المخالفات والعقوبات التأديبية في القانون المملكة المغربية المتعلق بإدارة النفايات والتخلص منها
Violations and disciplinary penalties in the law of the Kingdom of Morocco regarding waste management and disposal
خلال العقدين الماضيين، سنت غالبية دول العالم اللوائح والتشريعات القانونية التي تنظم إدارة نفايات الرعاية الصحية، وذلك بسبب خطورتها الكبيرة وما تسببه من مشاكل صحية وبيئية إذا لم يتم التعامل معها بالطرق السليمة، ولعل حدوث جوائح وأوبئة خطيرة في السنيين الماضية وما نتج عنه من انتشار الأمراض المعدية التي تسببت في إصابات وحالات وفيات كثيرة، كان الدافع الكبير للحكومات الصحية والإدارات ذات العلاقة لسن قوانين صارمة وتطبيق عقويات شديدة لمرتكبي تلك المخالفات.
ولعل أكبر تحدي يواجه أعضاء اللجان القانونية والمشرعين والذين أنيطت لهم مهمة سن تلك القوانين هو كيف يتم تقدير حجم الضرر؟ الناتج عن الأهمال من العاملين أو الأخطاء غير المتعمدة أو الأعمال المقصودة وكيف يتم تقدير حجم العقوبة التي تقابلها، سوا كانت عقوبات تأديبية إدارية أو غرامات مالية أو عقويات تجريم تصل إلى حجز الحريات (الحبس) وغيرها.
فأحيانا كثيرة، يكون الضرر الناتج عن سوء التعامل مع النفايات الطبية غير ملاحظ على المدى القريب، وأثارها الضارة بعيدة المدى وكبيرة جدا، مثل تصريف بعض السوائل الكيميائية من نفايات المستشفيات عبر الصرف الصحي والتي تكون محتوية على مواد خطرة ومعادن ثقيلة، والتي يكون تراكمها في البيئة وضررها كبير جدا على فترات طويلة، من حيث الأضرار في النظم البيئية والتنوع البيولوجي وغيرها.
وكذلك في حالة أهمال طواقم التمريض ورميهم نفايات خطرة محتوية على أدوات حادة ملوثة بالدماء والتي قيد ينتج عنها وخز أحد العاملين في نقل النفايات من الشركات المتعاقد معها، فتحدث له إصابه بفيروسات الدم، وما قد ينتج عنها من أمراض خطيرة، وأيام كثيرة من المعانات والكشوفات والتحاليل والتعطيل عن العمل والخسائر الأقتصادية للعامل والدولة وأحيانا تصل الخسائر إلى مرحلة وفاة دلك العامل والخسارة كبيرة لأسرته وللمجتمع ككل حين يفقد شخص مؤهل صاحب وظيفة وله أسره كاملة معتمدة على مرتباته.
هناك في بعض الدول الغنية ذات الأمكانيات المالية الكبيرة، سنت قوانين بيئية صارمة وعقويات شديدة للمخالفين، كما ورد في إحدى الأخبار عند تم العثور على إبرة مرمية في ساحة إحدى المؤسسات الصحية، الأمر الذي كلف تلك المؤسسة غرامة مالية وصلت إلى 100 ألف يرو، ربما مثل هذه العقويات من الصعب تطبيقها في الدول العالم الثالث، لعدم وجود قوانين بيئية صارمة مع الأفتقاد للأمكانيات المالية لأنشاء إدارة نفايات قوية وفاعلة.
في احد الأستطلاعات للرأي في مجلة الكترونية عربية (اليوم السابع) تم سؤال القراء هل تؤيد تغليظ عقوية التخلص من النفايات الطبية بشكل غير أمن، فأجاب 97% من أجمالي القراء بالموافقة على تغليظ العقوية بينما عارض فقط 3% من القراء تغليظ عقوية التخلص من النفايات الطبية بشكل غير أمن، مما يدل هذا الأستطلاع على حجم التحسس الكبير من هذه المشكلة وأعتبارها مشكلة حياة أو موت، وهذا يحدث في غالبية المجتمعات العربية.
سنتكلم هنا، عن المخالفات والعقوبات التي تخص إدارة النفايات الخطرة ومنها النفايات الطبية في إحدى قوانين الدول العربية، لأعطاء فكرة عن نوع المخالفة وحجم العقوية التي تقابلها. قانون المملكة المغربية رقم 28 لسنة 2006 (تم تعديله في سنة 2012) المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، في الباب الثاني: المخالفات والعقويات.
جاء في المادة 70 من القانون المذكور، يعاقب بغرامة من عشرة آلاف (1081.8 دولار) إلى مليوني درهم (216375 دولار) وبحبس من ستة أشهر إلى سنتين أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل من قام بإيداع أو رمي أو طمر نفايات تعد خطرة حسب القائمة المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة 29 أعلاه أو قام بتخزينها أو معالجتها أو التخلص منها أو إحراقها خارج الأماكن المعينة لهذا الغرض.
يعاقب المخالف بغرامة من مائتي (21.6 دولار) إلى عشرة آلاف درهم (1081.8 دولار) ، إذا تعلق الأمر بإيداع أو رمي أو طمر أو تخزين أو معالجة أو إحراق أو التخلص من النفايات المنزلية أو النفايات المماثلة لها أو النفايات الصناعية أو الطبية والصيدلية غير الخطرة أو النفايات الهامدة أو النفايات الفلاحية خارج الأماكن المعينة لهذا الغرض.
أما المادة 72، والتي لها علاقة بتصدير أو استيراد النفايات الخطرة فيعاقب في القانون المغربي بغرامة من خمسين ألف (5409.3 دولار) إلى مليوني درهم (216375 دولار) وبحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ، كل من قام بتصدير أو استيراد نفايات خطرة دون التقيد بالأحكام المنصوص عليها في القسم السادس من هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه.
أما عقوبة خلط النفايات الخطرة مع باقي أصناف النفايات الأخرى بالمادة 73 فتصل إلى غرامة مالية من مائة ألف (10818.7 دولار) إلى مليوني درهم (216375 دولار)، وبحبس ثلاث أشهر إلى سنتين سنتين أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، إلا في حالة الترخيص كما جاء في المادة 35 أنه لا يجوز خلط النفايات الخطرة مع باقي الأصناف الأخرى من النفايات عند القيام بعمليات جمعها أو نقلها أو تخزينها أو تثمينها أو التخلص منها أو إيداعها بالمطارح. غير أنه يمكن للإدارة منح ترخيص استثنائي للمنشآت المعنية إذا كان خلط النفايات الخطرة مع نفايات أخرى ضروريا لتثمين هذه النفايات أو معالجتها أو التخلص منها.
أما المادة 74، يعاقب بغرامة من عشرة آلاف (1081.8 دولار) إلى مليون درهم (108187.6 دولار) وبحبس من شهر إلى سنة أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من قام بتسليم نفايات خطرة لشخص أو لمنشأة غير مرخص لها بذلك بغرض معالجتها أو تثمينها أو إحراقها أو تخزينها أو التخلص منها.
أما من قام بإحراق نفايات في الهواء الطلق باستثناء النفايات المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة 7 في القانون وهي النفايات النباتية المتأتية من الحدائق والقش من الحقول، فيعاقب بالمادة 76 بغرامة من خمسة آلاف (540.9 دولار) إلى عشرين ألف (2163.7 دولار) درهم وبحبس من شهر إلى سنة أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
أما المادة 79، فيعاقب بغرامة من مائتي (21.6 دولار) إلى ألفي درهم (216.3 دولار) على الأفعال مثل رفض تزويد الإدارة بالمعلومات المشار إليها في المواد السابقة مثل خصائص النفايات والكميات والمصادر وغيرها أوفي حالة تزويد الجهات المعنية بمعلومات خاطئة؛ أو في حالة عدم وضع ملصقات على لفائف وحاويات النفايات الخطرة طبقا لما هو منصوص عليه في القانون؛ أو في حالة عدم القيام بوضع جرد لأنواع وكميات النفايات طبقا لما هو منصوص عليه في هذا القانون؛ أو في حالة منع المفتشين المراقبة المشار إليهم في القانون من أداء مهامهم.
في حالة تعدد المخالفات لأحكام هذا القانون تطبق العقوبة الأشد كما جا في المادة 80. وتضم العقوبات المالية سواء كانت أصلية أو إضافية إلى العقوبة السالبة للحرية إلا إذا قرر الحكم خلاف ذلك بعبارة صريحة. أما المادة 81، فتضاعف العقوبات المنصوص عليها في هذا القسم في حالة العود شريطة ارتكاب نفس المخالفة أو مخالفة ذات تكييف مماثل خلال الستة أشهر الموالية للتاريخ الذي أصبح فيه الحكم الأول بالإدانة حائزا لقوة الشيء المقضي به.
الملاحظ في هذا القانون (المرجع)، أن المشرع قد شمل في القانون على العديد من النقاط المهمة في إدارة النفايات الخطرة للحد من تأثيرها في البيئة المحيطة، فهو قانون كما جاء في المادة 1، يهذف لوقاية صحة الإنسان والحيوان والنبات والمياه والهواء والتربة والأنظمة البيئية والمواقع والمناظر الطبيعية والبيئة بصفة عامة من الآثار الضارة للنفايات وحمايتها منها.
القانون قد غطى العديد من المشاكل التي ربما تحدث عند التعامل مع النفايات الخطرة سواء كانت مشاكل وأختراقات متعمدة أو أخطاء نتيجة الأهمال، وأيضا اعطت مساحة لمنفذي القانون للتحرك بها فيما يخص العقوبات والغرامات وحجم المشكلة.
هذا القانون صادر في سنة 2006، وتم تعديله في 2012، والعقوبات التي وضعت تحتاج إلى تحديث كل عدة سنوات، فالغرامة المالية قد تكون رادعة في تلك السنوات ولكنها قد لا تكون رادعة بعد عدة سنوات بسبب التغيير في قيمة العملة والصرف وهذا من الأمور الطبيعية. بصفة عامة يعتبر هذا القانون من القوانين العربية الجيدة وقد غطى جوانب ونقاط مهمة جدا في التعامل مع النفايات الخطرة.
في الختام لدي سؤال: هل تعتبر هذه العقوبات التأديبية المذكورة أعلاه توافق حجم الجرم والضرر المرتكب في إدارة النفايات الخطرة؟
المصادر:
اترك تعليقاً