خلال أحدى محاضراتي، حول المصادر الرئيسية والفرعية لإنتاج النفايات الطبية في المرافق والمراكز الصحية، سألني أحد الحاضرين هل تعتبر مراكز الحجامة والرقية الشرعية (Cupping Therapy Centers)، والتي انتشرت بكثرة في غالبية المدن الإسلامية، أحد المصادر الرئيسية لإنتاج النفايات الطبية، من حيث الكمية والخطورة ام هي من المراكز الفرعية الثانوية مثل بعض مراكز التجميل والوشم، والتي تنتج في كميات قليلة من النفايات الطبية بالمقارنة، كقطن والشاش الملوث بالدماء أو بعض الأدوات الحادة المستعملة لديهم في الوشم على الجسم أو ثقب الأذن.
هذا السؤال جعلني أجري بعض الاتصالات الخاصة بزميل بشركة وطنية ليبية متخصصة في جمع ونقل ومعالجة النفايات الطبية لمعرفة الإجابة عليه، وقمت بالتركيز على الكميات التي يقومون بنقلها من عدة مراكز الحجامة والرقية الشرعية، وكان الإجابة بالنسبة لي مفاجئة جدا.
لمعرفة كمية النفايات الطبية الناتجة في مراكز الحجامة والرقية الشرعية تم اختيار ثلاث مراكز مختلفة في الأحجام وكثافة المترددين عليها، أحدهما مركز كبير وأخر متوسط ومركز صغير، وذلك بهدف أخذ المتوسط للمراكز الثلاثة والتي لم يتم ذكر أسماءهم هنا.
أجمالي ما تنتجه المراكز الثلاثة خلال ثمانية أشهر فقط 18875 كيلوجرام من النفايات الطبية بمعدل ومتوسط شهري حوالي 2359 كجم تقريبياً (كما واضح في الرسم البياني المرفق)، بمعدل سنوي حوالي 28.3 طن نفايات بيولوجية فقط في ثلاث مراكز حجامة. وهذه تعتبر كميات كبيرة من النفايات الخطرة، لو نظرنا لحجم المشاكل التي قد تسببها لو لم يتم معالجتها والتخلص منها بالطرق السليمة.
نفايات طبية تشمل في غالبيتها الأكواب الزجاجية الملوثة بالدماء والشاش والقطن والمناديل والقفازات الملوثة بدماء المرضى، أيضا كميات كبيرة من النفايات الطبية الحادة المعدية مثل المشارط والإبر والتي تستخدم لخدش جلد المريض لاستخراج الدم والتي تستعمل في الحجامة الرطبة (Wet Cupping).
عامل الخطورة الأكبر في هذه النوعية من النفايات البيولوجية، كما نعلمه جميعاً، هو احتمال احتوائه على الجراثيم المنقولة بالدماء مثل فيروسات تليف الكبد البائي والتي لها مقدرة على الصمود في الطبيعة لفترات طويلة، وأيضا فيروسات تليف الكبد الجيمي وفيروس نقص المناعة الإيدز وغيرها من البكتيريا المسببة لتعفن الدم والطفيليات الأخرى.
الكميات النفايات الطبية التي تنتج في مراكز الحجامة والرقية الشرعية تعتبر كميات كبيرة وهي قد تفوق ما تنتجه عيادات أطباء الأسنان وحجرات كشف الأطباء وغيرها من التخصصات الطبية الأخرى، لهذا نعتبر هذه المراكز من المصادر الرئيسية في إنتاج النفايات الطبية. أيضا الخطورة الناتجة عنها تعتبر كبيرة جدا، إذا علمنا أن غالبية مراكز الحجامة ترمي نفاياتها الطبية كما ترمي النفايات المنزلية في أكياس القمامة السوداء وفي صناديق تجميع القمامة العامة بدون أبسط طرق المعالجة المبدئية وبدون فصل وفرز، أو كما يقوم البعض من المعالجين في بعض المراكز بالتخلص بإعطائها مباشرة للمريض نفسه للتخلص منها بمعرفته، والذي يقوم بالتخلص منها في أقرب حاوية نفايات القمامة العامة تقابله، وكل هذه الطرق تتنافى مع إجراءات السلامة والصحة العامة وطرق التخلص السليم لمثل هذه النفايات البيولوجية الخطيرة.
اترك تعليقاً