نفايات المشرحة
وربما تسبب في نقل وأنتشار عوامل المرض مثل الفيروسات الدم والبكتيريا وغيرها من الجراثيم إلى الأفراد المحيطين أو إلى البيئة المحيطة. لهذا يجب أتخاذ كل “الاحتياطات القياسية” (Standard Precaution) للحد من مخاطر انتقال الأمراض ومنع تعرض العاملين للدم وسوائل جسم المتوفي.
على الرغم من أن معظم الكائنات الحية في الجسد الميت قد لا تصيب الأشخاص الأصحاء، ولكن هناك أحتمال وارد من انتقال بعض العوامل المعدية إلى الأشخاص المحيطين عند ملامسة الدم أو سوائل الجسم أو الأنسجة من جثث أشخاص كانوا مصابين بأمراض معدية. فهنالك بعض الأمراض حتى بعد موت المريض يبقى عامل المرض نشط مثل أمراض فيروسات الحمى النزفية كمرض فيروس الأيبولا حيث أن 20% من إصابات التي حدتث في انتشار وباء فيروس الإيبولا في دول غرب أفريقيا (مثل سريليون) كان سببه التعامل مع جثة الضحية المصابة بالفيروس من خلال عملية الغسل والتكفين والدفن حسب مأوردته منظمة الصحة العالمية في إحدى مراجعها (WHO. 2014.).
يعتبر قسم الطب الشرعي والمشرحة التابعة له بالمستشفيات من ضمن الأقسام الرئيسية وهي تقوم بعدة وظائف من ضمنها فحص ما بعد الوفاة وهو إجراء طبي يتكون من فحص دقيق للجثة لتحديد سبب وطريقة الوفاة وتقييم أي مرض أو إصابة قد تكون حدثت للجثة، وعادة يقوم بهذا العمل طبيب متخصص بالطب الشرعي مصرح له بمساعدة فنيين، هذا الإجراء يتم أما لأغراض قانونية أو لأسباب طبية صرفة. الأغراض قانونية عندما يتم تشريح الجثة جنائيا لمعرفة سبب الوفاة من حيث أثبات وجود جريمة أو نفيها، ، أو في حالات الوفاة غير معروفة السبب أو قد يكون التشريح لأغراض البحث والتعليم لطلاب الكليات الطبية. ويمكن تصنيف عمليات التشريح إلى الحالات التي يكتفى فيها بالفحص الخارجي، والحالات التي تتطلب تشريح الجثة وإجراء الفحوص الداخلية ويكون عبر قطع الجلد وإعادة تخيطه وأحيانا استعمال المنشار لقص العظم.
كل العمليات التي يقوم بها أخصائي التشريح (الطبيب الشرعي) للجثة ينتج عنها نفايات طبية متنوعة مثل النفايات الحادة كإبر الخياطة والمشارط ذات الأستخدام الواحد وغيرها، بالإضافة للنفايات المعدية مثل الشاش والقطن وغيرها من الأشياء التي تلوثت بدماء وسوائل المريض، وايضا بعض الأنسجة والخلايا التي تنتج من خلال عملية التشريح. وايضا المخلفات الكيميائية الخطرة مثل الفورملين والكحول التي تكون عادة بكميات كبيرة. فكل خطوة يقوم بها الطبيب الشرعي سينتج عنها نفايات وايضا حجم وكمية النفايات الناتجة يعتمد على نوعية وطبيعة الحالة التي تأتي عليها جثة المتوفي فإذا كانت نتيجة حادث سير إو إصابات مهنية قاتلة أو بعض حالات القتل في الجرائم العنيفة فنسبة النفايات ستكون أكثر من لو أنها كانت الوفاة موت طبيعي.
في دراسة (Patwary MA, Sarker MH. 2012) عن حالات الوفيات وأنواع الجثث التي تأتي لسبعة عشرة مشرحة في دولة أسيوية (الجدول 1) ذكر أن أكثر الحالات التي تأتي هي لجثث ميتين خلال حوادت مرور بنسبة 42% من أجمالي الوفيات والحالات الأخرى تتفاوت من حالات تسمم (15%) وغرق (12%) وحرق (7%) واعتداء (12%) وسقوط (5%). حوادث السير ينتج عنها جتث قد تكون مشوهة ومفتتة الأمر التي يسبب في إنتاج كميات أكبر من النفايات بالمقارنة بحوادث الخرق أو الخنق والتسمم، لذلك ستلوث كمية أكبر من ملابس والقماش والشاش وربما النايلون والبلاستيك وغيرها من الأدوات الملوثة بدماء وسوائل المتوفي بالإضافة اتلوث أكثر لمعدات وقاية العاملين مثل القفازات والأردية الطبية والكممات وغيرها.
ايضا هناك العدبد من الجتث التي تأتي وبها خطورة خاصة كجثت جرائم القتل العنيف وما ينتج عنها من تمزق الجثة وتلوثها بالدماء وقد تبقى لعدة أيام قبل إكتشافها تكون الجثة قد تحللت بواسطة الميكروبات فتزداد خطورتها، وايضا جثت الغرقى والتي سحبت من المياه بعد عدة أيام وما تفعله البكتيريا والفيروسات بها من تحلل وتعفن، وايضا حالات الانتحار الفردية المعزولة والتي أكتشفت بعد فترة زمنية طويلة، كل هذه الحوادث والتأخر الزمني حتى احضارها للمشرحة قد تسبب في تحلل الجثت وتشوهها وزيادة خطورتها من ناحية الجراثيم الأمر الذي سينتج كميات كبيرة من المخلفات المعدية جدا.
جدول 1: حالات التشريح الجثت خلال فثرة الدراسة لمدة اسبوعين في سبعة عشرة مشرحة (Patwary MA, Sarker MH. 2012)
سبب الوفاة | حادث غير مقصود | إنتحار | قتل | Total |
حوادث مرور | 116 (72%) | 6 (9%) | 7 (9%) | 129 (42%) |
تسمم | 6 (4%) | 28 (41%) | 11 (14%) | 45 (15%) |
حرق | 5 (3%) | 8 (11%) | 9 (12%) | 22 (7%) |
سقوط | 4 (3%) | 4 (6%) | 6 (8%) | 14 (5%) |
خنق | 2 (1%) | 16 (23%) | 5 (6%) | 23 (7%) |
غرق | 23 (14%) | 7 (10%) | 7 (10%) | 37 (12%) |
أعتداء | 5 (3%) | 0 | 31 (41%) | 36 (12%) |
الأحمالي | 161 (52%) | 69 (23%) | 76 (25%) | 306 (100%) |
في نفس الدراسة وجد خلل كبير في التعامل مع النفايات الطبية المعدية من قبل العاملين بالمشارح، كان معظمهم غير مدربين على مثل هذه الأعمال وكانوا لا يدركون المخاطر الكبيرة من خلال التعامل مع جثث الموتى، وكانت معدات الوقاية الشخصية غير كافية في معظم الحالات، مما أدى إلى وقوع إصابات عرضية. أيضا لاحظت الدراسة أن المخلفات الخطرة للمشرحة كانت ترمي في أكياس القمامة البلدية ويتم نقلها بواسطة عربات القمامة المنزلية ويتم التخلص النهائي منها بواسطة إلقاءها في المكبات العامة. هذا الأمر يسبب في تعرض البيئة والمجتمع للعوامل المعدية الموجودة بنفايات المشرحة.
ماهي أنواع المخلفات الناتجة في المشرحة
قد يتسأل البعض منا ما هي النفايات الناتجة في المشرحة وما هي كمياتها. في دراسة حديثة شملت 17 المشرحة (Patwary MA, Sarker MH. 2012) أجابت على هذا السؤال، حيث قام الباحثين بوزن النفايات الناتجة من خلال عمليات التشريح في مدة أسبوعين وجدوا أن أكبر كمية من النفايات الصلبة كانت هي الملابس والقماش (20%) التي تغطي الجثث ومعظمها يكون ملوث بدماء أو سوائل المتوفي وهذا يرجع لحالة الجثة ولكنها في جميع الأحوال تعتبر خطرة لأنها على تلامس مع جسم المتوفي، ايضا في حالات أخرى تكون الملابس والقماش ملوثة بكيماويات خطيرة نتيجة عملية انتحار المتوفي، تم تأتي نفايات البلاستيك (14%) تم النفايات المواد الحادة بنسبة 13% من أجمالي النفايات الناتجة وهذا النوع يشكل خطورة كبيرة في حالة أن كان المتوفي مصاب بأحد فيروسات الدم الخطيرة. ايضا هناك كمية كبيرة من المخلفات الطبية السائلة الناتجة من عملية الغسل والتنظيف تصل إلى 22% من أجمالي النفايات (الرسم البياني 1)، في هذه الدراسة كان متوسط النفايات الناتجة للجثة الواحدة يصل إلى 9+ 2.52 كجم أما بالنسبة للكمية الأجمالية لما تنتجة 17 مشرحة في اليوم الواحد هو 918+11 كجم في اليوم الواحد، وهذه تعتبر كمية ضخمة من النفايات المعدية والتي قد تسبب أضرار صحية وبيئية كبيرة إذا لم يتم التعامل معها والتخلص منها بطريق سليمة.
الرسم البياني 1: توزيع لكميات النفايات الناتجة وأنواعها في 17 مشرحة.
الأخطار التي تواجه العاملين بالمشارح
هناك بعض الدراسات والتقاريرالتي أشرت إلى حدوث إصابات عدوى للعاملين بالمشارح أو دار الموتى نتيجة تعرضهم للجتث الموتى، ففي دراسة (Lauzardo M, Lee P, Duncan H. Hale Y. 2001) أكدت إصابة مشرف بدار الموتى (Funeral Services) بمدينة فلوريدا بالولايات المتحدة بميكروب السل تعرض له من متوفي بمرض السل الرئوي عند تجهيزه الجثة لمراسم الدفن، وفي تقرير تاني (Healing TD, Hoffman PN, Young SE. 1995) أكد البحاث أن جثة الميت ربما تكون مصدر للعدوى بعدة ميكروبات مثل ميكروب السل وبكتيريا العنقودية المتسلسلة (Group A streptococcal infection) والبكتيريا المعوية وربما فيروسات التهاب الكبد البائي والجيمي وفيروس الإيدز وبكتيريا التهاب السحايا وتعفن الدم. ايضا من ضمن المخاطر الأخرى للتعامل مع الجثت وهو التعرض للمخلفات الكيميائية مثل الفورمالين والكحول وبعض المواد الكيميائية الأخرى الغير معروفة للعاملين بالمشرحة كبعض المبيدات أو السموم أو الغازات القوية المنبعثة من تحلل الجثت أو من بعض الجثت المتسممة بمواد كيماوية (Meel BL. 2009).
بالإضافة الى ذلك، العديد من الدراسات التي نوهت للحالة النفسية للعاملين بالمشرحة وحدوث بعض الاضطرابات العقلية لديهم بسبب عملهم في هذا الوسط مما يسبب عدم انتباهم ولا مبلاتهم بالصحة والسلامة المهنية. على العموم، غالبية الإصابات والأضرار التي تصيب العاملين بسبب سوء تعاملهم مع الجثت والنفايات الناتجة عنها وعدم ارتداء الملابس الواقية الشخصية وعدم وجود معدات لمنع التعرص لتلك المخاطر وعدم الأخذ بالمعايير القياسية للسلامة والصحة المهنية.
كيف يتم التخلص من الجثث
في غالبية دول العالم يتم التخلص من الجتث بواسطة الدفن أو أحيانا بالحرق وهذا يرجع للأعتبارات والمعتقدات الدينية وهذه العمليات في بعض الدول تخضع لرقابة صارمة جدا وخاصة في الدول الغربية ولكن الحال يختلف في بعض دول العالم. يعتبر الدفن أفضل الطرق للتخلص من جثث الموتى وهناك قلة في الدراسات على مخاطر البيئية الناجمة عن دفن الموتى ونقصد بها هنا عندما يكون سبب الوفاة أحد الأمراض المعدية على سبيل المثال الطاعون والكوليرا والتيفوئيد والسل والجمرة الخبيثة أو الجدري، فهناك احتمال كبير لهذه الجراثيم البقاء حية لفترة طويلة في بقايا الإنسان واحيانا تبقى لفترات طويلة في التربة.
بالنسبة للجثث في المشارح بعد أكمال عملية التشريح عادة يتم إرجاعها إلى عائلات المتوفيين ليتم دفنهم بمعرفتهم، في الدول الأسلامية يتم تحويلهم إلى دار الموتي حتى تتم عملية غسل المتوفي وتكفينة (وهذه الإجراءات أيضا ينتج عنها بعض المخلفات الطبية الملوثة)، وفي بعض الدول ترجع الجثث للعائلات حتى يتم حرقها لأعتبارات دينية أو إقتصادية. أما بالنسبة للنفايات الطبية مثل باقي الانسجة والأعضاء فيجب التخلص منها بواسطة الردم ولا يمكن بأي حال من الأحوال رميها مع القمامة العامة للبلدية
وأخيرا، نفايات المشرحة ودار الموتى الغير معالجة لديها القدرة على التسبب في الأمراض المعدية فعلى الجميع من يعمل في هذا القطاع أن يعلم بمدى خطورة هذا النوع من النفايات، وهذه بعض التوصيات تفيد في الحد من التعرض لمخاطر تلك النفايات:
- من الضروري جدا الاهتمام بهذه النفايات والتخلص منها بالطرق السليمة من خلال تخصيص ميزانية وتوفير موارد مالية لإدارة النفايات الجنائزية (mortuary waste management).
- يجب على العاملين أخذ كل الاحتياطات القياسية اللازمة عند تعاملهم مع الجثث، مهما كانت حالتها، ويجب التعامل معها كأنها مصابة بفيروسات الدم.
- يجب علي العاملين ارتداء المعدات والملابس الواقية الشخصية تفادي للإصابات.
- عدم خلط نفايات المشرحة من النفايات البلدية المنزلية، ويجب جمعها ونقلها منفصلة.
- عدم خلط النفايات الحادة مع النفايات الأخرى، بحيث يتم جمعها في حاويات من البلاستيك المقوى.
- يعتبر الدفن من أفضل الطرق للتخلص من بقايا الأنسجة والأعضاء الناتجة من عمليات التشريح، لهذا يفضل التعاقد مع أشخاص متخصصين لنقل بقايا الأنسجة والأعضاء لدفنها في أقرب فرصة متخذين كامل الاحتياطات.
- على المسئولين بالمشارح تدريب العاملين لديهم وإعطائهم صورة واضحة عن المخاطر التي يمكن حدوثها نتيجة التعامل مع الجثث.
- توفير أماكن جيدة التهوية كمحطة تجميع مؤقت للنفايات في المشرحة ومعزولة عن الزوار.
- يجب أن تكون صالات المشرحة جيدة التهوية حتى لا يحدث تلوث للهواء يضر العاملين بسبب الروائح النفادة وايضا ذرات الصغيرة المتطائرة الناتجة من المنشار خلال بعض عمليات التشريح للعظام.
- يجب أن تكون المشرحة سهلة التنظيف حتى يسهل على العاملين إزالت البقع والكيماويات التي قد تلوث الأرضية والأسطح من جراء التعامل مع الجثث.
- يجب توفر عدد مناسب من المبردات بحيث لا يتم ترك جثة خارجاً.
- يفضل معالجة النفايات الطبية السائلة قبل خروجها إلى الشبكة العامة حتى لا يحدث تلوث للبيئة المائية القريبة، التلوث بالميكروبات أو التلوث بالمواد الكيميائية السامة.
References:
Patwary MA, Sarker MH. (2012). Quantitative assessment of mortuary waste: occupational safety and environmental health. Journal of Hospital Administration, 2012, Vol. 1, No. 1
Lauzardo M, Lee P, Duncan H. Hale Y. (2001). Transmission of mycobacterium tuberculosis to a funeral director during routine embalming. Chest. 2001; 119(2): 640-642.
Healing TD, Hoffman PN, Young SE. (1995). The infection hazards of human cadavers. Communicable Disease Report. CDR Review; 5(5).
Meel BL. (2009). Risk assessment of the umtata general hospital’s mortuary in the former republic of transkei, umtata, eastern cape. Journal of Forensic Medicine and Toxicology. 2001; 2(1).
WHO (2014). How to conduct safe and dignified burial of a patient who has died from suspected or confirmed Ebola virus disease. WHO/EVD/Guidance/Burials/14.2
ياريت يادكتور لو تقولنا على الالية المفترض اتباعها في التخلص من عينات الباثولوجي
افضل طريقة هي عملية الدفن وهي من حيث الطريقة المثلى من ناحية منع العدوى ومن ناحية أخلاقية، وهذه الطريقة التي يتبع فيها معظم معامل الباثولوجي التي زرتها فبقايا العينات تجمع وتعطى لشخص يقوم بدفنها بالطريقة الاسلامية