مخاطر تناثر الدماء إلى عيون الجراحين والمساعدين خلال العمليات الجراحية
خلال العقود الماضية، تأثر الملايين من البشر بفيروس نقص المناعة/الإيدز، وأكثر الدول التي عانت منها هي دول الأفريقية الفقيرة التي تقع تحت شريط الصحراء الكبرى (Sub-Saharan Africa Countries)، أما الأنواع الأخرى من فيروسات الدم المعدية مثل فيروسات التهابات الكبد فمعظم دول العالم الثالث تعاني منه ولكن بدراجات متفاوتة.
التعرض للدماء وسوائل المرضى المصابين تعتبر من ضمن أهم المخاطر المهنية التي تواجه العاملين في مجال الخذمات الصحية وخاصة العاملين في حجرات العمليات الجراحية من جراحين ومساعدين وفي معظم التخصصات الطبية. فهم عرضة لحوادث وخز وخدش الأدوات الحادة التي يستعملونها والتي تكون ملوثة بماء المرضى وهي أكثر الحالات التي تمت التبليغ عنها ودراستها، أو أنهم يتعرضون لحوادث تناثر الدماء إلى العيون والأغشية المخاطية وهي الحالات التي لم تدرس كفاية ولم يتم التبليغ على معظمها.
بعض العمليات الجراحية العنيفة (مثل عمليات جراحة العظام والأسنان والفك وغيرها) والتي تستعمل بها أدوات قطع ونشر وحفر قد ينتج عنها تناثر الدماء المريض خلال إجراء العمليات الجراحية إلى الأغشية المخاطية لعيون الأطباء الجراحين ومساعدينهم الأمر الذي قد ينتج عنه إصاباتهم بأمراض فيروسية معدية إذا كان المريض حامل للفيروسات الدم.
لمعرفة حجم هذه المشكلة “تناثر الدماء خلال إجراء العلمليات الجراحية إلى وجوه الجراحين والمساعدين” أجريت دراسة علمية مشتركة (1) بين بحاث من جامعة كيب تاون بجنوب أفريقيا (University of Cape Town) والمستشفى الجامعي (Groote Schuur Hospital) حول حوادث تنأثر الدماء في الأطباء الجراحين خلال إجراء العمليات الجراحية شملت ثلاثين جراح ومساعد أختيروا بطريقة عشوائية من عدة تخصصات طبية كالجراحين الجراحات العامة، وجراحين العظام، وجراحين الأنف والأذن والحنجرة وجراحين المسالك البولية، وجراحين الحوادث وأمراض النساء والتوليد وكذلك جراحين في الجراحات التجميلية ومساعدينهم.
حيث طلب من الجراحين ومساعدينهم وضع واقي للوجه من البلاستيك الشفاف يغطي كامل الوجه (Transparent Plastic Visor) قبل البداء في إجراء العمليات الجراحية وبعد نهاية العملية جمعت منهم واقيات الوجه الشفافة وتم الكشف وحساب وجود بقع دماء المتناثرة عليها بالعين المجردة أو بواسطة الميكروسكوب مجهرياً، وحساب أحصائيا زمن التي أستغرقته العملية ونوع العمليات هل هي عمليات صغرى (مثل العمليات الجراحية على الجلد) أو عمليات كبرى (مثل فتح البطن أو شق الصدر) وهل تم استخدام أدوات طبية خاصة مثل ألات حفر أو منشار، وايضا حساب حجم البقع الدماء المتناثرة (صغيرة ومتوسطة وكبيرة) وهكذا.
ثلاثون جراح ومساعد أشتركوا في هذه الدراسة حيث جمعت منهم 49 واقي وجه شفاف وكانت النتائج كالتالي:
- وجد أن 22 واقي وجه به بقع دم متناثرة (45%) البعض منها يمكن رؤيته بالعين المجردة والبقع الأخرى فقط من خلال استعمال الميكروسكوب.
- وجد أن 15 واقي وجه (68%) يمكن رؤية بقع الدماء بواسطة العين المجردة (The Macroscopic Blood Splashes)، وحجم البقع الدماء كانت 72% حجم صغير و23% حجم متوسط و6% كانت كبيرة الحجم.
- وجد ايضا 16 (73%) من أجمالي 22 واقي وجه يمكن رؤية بقع الدماء بواسطة الميكروسكوب (The Microscopic Blood Splashes)، منها 93% بقعة بحجم صغير، 5% متوسطة الحجم و2% حجم كبير.
- كما ذكر الباحث بأن سبعة واقيات وجه (32%) كانت بها فقط بقع دماء متناثرة يمكن رؤيتها بالعين المجردة وأن فقط ستة واقيات وجه (27%) كانت البقع الدماء المتناثرة صغيرة ويمكن رؤيتها فقط بالميكروسكوب.
- من أجمالي 36 واقيات وجه تم ارتداءهم خلال عمليات جراحية كبرى (Major Operations) وجد أن 18 (50%) واقي به بقع دماء متناثرة بالمقارنة 4 (31%) واقيات بها بقع دماء متناثرة من أجمالي 13 واقي وجه تم ارتداءه خلال عمليات صغرى (Minor Operations) (الرسم البياني 1).
- 14 واقي وجه (48%) كانت بهم بقع دماء من أجمالي 29 واقي وجه كان يرتديهم الأطباء الجراحين بالمقارنة مع 8 (40%) واقيات وجه من أجمالي 20 واقي وجه كان يرتديهم المساعدين (الرسم البياني 2).
- أما بخصوص نوعية العمليات الجراحية والتي حدث فيها حالات تناثر دماء المرضى فقد حدثت تناثر دماء في واقي وجه واحد (13%) من أجمالي 8 واقيات وجه تم ارتدائهم خلال العمليات المستعجلة (Emergency Surgery) بالمقارنة بعدد 21 (51%) وأقي وجه من أجمالي 41 وأقي وجه تم ارتداءهم خلال العمليات الجراحية الأختيارية (Elective Surgery) (الرسم البياني 3).
- كما لم يجد الباحث أي فروق إحصائية تذكر بين طول زمن العمليات الجراحية التي تمت دراستها وعدد بقع تناثر الدماء على واقيات الوجه.
هذه الدراسة أثبتت حدوث تناثر لدماء المرضى خلال العمليات الجراحية إلى وجه الجراحين ومساعديهم وتعرضهم بنسبة عالية جدا لملوثات بيولوجية خطيرة (45%)، وهذا الأمر ينذر بأحتمال حدوث إصابات بعدوى ميكروبات الدم في العاملين مما يحثم عليهم ضرورة ارتداء واقيات للوجه (Transparent Plastic Visor) أو على الأقل نظارات واقية (Wearing Protective Eyewear) وهذه احد طرق الرئيسية لمكافحة حدوث العدوى من المرضى ولا يوجد مفر منها وخاصة في بعض العمليات الجراحية العنيفة والتي ينتج عنها تناثر كميات كبيرة من الدماء.
من الأشياء التي ذكرها الباحث أن العديد من الجراحين والمساعدين في هذه الدراسة قد رفضوا أرتداء واقيات الوجه أو النظارات الواقية لعدة أسباب، البعض قال بأنها غير مريحة خلال العمل أو أنها خلال العمليات الجراحية يتكون عليها الضباب فتصبح الرؤية صعبة، البعض الأخر يرفض ارتداءها لأنه يستعمل منظار جراحي يصعب التعامل معه بوجود واقيات الوجه والبعض الأخر يرفض ارتداءها لأنه يرتدي نظارته الشخصية وهي غير مريحة مع واقيات الوجه، (والبعض الأخر غير مبالي ولا يهتم لعدم إقتناعه بتسبب تناثر الدماء في حدوث عدوى وأن أحتمال حدوث ذلك بعيد جداً وهكذا).
بعض العاملين اكدو ان ارتداء النظارات (Spectacles) ربما يقي عن تناثر الدماء ولكن هناك دراسة سابقة (11) وجدت بقع دماء متناثرة في النظارات العاملين في الجانبين الخارجي وكذلك الجانب الداخلي منها مما يدل على احتمال وصول الدماء إلى الأغشية المخاطية للعيون وانها لا يمكن ان تحمي العيون حماية كاملة.
كما اكدت ذلك، دراسات اخرى وجدت بقع دماء على نظارات الجراحين (مرجع 3-10)، وفي دراسة اخرى حول تناثر الدماء المرضى خلال عدة أنواع من العمليات الجراحية وجدت أن حوادث حدوث تناثر دماء على النظارات للجراحين (Ocular Blood Splashes) كانت بنسبة عالية جدا تصل إلى 62% في الجراحين والمساعدين الذين يقومون بالعمليات قيصرية (Caesarean Sections) بالذات بالمقارنة بالعمليات الأخرى (2).
تناثر الدماء خلال إجراء العمليات الجراحية إلى وجوه وعيون العاملين في داخل حجرات العمليات حقيقة تحدث كل يوم ومشكلة كبيرة يجب على الأطباء والمساعدين تفاديها لما لها من نتائج وخيمة جداً عليهم قد ينتج عنها إصابات بأحد فيروسات الدم المعدية. تفادي هذه المشكلة يكون بتطبيق معايير السلامة المهنية ومكافحة العدوى، واحدى سبل الوقاية الرئيسية هي أرتداء واقيات الوجه خلال العمليات الجراحية العنيفة.
References
1. DE SILVA. R., et al., (2009). Risk of blood splashes to the eye during surgery. SAJS VOL 47, NO. 1
2. Aisien AO, Ujah IAO. Risk of blood splashes to masks and goggles during cesarean section. Med Sci Monit 2006; 12(2): CR94-97.
3. Fitch KM, Alvarez IP, Medina RDA, et al. Occupational transmission of HIV in health care workers. A review. Eur J Public Health 1995; 5: 175- 186.
4. Mitsui T, Iwano K, Masuko K, et al. Hepatitis C virus infection in medical personnel after needlestick accident. Hepatology 1992; 16: 1109-1114.
5. Sartori M, La Terra G, Aglietta M, Manzin A, Navino C, Verzetti G. Transmission of hepatitis C via blood splash into conjunctiva. Scand J Infect Dis 1993; 25(2): 270-271.
6. Sharma JB, Gupta A, Malhotra M, Arora R. Facial and body blood contamination in major gynaecologic surgeries. J Obstet Gynaecol Res 2003; 29(6): 402-405.
7. Marasco S, Woods S. The risk of eye splash injuries in surgery. Aust NZ J Surg 1998; 68(11): 785-787.
8. Keogh IJ, Hone SW, Colreavey M, Walsh M. Blood splash and tonsillectomy: an underestimated hazard to the otolaryngologist. J Laryngol Otol 2001; 115(6): 455-456.
9. Collins D, Rice J, Nicholson P, Barry K. Quantification of facial contamination with blood during orthopaedic procedures. J Hosp Infect 2000; 45(1): 73-75.
10. McNamara IR, Tehrani H, Sassoon EM. Ocular contamination during lesional surgery – a hazard for the plastic surgeon. J Plast Reconstr Aesthet Surg 2006; 59: 263-265.
11. Brearley S, Buist LJ. Blood splashes: An underestimated hazard to surgeons. BMJ 1989; 299: 1315.
اترك تعليقاً