تلوث المياه السطحية بالمضادات الحيوية بسبب الصناعات الدوائية يساهم في خلق ميكروبات معدية أكثر خطورة
Contamination of surface water with antibiotics due to the pharmaceutical industries contributes to the creation of more dangerous infectious microbes
في نوفمبر 2016 ، وجد مجموعة من علماء الألمان أن جميع العينات التي تم جمعها من مواقع قرب منشأت لتصنيع الأدوية في حيدر أباد والقرى الهندية المجاورة لها، وهي المنطقة المعروفة باسم منطقة باتانشير بولارام، الهند، المنطقة كانت ملوثة بمضادات الميكروبات، حيث وجدوا أن 95٪ من تلك العينات التي تم إختبارها كانت تحتوي على مستويات عالية بشكل مثير للقلق على البكتيريا والفطريات المقاومة للمضادات الحيوية.
قادت هذه النتائج الباحثين الألمان إلى استنتاج أن: “عدم كفاية إدارة مياه الصرف الصحي من قبل مرافق مصانع الأدوية قد أدي إلى تلوث غير مسبوق لموارد المياه بالأدوية المضادة للميكروبات. هذه المنطقة الصناعية في حيدر أباد هي المكان الذي يتم فيه إنتاج أكثر 50٪ من صادرات الأدوية الهندية، هناك ما يقرب من 170 شركة تعمل في المنطقة – حيث تعتبر الهند حالياً هي خامس أكبر منتج للأدوية العامة في العالم.
هذا المستوى الخطير من التلوث الدوائي لا يزال موجود على الرغم من ضغوط المنظمات غير الحكومية (NGO) والإدارات الحكومية والجهات القضائية على الشركات العاملة في المنطقة لتنظيف أعمالها. في عام 2009 ، تم تصنيف منطقة باتانشير بولارام في مؤشر التلوث الوطني الهندي على أنها “ملوثة بشكل خطير” وفي عام 2016 ، أمرت المحكمة العليا في البلاد شركات الأدوية بتنفيذ وتطبيق سياسة عدم وجود نفايات سائلة (Zero Liquid Waste Policy).
كما لاحظت عدة منظمات منها منظمة (Safer Pharma) أن “تلوث مصادر المياه بالأدوية المضادة للميكروبات (جنبًا إلى جنب مع سوء الاستخدام الجماعي للمضادات الحيوية وسوء الصرف الصحي) كان له عواقب وخيمة في الهند، حيث يموت ما يقدر بنحو 58000 مولود جديد بسبب عدوى مقاومة للأدوية المتعددة (Multidrug-Resistant Infections) كل عام”. حيث استندت المنظمة في هذه الأرقام والإحصائيات على مشروع بحثي قام به الباحث (Laximnarayan) والأخرين ونشر في المجلة العلمية لأنست (The Lancet) في نوفمبر 2013.
لقد دفع الحجم الهائل لمشكلة التلوث من تصنيع الأدوية المتخصصين في الصحة العامة الهنود ومجموعات الحملات والسكان المحليين إلى دعوة الاتحاد الأوروبي (EU) لمراجعة ممارسات التصنيع الجيدة وتضمين هذه الاعتبارات أثناء عمليات تفتيش المصانع. تأتي الرسالة في أعقاب إعلان الاتحاد الأوروبي أنه ألغى خطط تضييق الخناق على التلوث الدوائي.
يأمل المشاركون في الحملة أن الضغط من المجموعات المحلية المتأثرة بشكل مباشر بتلوث صناعة الأدوية سيقنع الاتحاد الأوروبي بالتراجع عن قراره السابق، ايضا دفع الحكومات للوفاء بوعودها للضغط على قطاع الصناعة الدوائية الهندية للتخفيف من العواقب البيئية لتصنيع الأدوية.
كما أكدت الدراسات التي أجراها العلماء الهنود هذه النتائج للبحاث الألمان. فقد أجروا دراسات مشابهة جمعوا عينات من أنواع البكتيريا من عدة مسطحات مائية (سدود مياه ومحطات معالجة مياه الصرف وبحيرات) قرب المنشأت الصناعية الدوائية، وجدوا ان تلك البكتيريا تحتوي على جين يسمى (NDM-1, New Delhi metallo-beta-lactamase-1) يجعلها مقاومة لفئة المضادات الحيوية الأكثر فاعلية، والمعروفة باسم الكاربابينيمات (Carbapenems) ، والتي تعتبر الملاذ الأخير من المضادات الحيوية المستخدمة في حالات العدوى التي يصعب علاجها والتي تسببها البكتيريا المقاومة للأدوية المتعددة (Multidrug-Resistant bacteria).
أحد البحُاث الهنود علق على نتائج ابحاثه، أنه بالرغم من أختلاف التراكيز إلا أن وجود تلك البكتيريا المحملة بذالك الجين وجد في حميع العينات وهذا الأمر مثير للقلق. فبمجرد ملامسة المياه الملوثة من هذه المسطحات المائية يكفي لتعريض الشخص لخطر جسيم لأن البكتيريا الحاملة للجين يمكن أن تسبب التهابات في البشر والتي قد يكون من الصعب أو حتى المستحيل علاجها ، كما يمكن أن يسبب فقدان الحياة. كما يمكن لمثل هذه البكتيريا أن تنقل الجين (NDM-1) إلى بكتيريا أخرى في الإنسان – المعروف باسم نقل الجينات الأفقي (horizontal gene transfer)، مما يمنحه مقاومة مماثلة ضد الكاربابينيمات.
كما استمر الباحث الهندي في شرح نتائجه المنشورة في مجلة الهندسة البيئية أن عددًا كبيرًا من السكان في تلك المناطق ربما يكون قد تعرضوا بالفعل للبكتيريا الحاملة للجين (NDM-1) فقد قدر أنه ما بين 2-77 شخص من 100 قد يكونون قد تعرضوا من خلال ملامساتهم المباشرة بالمسطحات المائية.
ليس من السهل سواء في الهند حيث إجريت تلك الدراسات أو في أي دولة أخرى معرفة الحالات التي تموت بسبب مقاومة للمضادات الحيوية كل عام. ولكن زيادة حالات العدوى الميكروبية المقاومة المضادات الحيوية ملاحظ بشكل كبير، حيث تعتبر مقاومة المضادات الحيوية هي أكبر تهديد للصحة العامة في العالم خلال القرن الحادي والعشرين.
وحسب تقرير فريق التنسيق المشترك بين الوكالات التابع للأمم المتحدة المعني بمقاومة مضادات الميكروبات (UN Ad hoc Interagency Coordinating Group on Antimicrobial Resistance) الذي أصدر التقرير قال فيه: إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء فإن الأمراض المقاومة للأدوية يمكن أن تسبب 10 ملايين حالة وفاة كل عام بحلول عام 2050 وتضر بالاقتصاد بنفس القدر من الكارثة مثل الأزمة المالية العالمية 2008-2009 . بحلول عام 2030 ، يمكن أن تدفع مقاومة مضادات الميكروبات ما يصل إلى 24 مليون شخص إلى الفقر المدقع.
حاليًا ، يموت ما لا يقل عن 700000 شخص كل عام بسبب أمراض مقاومة للأدوية ، بما في ذلك 230.000 شخص يموتون من مرض السل المقاوم للأدوية المتعددة. المزيد والمزيد من الأمراض الشائعة ، بما في ذلك التهابات الجهاز التنفسي والأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي والتهابات المسالك البولية ، لا يمكن علاجها ؛ أصبحت الإجراءات الطبية المنقذة للحياة أكثر خطورة. لهذا فإحدي تلك الإجراءات للحد من تفاقم هذه المشكلة هي التحكم في الصناعات الدوائية والحد من التلوث الدوائي الذي يمكن أن يسبب مشاكل صحية وبيئية خلال عمليات التصنيع.
Ref:
Allie Nawrat (2018). Pharma and the environment: pollution continues despite public pressure. 02 Oct 2018
https://www.pharmaceutical-technology.com/features/pharma-and-the-environment-pollution-trend/
Rajeev Ranjan and Shashidhar Thatikonda. (2021). Risk-Assessment Method to Forecast Health Hazards Correlated with Distribution of NDM-1 Gene in Waterbodies Surrounding Hyderabad, India. Journal of Environmental Engineering Vol. 147, Issue 5
V Nilesh. (2021). Beware! This deadly bacteria is thriving in Hyderabad lakes. The new Indian Express. 16th March 2021 08:45 AM
WHO. New report calls for urgent action to avert antimicrobial resistance crisis
WHO. (2020). Antimicrobial resistance. Key fact.
https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/antimicrobial-resistance
اترك تعليقاً