تُجار الشنطة للأدوية والمنتجات الصيدلانية في ليبيا
Black Market Dealers of Drugs and pharmaceutical products in Libya
من فترة لفترة تكتشف الأجهزة الأمنية المتمثلة في شرطة الجمارك بالمعابر الحدودية والمطارات وكذلك أفراد شرطة البلدية في المدن وأفراد البحث الجنائي كميات كبيرة من أدوية يتم تهريبها إلى ليبيا عبر السيارات والشاحنات العابرات للحدود أو عبر حقائب المسافرين في المطارات.
هذه التجارة للأدوية المهربة بواسطة المهربين عبر الحقائب (يطلق عليهم في ليبيا تُجار الشنطة) راجت بشكل كبير خلال السنوات الماضية وأزدادت بعد الأزمات والحروب التي مرت بها البلاد، وأزدياد الطلب على الأدوية بعد ضعف الخذمات الصحية المقدمة للمواطن، وإنهيار شركة الأدوية العامة التابع لوزارة الصحة الجهة الرسمية الوحيدة التي كانت مخولة قانونيا ً لإستجلاب الأدوية والمنتجات الصيدلانية.
خلال العقد الماضي، العديد من أصحاب الصيدليات الخاصة بما فيها الصيدليات الكبيرة المشهورة في مدينة طرابلس أصبحوا يعتمدون اعتماداً كبيراً على تُجار الشنطة في استجلاب العديد من الأدوية بهدة الطريقة السيئة، حتى أنهم يقومون بتوظيف مجموعات من الشباب الصغير السن والمحتاجين للعمل وإرسالهم لجلب الأدوية بواسطة الحقائب والشنط فهذا لا يكلفهم الكثير من الأموال بالمقارنة بالإجراءات الجمركية القانونية الصحيحة.
تكون هذه الأدوية مخزنة في صندوق السيارة الخلفي أو ما بين الملابس المسافرين في حقائب السفر أو في أماكن معزولة من الشاحنات الكبيرة معرضة للحرارة الشديدة والضغط لساعات طويلة وأحيانا أيام خلال السفر وعبور الحدود البرية الليبية المصرية أو الليبية التونسية أو عبر الحدود الليبية البرية الجنوبية للدول الأفريقية المجاورة مثل تشاد أو النيجر أو السودان، أو أحياناً كثيرة عبر المطارات في عبوات صغيرة توزع على عدة حقائب حتى لا تكون ملاحظة من قبل رجال الجمارك وإذا ما تم ضبطها على أنها فقط للأستعمال الشخصي.
لا يراعى في إستجلاب تلك الأدوية شروط التخزين حتى أن بعضاً منها تعتبر من ذوات الحلقة الباردة وتحتاج لثلاجة تبريد ووسيلة نقل خاصة، وهذا بالطبع لا يؤخذ في الأعتبار لأنه مكلف، ولأن معظم تجار الشنطة للأدوية والمنتجات الصيدلانية هم مهربين صغار في السن ذوي مستوى تعليمي بسيط ولا يفقهون شيء بخصوص الأدوية والمنتجات الصيدلانية ولا يفقهون طرق التخزين السليم حتى أن الغالبية منهم لا يعرفون اللغة التي كتبت بها علب الأدوية. فقط يقومون بإستجلاب ما يطلب منهم أو إستجلاب المنتجات التي يحتاجها السوق وبها نقص شديد. وللاسف معظم الصيادلة يعتمدون على هذه الطريقة في تجارتهم وخاصة بعد إنهيار الدولة الليبية وفشل الحكومات المتتالية في تكوين دولة ومؤسسات صحية جيدة يمكن لها مراقبة هذه التجارة ومحاربتها.
هذه المشكلة تفاقمت بشكل كبير في الأونة الأخيرة، الامر الذي يتطلب من السلطات المحلية والأمنية التدخل لوقف هذه التجارة في السوق السوداء للادوية والمنتجات الصيدلانية. كما أن هذه الطريقة في نقل المنتجات الصيدلانية تسبب في فساد كميات كبيرة من الأدوية الامر الذي يجعل من تلك الأدوية تتراكم مع الوقت في مخازن الصيدليات وتصبح نفايات خطرة أو يتم صرفها للمواطن وهي غير فعالة بل أن بعضها ربما قد يتحول إلى مواد سامة قاتلة بدلا من مواد علاجية، إذا أخذنا في الاعتبار عدم معرفتنا لمصادر تصنيع هذه الأدوية والتي تكون عادة من مصادر رخيصة وصناعات مقلدة ومزيفة عن الأدوية الأصلية.
أحد أسباب الرئيسية لإزدهار هذه التجارة هم بعض أصحاب الصيدليات الخاصة حيث يقومون بشراء الأدوية والمنتجات الصيدلانية من تجار الشنطة بدون معرفة مصدرها مما يحفزهم في الأستمرار في هذه التجارة الخطيرة التي تمس صحة وأرواح الناس. فالواجب الوطني والأخلاقي يحتم عليهم عدم شراء المنتجات الصيدلانية إلا من مصادر مؤثوق بها معتمدة من قبل وزارة الصحة أو من وكلاء رسميين معتمدين لدى الشركات الأدوية العالمية ذات المصداقية.
مشكلة التجارة في الأدوية المهربة تعتبر من ضمن المشاكل الصحية التي تعاني منها ليبيا، ولكن أيضا تعاني منها بعض الدول العربية الأخرى بدراجات متفاوثة، فيجب على الجميع محاربتها.
أخيرا، تنظيم تجارة الأدوية في الدولة ومراقبتها ليس بالأمر الصعب، لهذا يجب على الدولة العمل على إعادة تفعيل الشركة العامة للأدوية كمصدر رئيسي والوحيد في الدولة لأستجلاب الدواء أو على الأقل تعطي لها صلاحيات مراقبة هذه التجارة في الصيدليات التجارية والحكومية، كما يجب إعطى السلطات المحلية صلاحيات أكبر للضبط القضائي لمراقبة هذه التجارة الخطيرة وسن عقوبات صارمة بخصوص المخالفات الجنائية للمهربين وتجار الشنطة.
اترك تعليقاً