إليهم . وإذا تمت عملية الفصل بصورة سليمة، يمكن خفض النفايات الطبية التي تحتاج إلى معالجة خاصة بنسبة 1 إلى 5 في المائة من نفايات مرافق الرعاية الصحية، وتنخفض بالتالي تكاليف معالجة النفايات.
III. التغليف ووضع العلامات : إن استخدام الرموز والعلامات المتعارف عليها دوليًا جوهري لضمان التعامل الآمن مع النفايات الخطرة . وينبغي استخدام نظام موحد للعلامات والرموز والتغليف في جميع مرافق الرعاية الطبية، وجعله جزءًا من تعليمات تصريف النفايات الطبية التي تقدم للعمال الذين يتعاملون مع النفايات الخطرة في المستشفيات. وينبغي وضع النفايات الطبية في أكياس أو حاويات مقاومة ومغلقة بإحكام لمنع انسكاب النفايات السائلة أثناء الشحن والترحيل . وإذا شُحنت النفايات إلى خارج البلد لمعالجتها، ينبغي وضع علامات عليها وفقًا للاتفاقات الدولية (مثا اتفاقية بازل).
IV. المناولة والنقل والتخزين: ينبغي مناولة ونقل النفايات الطبية بطريقة تمنع تعرض العاملين وغيرهم لمخاطر يمكن تجنبها . ويجب تقليل عمليات المناولة والنقل إلى الحد الأدنى بغية تقليل التعرض للمخاطر . ويجب تخزين النفايات ال طبية في أماكن توضع عليها علامات تبيّن أﻧﻬا تحتوي على نفايات ملوثة، وينبغي أن تكون هذه المستودعات مغلقة لمنع دخول الأشخاص غير المرخص لهم.
V. إعادة التدوير : فرز النفايات من المصدر مطلب أساسي لإعادة تدوير المكونات غير الخطرة من النفايات الطبية . وهناك بعض أ نواع النفايات الخطرة التي يمكن إعادة تدويرها مثل المواد الكيميائية غير المستخدمة، التي يمكن إعادﺗﻬا إلى الجهة الموردة لمعالجتها مرة أخرى.
VI. التخلص من النفايات: اختيار طريقة التخلص من النفايات تعتمد على عدد من العوامل تشمل نوع وكمية النفايات الطبية الخط رة التي تخلفها مرافق الرعاية الصحية؛ ووجود أماكن مناسبة لمعالجة النفايات والتخلص منها (مثل الأماكن المخصصة لذلك في مرافق المستشفيات، وبعدها عن أقرب الأماكن السكنية )؛ وتوافر الموارد البشري والمالية والمادية . فمرافق الرعاية الطبية الكبيرة مثلاً قد تنتج كميات من النفايات كافية لتبرير شراء وحدة متطورة نوعًا ما لمعالجة النفايات (محرقة للنفايات الطبية مثلا )، لكن هذه المرافق غالبًا ما تكون في أماكن مكتظة بالسكان . وعلاوة على ذلك، فإن الخيارات الآمنة والسليمة بيئيًا المستخدمة في البلدان الغنية (مثل التعقيم ) قد لا ت كون مناسبة التكلفة أو لا يمكن تشغيلها في البلدان النامية (لعدم توفر الكهرباء مثلا).
6- حرق النفايات
يوصي المقرر الخاص بالتخلص من النفايات الخطرة بأسلوب سليم بيئيًا وآمن بدلا من حرقها . فالتعقيم، على سبيل المثال، هو طريقة سليمة بيئيًا لمعالجة النفا يات الملوثة التي تتطلب القليل نسبيًا من تكاليف الاستثمار والتشغيل.
ويوصي المقرر الخاص أيضًا بأن تحصل البلدان النامية على المساعدة المالية والتقنية المناسبة لتقوم بتصميم وإنشاء وتشغيل وإدارة مرافق لا تعتمد على الحرق لمعالجة النفايات الطبية.
اترك تعليقاً