الكنديدا أوريس: جرثومة جديدة مقاومة للأدوية تنتشر في المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية في العالم
أعلان المركز الأمريكي للتحكم في الأمراض (CDC) عن ظهور نوعًا جديد من الفطريات (الخمائر) تُدعى الكنديدا أوريس (Candida auris) في العديد من المنشآت الرعاية الصحية في أمريكا وفي عدد من بلدان العالم. تُسبب أمراض شديدًا في المرضى بالمستشفيات، بحيث يمكن لهذا الفطر أن يدخل مجرى الدم (Fungemia) وينتشر في جميع أنحاء أجسامهم مسبباً حدوث عدوى خطيرة يمكن أن تصيب الجهاز التنفسي والجهاز العصبي المركزي والأعضاء الداخلية مثل الكلى والكبد والطحال وكذلك الجلد والعيون.
يسبب الفطر (Candida auris) التهابات خطيرة في مجرى الدم تؤدي إلى موت المريض وخاصة المرضى الذين يعانون من مشاكل خطيرة، فقد وجد أن مريض واحد من ثلاث مصابين بعدوي هذا الفطر في الدم أو القلب أو المخ يموتون. وإحصائيات أخرى ذكرت أن وفيات المرضى الذين يعانون من عدوى فطر (Candida auris) قد وصلوا إلى 60% من أجمالي المرضى المصابين به في جميع أنحاء العالم.
هذا الفطر في كثير من الأحيان لا يستجيب للأدوية المضادة للفطريات (Antifungal medicines) شائعة الاستخدام المستعملة عادة لعلاج عدوى الخمائر (Candida infections) حتى أن بعض السلالات مقاومة لثلاث أنواع من المضادات للفطريات (Multiple Drug Resistance) مما يجعل من الصعب جدا علاج الالتهابات.
بالرغم من أكتشاف الفطر (Candida auris) حديثاً في سنة 2009 أول مرة في قناة أذن مريضة يابانية عمرها 70 سنة في مستشفى طوكيو متروبوليتان للمسنين إلا أنه أنتشر بسرعة مند ذلك الوقت وتسبب في حدوث أمراض في أكثر من عشرة دول في العالم.
يمكن أن ينتشر الفطر في المستشفيات ودور رعاية العجزة والمسنين، فتسبب حدوث فاشيات في المرافق الصحية عن طريق الاتصال مع المرضى المصابين والأسطح أو المعدات الملوثة، فالفطر يمكن له العيش على الأسطح الجامدة مثل الكراسي وجوانب السرير لفترات طويلة. كما يعتبر الفطر مقاوم لسوائل التنظيف والمطهرات الشائعة (Common Detergents And Disinfectants) مما زاد من شدة خطورته وسهولة أنتقاله.
كما يبدو أن المرضى المقيمين في المستشفيات لفترات طويلة من أجل العناية الطبية، أو لديهم قسطرة وريدية مركزية (Central Venous Catheter)، أو توجد لديهم أنابيب أخرى تدخل أجسامهم، أو سبق أن تلقوا مضادات حيوية أو أدوية مضادة للفطريات، هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بهذا الفطر.
يعتبر فطر (Candida auris) ميكروب أنتهازي (Opportunistic Pathogen)، بحيث يمكن أن يصيب الفطر مريض بدون أن تظهر عليه أعراض المرض ويمكن أن ينقله في جسمه إلى مريض أخر أو إلى أفراد عائلته بدون أن يسبب له مرض وهذه الطريقة التي تجعله ينتشر في مرافق الرعاية الصحية وفي البيوت. وبمجرد أستعمار الفطر الجسم ومع وجود أمراض أخرى مصاب بها المريض تضعف مناعته فيتمكن الفطر حينها من التسبب في مشاكل صحية أخرى تعقد من حالة المريض الصحية.
من الأشياء التي ذكرتها عدة مراجع بأن هناك صعوبة في التعرف عليه وتحديده معملياً وتفريقه عن الأنواع الأخرى من الفطريات إذا لم يتم استخدام تكنولوجيا متخصصة، فقد يؤدي هذا التعريف الخاطئ إلى حصول المريض على علاج خاطئ.
حالياً، العديد من المختبرات والوكلات الصحية بما فيها المركز الأمريكي للتحكم في الأمراض (CDC) يدرسون هذا الفطر من عدة جوانب للتعرف عليه أكثر وإكتشاف طرق لمحاربته بفاعلية. من ضمن مساعي المركز الأمريكي للتحكم في الأمراض لمحاربة الفطر (Candida auris) وإحتوائه فقد وفر سلالات من الفطر بدون أي تكاليف مالية للباحثين ومعامل الشركات البحثية المتخصصة لمساعدتهم في إجراء ابحاث مختلفة وتطوير اختبارات سريعة يمكن أن تميز هذا الفطر عن الفطريات الأخرى.
لازال العديد من العلماء يدرسون الفطر ويبحثون عنه لمعرفة المزيد وللأجابة عن العديد من التسألات بهدف حماية الناس من العدوى الخطيرة، وأيضا من أجل الاستجابة الأفضل ضد الفطر وأحتواء انتشاره ومنع الإصابات المستقبلية به، أسئلة كثيرة طرحت مثل:
من أين أتى الفطر منذ البداية، ولماذا ظهر في العديد من مناطق العالم في نفس الوقت؟ وكيفية أنتشاره في العالم عبر فحوصات الحمض النووي؟
لماذا لديه مقاومة للأدوية المضادة للفطريات؟ وكيف تكونت؟
لماذا بداء في أحداث العدوى في السنوات الأخيرة فقط؟
كيفية انتشاره في المرافق الصحية وكيفية القضاء عليه؟ وما هي سبل وقف أنتشاره ومكافحة العدوى وحماية العاملين في الرعاية الصحية منه؟
ماهي الأجراءات المعملية للكشف السريع عنه؟؟
كيف نمنع أنتشار الفطر وأنتقاله للأخرين؟
على أفراد الأسرة ومن هم محيطين بالمريض وعلى أتصال مباشر به ضرورة نظافة اليدين بالصابون أو المطهرات قبل وبعد ملامسة المريض المصاب بالفطر أو أجهزته وأدواته في حجرته، وكذلك يجب على العاملين الصحيين مع المريض الاهتمام بنظافة أيديهم بأستمرار وأرتدى الملابس الوقاية الشخصية، وأن يقوموا بتنظيف حجرة المريض تنظيفاً جيداً.
والعاملين في الرعاية الصحية ومن لهم علاقة بالمريض تطبيق إجرارات الوقاية والأحتياطات القياسية مثل النظافة اليدين وأرتدى الملابس الوقاية الشخصية للحد من انتشار الفطر. كما يجب على أخصائي التحاليل الطبية معرفة كيفية التعرف على حالات الإصابة بالفطر وعزله وتحديده في وقت سريع لمنع انتشاره بين المرضى. أيضا التبليغ عن الحالات الجديدة للسلطات الصحية لرصد المبكر لأنتشاره في المرافق الصحية.
وأخيرا، بعض علماء الجراثيم ربطوا بين انتشار هذا الفطر المقاوم للمضادات الفطرية في العالم وبين ظاهرة الأحتباس الحراري (Global warming) وأنه كان السبب الرئيسي لظهوره. المعروف بأن معظم الفطريات تفضل درجة حرارة التربة الباردة، ولكن بسبب أرتفاع دراجات الحرارة العالمية فقد أجبر الفطر على التكيف مع دراجات الحرارة العالية، لهذا عندما انتقل الفطر إلى جسم الإنسان (37 درجة مئوية) تمكن منه بسهولة.
كما أكد بعضهم أن هذا الفطر يعتبر هو بداية العديد من أنواع الفطريات التي ستتكيف مع ارتفاع درجات الحرارة، قائلين بأننا سنواجه المزيد والمزيد من المشكلات مع القرون القادمة. وأن الاحتباس الحراري سيؤدي إلى إنتاج سلالات فطرية أكثر تحملاً للحرارة وأشد فتكاً في المرضى بالمستشفيات وخاصة في المرضى من كبار السن والعجزة أو من يعانون من ضعف في مناعتهم (Weakened Immune Systems) أو أنهم يتعاطون أدوية تقلل من المناعة أو أنهم يتعاطون كمية كبيرة من المضادات الحيوية البكتيرية والفطرية فكلها عوامل مساعدة في الإصابة بهذا الفطر الخطير.
References:
Centers for Disease Control and Prevention (CDC), Fact Sheet, Candida auris: A drug-resistant yeast that spreads in healthcare facilities. www.cdc.gov/fungal/candida-auris
Centers for Disease Control and Prevention (CDC), Candida auris Testing , Information for Patients. https://www.cdc.gov/fungal/candida-auris/fact-sheets/c-auris-esting.html
Candida auris, Wikipedia, the free encyclopedia.
اترك تعليقاً