لعل الكثيرين يتسألون كيف تعاملت الصين مع الحجم الضخم من النفايات الطبية الناتجة عن مرضى فيروس الكورونا الجديد (COVID-19) الذي تم الإعلان عن ظهوره أول مرة في 31 ديسمبر 2019 ومنذ ذلك الوقت أنتشر أنتشار رهيب في معظم دول العالم وإلى أكثر 73 دولة حتى وصل عدد الإصابات بالفيروس حول العالم إلى أكثر من 90.893 ألف إصابة نتج عنها 3111 حالة وفاة، وهذا الإحصائيات حتى تاريخ كتابة هذه المقالة.
عدة تقارير صحفية تكلمت عن إدارة وعن وكيفية تعامل دولة الصين مع النفايات الطبية في مستشفيات مقاطعة هوبي (Hubei Province) التي تضم المدن الأكثر تضررا من انتشار وباء فيروس الكورونا الجديد (COVID-19) مثل مدينة ووهان (Wuhan) مركز بؤرة تفشي الفيروس التاجي الجديدة وكذلك المدن المتضررة الأخرى في نفس المقاطعة مثل شياوقان وغيرها.
بصفة عامة، فقد ذكرت عدة تقارير أن حجم التعامل مع النفايات الطبية في الصين أزداد بمقدار الضعف بسبب التزايد الكبير في أعداد المصابين الأمر الذي جعل بعض وسائل الأعلام تظهر تكدس أكياس نفايات طبية مرمية في ساحات المستشفيات مما أثار مخاوف عامة من زيادة أنتشار الإصابات.
كما ذكرت بعض التقارير أن تفشي المرض بهذه الوثيرة السريعة وضع منظومة معالجة النفايات الطبية الصيني والذي تعتبر غير متطورة نسبياً في وضعية حرجة. كما أكدت المصادر أن القدرة الغير الكافية لمعالجة النفايات في بعض المناطق المنكوبة، بالإضافة إلى رسوم التخلص الضخمة، ساعدت في إنشاء صناعة غير قانونية للتخلص من النفايات الطبية.
الزيادة السريعة في أعداد المصابين القادمين للمستشفيات رافقه زيادة سريعة في كمية النفايات الطبية، الأمر الذي زاد من الضغط على العاملين بالمستشفيات في جمع ونقل النفايات الطبية، فازدادت ساعات العمل من 10 ساعات يوميا إلى 14- 15 ساعة في اليوم، الأمر الذي أرهق كاهل العمال وخاصة في فترة دروة انتشار الفيروس في بداية الوباء وسبب نقص حاد في عدد العمال إلا أن هذه الحالة تمت معالجتها بسرعة بزيادة أعداد العاملين المساندين الأمر الذي جعل الحالة ترجع إلى تحت السيطرة.
في فترة الدروة وبسبب هذا الضغط من قلة العمالة ونقص شاحنات النقل وتراكم النفايات في محطات المعالجة والتي لم تستطيع تغطية ومعالجة كامل الكميات أصبحت النفايات الطبية تتراكم في مواقف السيارات خارج المستشفيات في ووهان، وقد ذكر تقرير أن كمية قد وصلت إلى 200 طن من النفايات الإضافية تراكمت داخل ساحات التخزين وفقاً لتقديرات الحكومة.
لحل هذه المختنقات، أرسلت وزارة البيئة الصينية (The Ministry of Ecology and Environment) العديد من محطات معالجة نفايات طبية المحمولة (Mobile Disposal Units) وأسطول من سيارات شحن نقل النفايات الطبية إلى المناطق المنكوبة لتسريع عملية التنظيف والتخلص من النفايات المعدية، كما قامت المدن الأخرى بأرسال شاحنات نقل نفايات وكذلك عمال لتسريع من عمليات التنظيف والتخلص من النفايات في المدن المنكوبة والعمل خلال النهار والليل.
وقد أظهرت البيانات الصادرة من الوزارة نفسها أن في مقاطعة هوبي، التي تحتوي غالبية المصابين، أن قدرة معالجة النفايات الطبية بلغت مع حلول 11 فبراير 2020 إلى 317.5 طن يوميا حيث كانت قبل حدوث الوباء فيروس الكورونا الجديد فقط 180 طن في اليوم. كما ذكر نفس التقرير أن في مقاطعة هوبي يتم جمع حوالي 187 طناً من النفايات الطبية يومياً، منها 125 طناً تتعلق بفيروس الكورونا الجديد.
كما ذكر التقرير عن وزارة البيئة أن هناك العديد من منشآت التخلص من النفايات في الحالات الطارئة (Emergency disposal facilities) لها مقدرة على التخلص من حوالي 55.8 طن يومياً من النفايات في حالة أن لزم الأمر وازدادت حالات الإصابات. بصفة عامة نظرا للطلب على خدمات شركة معالجة النفايات الطبية، فقد شهدت أسهم ستة شركات صينية لمعالجة النفايات ارتفاع أسعار أسهمها في البورصة بعد تفشي فيروس الكورونا الجديد، ولكن هناك توقعات في السوق المالي بتشديد اللوائح على الشركات كما حدث بعد اندلاع مرض السارس عام 2003.
كما أكد تقرير أخر أن جزء كبير من النفايات الطبية يتم التخلص منها في أفران مصانع الإسمنت. فقد ذكر تحقيق صحفي أن كمية من النفايات الطبية متمثلة في 248 حاوية من مستشفيات مقاطعة هوبي المتضررة تزن أكثر من أربعة أطنان قد ارسلت إلى شركة أسمنت بمقاطعة قريبة (Yangxin) للتخلص منها بواسطة أفران الإسمنت والتي تصل درجة حرارتها إلى 1150 درجة مئوية. كما ذكر المصدر أنه يتم التخلص من الرماد المتبقي بحرقه في الأفران دوارة (The Rotary Kiln) ذات درجة حرارة تصل إلى 1400 درجة مئوية في النهاية يتم تحويل جميع النفايات إلى أسمنت بعد الاحتراق الكامل، وهذه الإجراءات كلها بهدف التخلص النهائي من وجود الفيروس.
وقد أكد المصدر أن هذه الدرجات الحرارة العالية الهدف منها منع أنتاج الديوكسينات خلال كامل عملية الاحتراق وأنهم قد قاموا بحرق 55 طن من النفايات الطبية بواسطة شركة الإسمنت التي خصصت أربعة شاحنات مجهزة تجهيز كامل ومضادة للتسرب لنقل النفايات الطبية على مدار الساعة من المستشفيات المنكوبة.
وفي الختام، يجب على الدول جميعاً أن تتعلم من مثل هذه الأوبئة والأزمات الصحية على كيفية التعامل معها، وكيف تدخل إصلاحات على النظام الصحي لديها لكي تتفادى نتائج الوخيمة التي تنتج منها. من ضمن هذه الإصلاحات هي البنية التحتية من مصانع معالجة النفايات الطبية والتي أصبحت ضرورة حتمية للتصدي للأمراض المعدية والتخلص منها.
يجب على الدول أن تستثمر بكثافة في هذا المجال وأن تضع خطط الطوارئ لإدارة النفايات الطبية وضرورة إنشاء أنظمة لمعالجة النفايات الطبية للتعامل مع حالات الطوارئ وضمان السلامة العامة.
هذه الأزمة الصحية جعلت عشرة وزارات في الحكومة الصينية بشكل مشترك تضع تقرير خطة تنص على أنه يجب أن يكون لدى كل مدينة على مستوى المحافظة منشأة مركزية لمعالجة النفايات الطبية بحلول نهاية عام 2020. وقالت أيضًا في التقرير المشترك إنه يجب على كل مقاطعة في الصين إنشاء نظام لجمع ونقل ومعالجة النفايات الطبية بحلول نهاية يونيو 2022.
Ref:
Lu Hui (2020). Coronavirus medical waste burned in cement kiln. Xinhua Net, Xinhua, China. 2020-02-25 .
Muyu Xu, And David Stanway (2020). China’s Coronavirus Epicenter Boosts Medical Waste Treatment As New Cases Spike. World News. February 13, 2020
China boosts medical waste disposal to limit coronavirus spread. (https://www.pharmaceutical-technology.com/). 14 February 2020
CGTN. Medical waste handlers in Wuhan brave all to dispose infected waste. 26-Feb-2020. https://news.cgtn.com/news/2020-02-26/Medical-waste-handlers-in-Wuhan-brave-all-to-dispose-infected-waste-OoDB2wNVe0/index.html
Li You (2020). Hubei Struggles to Handle a Mountain of Medical Waste
http://www.sixthtone.com/news/1005263/hubei-struggles-to-handle-a-mountain-of-medical-waste
اترك تعليقاً