Skip to main content

المحارق: الأنواع، المزايا والعيوب

سأتكلم باختصار في هذا المقالة عن أنواع المحارق المعروفة وايضا حول المزايا والعيوب تلك المحارق كما جاء في عدة منشورات ومطبوعات لمنظمة الصحة العالمية.

المحارق عبارة عن طرق للحرق الجاف للنفايات بوجود الأكسجين بدرجات حرارة عالية الهدف منها تحويل المركبات العضوية والمواد القابلة للاحتراق إلى مواد غير عضوية وغير قابلة لاحتراق ينتج عن ذلك تقليل من حجم ووزن النفايات، ويمكن إجراء عملية الإحراق بطريقة تعويضية يتم فيها استرجاع قسم كبير من الحرارة وبخار الماء الناتجة عن الحرق والاستفادة منها في أنتاج الطاقة الكهربائية وبذلك تنقص تكلفة التشغيل للمحارق.

تستعمل المحارق عادة مع النفايات التي لا يمكن الاستفادة منعا أو التي لا يمكن إعادة تصنيعها، وتختلف المحارق عن بعضها حسب النوعية والحجم والوظيفة المختارة لها وفعاليتها في القضاء على مسببات أو عوامل المرض

وهنالك من ناحية التركيب عدة أنواع من المحارق:

1- محارق البر ولويتك المزودة بمصفيات للغاز (Pyrolytic incineration with an efficient gas cleaning):
محارق ذات غرفة مزدوجة من مزاياها القدرة العالية في التعقيم بالأخص عند التعامل مع المخلفات الطبية المعدية وبعض المخلفات الصيدلانية والكيماوية، درجة حرارتها من 800-900 مئوية و لها قدرة استيعابية من 200 كجم/اليوم إلى 10 طن/اليوم وهذا يرجع لحجم المستشفيات وعادة ما تستخدم المحارق بقدرة 1 طن/ اليوم للمستشفيات الكبيرة. رماد المحارق يمكن ردمها بدون ترك أضرار ومن عيوبها التكلفة المالية العالية لإنشائها واحتياجها للتقنيات عالية جدا لتشغيلها والمعالجة لا تقضي على خطورة النفايات الطبية المشعة والتي تتجمع مع الرماد.
2- محارق ذات الحجرة الواحدة مع أجهزة تقليل الغبار (Single chamber with dust reduction):
هذه المحارق مختلفة الأنواع والأشكال فمنها أنواع بسيطة وأنواع أكثر تطور لها قدرة عالية في التعقيم والتقليل من حجم ووزن المخلفات والرماد الباقي يمكن ردمه، فعالة في معالجة المخلفات الطبية المعدية بما فيها المخلفات الحادة ولا تحتاج لتقنيات عالية لتشغيلها، وأقل تكلفة في التشغيل، ومن عيوبها إنتاجها لكميات كبيرة من الأبخرة والتي قد تحتوي على غازات سامة مثل الديوكسين إلى الهواء الجوي ودرجة حرارة أقل من 800 درجة مئوية الغير الصالحة للتخلص من المخلفات الأدوية السامة ( cytotoxic drugs) والمخلفات الطبية المشعة وغير فعالة مع بعض المركبات الغير عضوية والمقاومة لدرجات الحرارة العالية. عادة دراجات الحرارة بهذا النوع تتراوح من 300-400 درجة مئوية والقدرة الاستيعابية من 100-200 كجم/اليوم ولا يفضل استعمال هذا النوع في الدول التي تعاني من مشاكل تلوث الجوي.
3- محارق دوارة ذات دراجات حرارة عالية (Rotary Kilns incinerators)
محارق ذات أسطوانات حرارية دوارة من 2-5 مرة في الدقيقة، الأسطوانة لها ميول بزاوية صغيرة متجه للأعلى، وتزود بالنفايات بعد ما يتم تقطعيها إلى جزئيات صغيرة. هذا النوع فعال مع المخلفات الطبية المعدية بما فيها المخلفات المعدية الحادة والمخلفات الباثولوجية والمخلفات الكيميائية والصيدلانية بما فيها مخلفات العلاج الكيماوي وغير فعالة مع المخلفات الطبية المشعة والمخلفات المحتوية على كميات كبيرة من المعادن الثقيلة والتي ينتج عنها أبخرة سامة مثل الرصاص والكادميوم والزئبق. الحرارة في هذا النوع تتراوح من 1200-1600 درجة مئوية والقدرة الاستيعابية تتراوح من 0.5 إلى 3 طن/الساعة. مكلفة وتحتاج لتقنيات عالية وفنيين مؤهلين وتحتاج لصيانة دورية منها تغير الأسطوانة الحرارية الدوارة على فترات (الشكل-5).
4- المحارق الصغيرة الحجم (Drum or Brick incinerator)
أبسط أنواع المحارق وتسمى أحيانا بالمحارق الحقلية فهي عبارة عن برميل من الحديد أو الحجارة مفتوح الجانبين توضع فيه أكياس المخلفات المراد التخلص منها، والبرميل موضوع على شباك لدخول الهواء فوق حجارة تتحمل الحرارة ويتم إشعال النار في الحطب تحت البرميل، لها مقدرة عالية في التقليل من وزن وحجم المخلفات ويمكن ردم الرماد ولا تحتاج إلى شخص مؤهل لتشغيلها وقليلة التكلفة، يمكن لها القضاء على 99 % من الميكروبات ولا يمكن لها القضاء الكامل على الكيماويات والصيدلانية فأغلب الأحيان لا تصل درجة الحرارة إلى 200 درجة مئوية، من عيوبها إنتاجها لكميات كبيرة من الأبخرة السوداء والرماد المتطاير والغاز، يسمح بها في بعض الدول النامية لقلة تكلفة التشغيل. وهي الحل الأخير الذي يمكن اللجوء إليه في حالات الطوارئ عند انتشار الأوبئة وتستخدم فقط مع المخلفات الطبية المعدية وينصح بوضع شباك ضيق على البرميل لمنع الرماد من التطاير.
5-المحارق المتنقلة (Mobile Incinerators): محارق متكاملة ذات تقنيات عالية موضوعة على عربات خاصة، حيث تنتقل العربة إلى مصادر المخلفات الطبية كالمستشفيات، هذه طريقة حديثة وتستعمل حالياً في بعض الدول ومن مزاياها تجنب نقل المخلفات الطبية خلال الشوارع وتكون مزودة بمصفيات تعمل على تقليل الغازات السامة والغبار المتطاير من عملية الاحتراق (الشكل-6).

هذا من حيث أنواع المحارق ، أما من حيث الحجم فيتم تقسيم المحارق حسب وكالة حماية البيئة الأمريكية إلى محارق صغيرة بسعة أقل من 91 كجم/الساعة من النفايات، ومحارق متوسطة بسعة 91-227 كجم/الساعة، والمحارق الكبيرة والتي تتعامل مع كمية نفايات تفوق 227 كجم/الساعة.

حتى بوجود المحارق الجيدة لا يمكن حرق كل أنواع النفايات على سبيل المثال لا يمكن حرق أملاح الفضة والنفايات الفوتوغرافية والنفايات المشعة وبعض النفايات الكيميائية الشديدة التفاعل وبعض المركبات الهالوجينية كالبلاستيك المحتوي على بي في سي والنفايات المختلطة بالمعادن الثقيلة كالزئبق وأسطوانات والعلب المضغوطة فهذه كلها تسبب عند حرقها مضار للبيئة.

أما خصائص النفايات التي يمكن حرقها فهي كالتالي:
 نفايات تحتوي على مواد قابلة للاحتراق فوق 60 % من أجمالي الكمية.
 نفايات تحتوي على مواد صلبة غير قابلة للاحتراق بنسبة أقل من 5 % من أجمالي الكمية.
 نفايات تحتوي على مواد ناعمة غير قابلة للاحتراق بنسبة أقل من 20 % من أجمالي الكمية.
 نفايات تحتوي على مستوى رطوبة أقل من 30 % .

أكثر عيوب المحارق وخاصة ذات الدرجات الحرارة المنخفضة (أقل من 800 درجة مئوية) هو انبعاث الأبخرة السامة ومن أهمها وأخطرها الديوكسين والذي ينتج عند حرق النفايات التي بها مركبات الكلور.

الديوكسين عبارة عن مجموعة من المركبات لها تأثيرات ضارة على الصحة والبعض منها ربما تكون قاتلة حتى بتراكيز قليلة، وإعراضها المرضية تتفاوت من الالتهابات الجلدية البسيطة إلى اضطرابات في الجهاز المناعي والغدد الصماء والجهاز العصبي وتغييرات جينية وغيرها. والمعروف عن الديوكسين أنه يتراكم بصفة خاصة في الدهون والكبد وأنسجة الجلد، ويمتص الجسم 90-95 % من الديوكسين خلال الشبكة الغذائية والذي يأتي من استهلاك اللحوم ومنتجات الألبان، أما امتصاص الديوكسين عبر الجلد أو عن طريق التنفس فهو قليل جدا.
العديد من الدراسات نوهت بمخاطر التلوث من المحارق وخاصة للأشخاص القاطنين قرب تلك المحارق من حيث أنهم أكثر عرضة للإصابات الناتجة من استنشاق الغازات الملوثة للهواء الجوي أو بسبب استهلاك المواد الغذائية أو الإصابات الجلدية بسبب الاحتكاك بالتربة الملوثة.
ففي بريطاني وأسبانيا واليابان لوحظت زيادة في نسبة الديوكسين في أنسجة القاطنين قرب المحارق بمقارنتها بالآخرين، كما أشارت دراسة فنلندية أن هناك زيادة ملحوظة في نسبة الزئبق في شعر السكان القاطنين قرب المحارق، كما وُجدت نسب عالية من مركبات الديوكسين في أنسجة العاملين في المحارق الحديثة والقديمة نتيجة لتعرضهم اليومي خلال العمل للرماد، وزيادة في بعض الأمراض السرطانية مثل سرطان الجلد في السكان المحيطين بالمحارق في فرنسا، ونسب زيادة بستة أضعاف لحالات الوفاة بسرطان الرئة في ايطاليا. كما أشارت دراسة في اسكتلندا أجريت على السكان قرب محرقتين بأن التلوث الناتج منها قد يكون السبب في زيادة نسبة ولادات البنات بمقارنة بالمناطق الأخرى البعيدة، ودراسة ألمانية وجدت انخفاض في نسبة هرمون الغدة الدرقية، والعديد من الدراسات الأخرى التي أكدت مسؤولية الغازات المنبعثة من المحارق في أحداث العديد من المشاكل الصحية والمهنية.
المخلفات الطبية تحتاج لدرجات حرارة عالية للتخلص من أضرارها، ودرجات الحرارة المطلوبة تتفاوت على حسب نوع المخلفات، فالمخلفات المعدية من الأعضاء البشرية المستأصلة تحتاج لدرجات حرارة 800- 900 درجة مئوية أما في حالة تعاملنا مع المخلفات الطبية الصيدلانية فبعض منها يحتاج لدرجات حرارة لا تقل عن 1200 درجة مئوية كما هو موضح بالجدول-1
الجدول-1:  أمثلة للأنواع الأدوية الكيماوية والحد الأدنى لدرجات الحرارة التي يمكن بها تكسيرها والتخلص منها.

 الدواء  درجة الحرارة المئوية  الدواء  درجة الحرارة المئوية
 Aclarubicin

Amsacrine

Chlormethine

Dacarbazine

 1000

260

800

500

5-Fluorouracil

Idarubicin

Cyclophosphamide

Vindesine

 1200

700

900

1000

ومن مشاكل الحرق عدم التجانس في نسب التي تتكون منها المخلفات فلو زادت مثلاً نسب البلاستيك فتزداد بذلك نسب الغازات شديدة التلوث للهواء الجوي مثل كلوريد الهيدروجين علية يجب معالجة الغازات المنبعثة قبل خروجها للهواء الجوي عن طريق مصفيات أو عن طريق غسل لتلك الغازات بواسطة رذاذ الماء فينحل الغاز في الماء وتخرج الغازات نظيفة بعد الغسل .
في العديد من دول العالم وبسبب خطورة وأضرار الأبخرة السامة المنبعثة من المحارق على البيئة وصحة المجتمع وضعت معايير صارمة حدُدت بها كميات الغازات السامة والمسموح بانبعاثها من المحارق، وهذه المعايير إجبارية بالقانون للشركات المتخصصة والمستشفيات عند اختيار نوعية المحرقة، والجدول-2 الأتي يبين المعايير الموضوعة في الاتحاد الأوروبي للكمية الإنبعاثات المسموح بها لبعض المواد السامة:

المواد المنبعثة معدل في أربع ساعات(mg/m3 )
الزئبق

الكادميوم، التاليوم

الرصاص، كروم، النحاس

النيكل والزرنيخ

الديوكسين وفيوران

0.05

0.05

0.5

0.5

0.1

العديد من المنظمات البيئية على مستوى العالم برزت خلال العشر السنوات الأخيرة نوحت بمخاطر المحارق وما تنتجه من أبخرة سامة وبالذات المحارق التي تتعامل مع المخلفات الطبية حتى الحديثة منها والتي يوجد بها مصفيات الغازات المنبعثة والغبار (الجدول 3)

الملوث التركيز التركيز بوجود مصفيات
كلوريد الهيدروجين

أول أكسيد الكربون

الديوكسين

الغبار

ثاني أكسد الكبريت

هيدروكربون عطري

فينولات ثتائية مكلورة

فينولات مكلورة

الرصاص

الكادميوم

الزئبق

الزرنيخ

الكروم

430 ppmdv

150 ppmdv

57 ng/m3

6,300 mg/m3

400 mg/m3

70 μg/m3

3 μg/m3

2.7 μg/m3

34,000 μg/m3

1,500 μg/m3

320 μg/m3

130 μg/m3

2,000 μg/m3

50 ppmdv

50 ppmdv

0.5 ng/m3

20 mg/m3

260 mg/m3

5 μg/m3

1 μg/m3

1 μg/m3

50 μg/m3

100 μg/m3

200 μg/m3

1 μg/m3

10 μg/m3

ونادت تلك المنظمات للانتقال إلى طرق بديلة عن المحارق مثل التعقيم البخاري والتعقيم الجاف والتعقيم بواسطة الميكروويف وأخرها التخلص من النفايات بواسطة تقنية البلازما وهي أحدث الطرق والأكثر فاعلية والتي تضمن التخلص النهائي من النفايات بدون الانبعاثات السامة. بعض الدول منعت نهائياً عملية معالجة النفايات بواسطة المحارق مثل الفلبين والتي تعتبر الدولة الأولى التي سنت قوانين في هذا المجال تدعو فيه إلى منع حرق النفايات العادية أو الخطرة أو الطبية وإلى الانتقال للطرق المعالجة البديلة.
وأخيرا يمكن لنا القول أنه لا زالت طرق المعالجة والتخلص من النفايات الطبية بواسطة المحارق الحديثة أفضل بكثير من رمي النفايات في ساحات التجميع والمكبات المفتوحة بدون معالجة، وربما في دولنا العربية وبوجود المساحات الشاسعة قد تكون مشكلة التلوث من المحارق أقل حدة منها في الدول الأوربية، لو عرفنا كيف نختار المحرقة وكيف نختار المكان المناسب لها، ومع التطور التقني الذي يمر به العالم يمكن لنا التخلص من مشاكل النفايات بمختلف أنواعها في حدود السلامة العامة لو توفرت الرغبة الصادقة والميزانية الداعمة.
المراجع:
1- فؤاد حسن صالح ومصطفى محمد أبوقرين. تلوث البيئة، أسبابه، أخطاره، مكافحته. الهيئة القومية للبحث العلمي. الطبعة الأولى. 1992. دار الكتب الوطنية. بنغازي، ليبيا.
2- عبد القادر عابد وغازي سفاريني. أساسيات علم البيئة. دار وائل للطباعة والنشر. الطبعة الثانية.2004. عمان-الأردن.
3- Pruss, E. Giroult and P. Rushbrook. (1999). Management of waste from health-care activities. WHO. Geneva.
4- www.umweltbundesamt.ed
5- Control Techniques for Particulate Air Pollutants: Washington, D.C.U.S.Dep. of Health, Education and Welfare, 1969.
6- www.environment-agency.gov.uk.

7- Michelle Allsopp, Pat Costner and Paul Johnston. (2001). Incineration and Human Health: State of Knowledge of the Impacts of Waste Incinerators on Human Health. Greenpeace Research Laboratories, University of Exeter, UK.

تعليقات (7)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *