حوادث قاتلة بسبب سوء التعامل مع المخلفات الطبية المشعة
استخدام الأشعة في تشخيص أو علاج الأورام تعتبر من أحد فروع الطب الحديث، وتعتبر المعالجة الإشعاعية من أسرع المجالات في معالجة السرطان نموا في السنوات الأخيرة، حيث تم الحصول على نتائج باهرة من التقنيات الحديثة والتي تعالج النسيج السرطاني بالأشعة بواسطة أجهزة عالية التقنية فنجحت في إيقاف نمو الخلايا السرطانية أو إلى قتلها والقضاء عليها نهائيا.
حيث أن الحزم المستخدمة في المعالجة الإشعاعية تؤثر على DNA ( المادة الوراثية) الموجودة في الخلية السرطانية، فعندما يتلف DNA في النواة الخلية بشكل كاف تفقد الخلية قدرتها على الانقسام ، فيتوقف السرطان عن النمو و يبدأ بالتقلص حيث أن الخلايا الميتة في النسيج السرطاني لا تتجدد، وعلى الرغم من أن الخلايا الطبيعية المحيطة تتأثر هي أيضا بالإشعاع ولكنها تتعافى بسرعة مقارنة بالخلايا السرطانية.
لكل هذه الفوائد انتشرت أجهزة المحتوية على مصدر إشعاعي في معظم دول العالم وكثر استخدامها في تشخيص او علاج الأورام، ولكن التعامل مع هذه التقنية ليس بالسهل لهذا وضعت إجراءات صارمة للتعامل مع هذه الأجهزة وبالأخص المصدر الأشعاعي بداخلها. فالعبث بهذه الأجهزة ومحتوياتها ربما يسبب في كوارث وأضرار على الأفراد المعرضين لذلك.
سأسرد في هذه المقالة بعض الكوارث والحوادث حدتث في بعض دول العالم بسبب العبث بمحتويات الأجهزة الطبية الإشعاعية، أحيانا هذا العبث يكون بغير قصد من بعض الأفراد وهذا ما حدث في بعص القصص ولكن قصص أخرى حدث العبث بالأجهزة متعمدا بقصد المتاجرة بها والاستفادة المالية منها ولكنها أيضا كانت عن جهل كبير عن ماذا يوجد داخل هذه الأجهزة وما تستطيع هذه المواد فعله من ضرر في الأنسان.
حادثة المكسيك والولايات المتحدة 1983
حادثة تلوث أشعاعي تعتبر حادثة دولية بسبب تأثر دولتين مجاورتين بالأشعاع هما المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية، حيث بداءت القصة سنة 1983 في مدينة سويداد سوريز بالمكسيك (Ciudad Juarez, Mexico) عندما قام مجموعة من الأشحاص بالعبث بجهاز أشعاعي علاجي يحتوي على 6000 قطعة صغيرة مشعة بمعدن الكوبلت 60 كان مركون في مركز طبي قديم ففتح الجهاز بالقصد وتم تحويل أجزاء الجهاز إلى موقع أخر لإعادة تصنيع الخردة والمعادن.
فثم تحويل الخردة إلى أسلاك وقضبان حديد البناء وقد بيعت تلك القضبان البناء إلى عدة تجار ومقاولين بناء فأستخدمت في بناء منازل، وجزء أخر تم بيعه وتصديره عبر الحدود في شاحنات إلى أمريكا.
وقد ثم إكتشاف تلوث تلك القضبان بالمصادفة بعد تصديرها إلى أمريكا سنة 1984 عندما أخطاء سائق احد الشاحنات في الطريق وأقترب من أحد المختبرات العلمية كانت لديه جهاز حساس للأشعاع وضع لمراقبة المختبر وما يخرج منه فتم إيقاف الشاحنة وتأكدوا من حجم التلوث في تلك قضبان، فثم الإبلاغ عن تلك الشاحنة لسلطات المختصة وتم إيقاف خمسة شاحنات أخرى عبرت الحدود المكسيكية في نفس اليوم كانت كلها ملوثة بالأشعاع.
خلال الأسابيع التالية لأكتشاف الشاحنة الملوثة تم تحديد 900 طن من الحديد الملوث بالأشعاع في أمريكا. هذه الحادثة نتج عنها تعرض عشرة أشخاص لكميات كبيرة من الأشعاع والبعض منهم مات بسبب الجروح.
أما في مدينة (Ciudad Juarez ) التي كان بها الجهاز تم التعرف على 21 منطقة ملوثة بالأشعاع كانت بها الشاحنات، وقد قامت السلطات المحلية بتدمير 109 منزل استخدم في بناءها قضبان الحديد الملوث بالأشعاع، هذه الحادثة لا زال تأثيرها في الأشخاص ليومنا هذا بسبب جروح تلك الإشعاعات.
حادثة المغرب 1984
سنة 1984 قام شخص بنزع مصدر مشع (iridium-132 ) من الجهاز طبي بعدم دراية وجهل تام بمحتوياته تم رفع ما وجده داخل الجهاز إلى بيته وتركه لاسابيع مركون في فناء البيت فسبب في تعرض الأسرة بالكامل والأشخاص المحيطين لخطر الأشعاع. نتج عن هذه الحادثة وفاة ثمانية أشخاص لتعرضهم لجرعات قوية لم يستطيعوا النجاة منها، وايضا سببت الحادثة في تعرض الكثيرون لجرعات قوية من الأشعاع وأحتاجوا لعناية طبية مركزة.
حادثة البرازيل سنة 1987
حادثة مشهورة عالميا حدتث بمدينة غويانيا البرازلية سنة 1987 بدايتها كانت بسرقة رأس جهاز أشعاعي تشخيصي قديم بأحد المراكز الصحية المغلقة، وكان يحتوي على معدن السيزيوم -137 المشع، ثم العبث بمحتويات الجهاز وتفكيكه ونقله بعربة مفتوحة حيث تركت أجزاء من الجهاز لعدة أيام في صندوق السيارة في منطقة مكتظة بالسكان، بعض الأجزاء بيعت كخردة نقلت لمصنع لأعادة تصنيعها.
هذه الكارثة سببت في موت 4 اشخاص تحصلوا على جرعات قوية جدا وإصابة 249 شخص بسبب جرعات زايدة من الإشعاع، وبسبب حجم الكارثة وأنتشارها تمت مراقبة نسبة الإشعاع لدى عامة الناس بالمدينة في ملعب كرة قدم، حيث تمت مراقبة حوالي 112 الألف مواطن بالمدينة. أما بالنسبة لحجم الكارثة التي إصابت المدينة بسبب بناء المنازل بتلك القضبان الملوثة بالإشعاع فتم تدمير 85 منزل ملوث بشكل كبير وحوالي 200 شخص تم إجلاءهم من منازلهم، ونتج عن هذه الكارثة تراكم كميات ضخمة من مواد البناء والنفايات الملوثة باٌشعاع تم التخلص منها بطرق آمنة ولكنها كلفت مبالغ مالية ضخمة.
حادثة الهند 2010
هذه القصة الرابعة حدتث في الهند بمدينة (Mayapuri) سنة 2010 وكانت بسبب جهاز عاطل يستخدم للتشخيص الأمراض لم يستحدم منذ سنة 1985 ملك جامعة دلهي الجديدة والذي تم بيعه إلى تجار الخردة في مزاد علني، حيث قام التاجر الذي اشتراه وهو جاهل بمحتوياته بتفكيكه إلى 11 قطعة لغرض بيعه، فسببت هذه الحادثة مقتل أحد العاملين الذين قاموا بتفكيك الجهاز وجرح 8 أشخاص يعملون في المكان.
وأخيرا، استخدامات الإشعاع في المجال الطبي مستمرة باستمرار وجود المرض والعلاج، وستسمر الشركات المصنعة في أنتاج أجهزة محتوية على عناصر مشعة لأستخدامات عدة، وبالرغم من كل هذا التقدم لا زال هناك أشخاص يجهلون التعامل مع هذه الأنواع من الأجهزة.
في القصص المذكورة كانت كلها بسبب العبث بأجهزة طبية تعتبر مخلفات ونفايات يراد التخلص منها، نعم أنها نفايات ولكنها لها وضع خاص وخطور خاصة وقد لمسنا حجم الكارثة التي نتجت بسبب العبث بها، خسائر كبيرة في الأرواح وأضرار صحية ومادية ضخمة للأفراد والبيئة المحيطة.
لهذا يجب علينا دائما تذكير الجميع بمثل هذه الكوارث ويجب علينا دائما تثقيف الجميع بمثل هذه المخاطر لأننا لمسنا من خلال هذه القصص أن جهل بعض الاشخاص سبب في ضرار لمجتمع كامل.
اترك تعليقاً