كيف تمكنت النرويج من التخلص من الأملغم؟
الزئبق هو من بين أكثر الملوثات سمية على الإنسان، وحشو الأملغم في الأسنان يعتبر من أكثر المنتجات المضاف إليها الزئبق استخداماً في كل أنحاء العالم، وهو مصدر قلق صحي عالمي لأنه ببساطة مصدر كبير لإطلاق الزئبق في البيئة.
العديد من الدول وضعت من ضمن أهدافها العامة التخلص من استعمال منتجات تفرز مواد سامة للبيئة منها الزئبق كالنرويج التي وضعت هدف وطني يتمثل في القضاء على استخدام وإطلاق الزئبق في بيئتها بحلول عام 2020.
هذا الهدف الصحي الكبير اشتغلت عليه النرويج مند السبعينيات القرن الماضي، فتم إدخال مواد حشو وتعبئة للإسنان جديدة وتم تفضيلها تدريجياً لأسباب جمالية. وفي الثمانينات أصبح التركيز على محاربة أملغم الإسنان أكثر حدة بحيث أعتبرت مشكلة بيئية عامة وكجزء من سياسة أوسع في الدولة للحد من انبعاثات الزئبق.
فأصدرت السلطات الصحية حينها إرشادات توصي أطباء الأسنان بالحد من استخدام أملغم الأسنان، وتطلب الإرشادات الجديدة في عام 2003 اعتبار المواد الأخرى بخلاف أملغم الأسنان هي الخيار الأول في حشوات الأسنان. كما ساهم الاستخدام الوقائي للفلورايد في تحسين صحة الأسنان وبتالي تقليل استخدام أملغم الأسنان.
طلب من جميع عيادات الأسنان في عام 1994 ضرورة تركيب عازل الأملغم (Dental Amalgam Separator) في كراسي الأسنان. الأمر الذي كان له الفضل الكبير في تقليل إطلاق الزئبق بشكل كبير إلى مياه الصرف الصحي، فحدث أنخفاض كبير في نسبة الزئبق من عام 1995 إلى 2008.
تم فرضت النرويج بعد ذلك حظراً عاماً على استخدام الزئبق في المنتجات مع عام 2008. وتم تطبيق بعض الاستثناءات المحدودة لاستخدام أملغم الأسنان حتى نهاية عام 2010. كان لهذه السياسات تأثير كبير في انخفض الاستخدام الزئبق في حشوات الأسنان بمعدل انخفاض كبير على مر السنين.
تشير المصادر فيما سبق إلى أن استخدام الزئبق في حشوات الأسنان كان يصل إلى 2000 كجم في عام 1985، وفي عام 1995 كان استخدام الزئبق في حشوات الأسنان الجديدة 840 كجم ، ثم خفضاً تدريجياً بالقرب من الصفر في عام 2008 عندما تم حضر استعماله نهائياً.
الأملغم يبقى لفترات طويلة جدا، ولأن غالبية الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن خمسين عاماً في النرويج لديهم كميات كبيرة من حشوات الأملغم التي قدرت بحوالي 10 أطنان من الزئبق (عدد سكان النرويج حوالي 5 ملايين شخص). فهم متوقعين أن تنخفض كمية الزئبق في السكان مع استبدال المواطنين الحشوات القديمة بالحشوات البديلة أو بوفاة كبار السن، لذلك فأنهم متوقعين أن يتم نهائيا التخلص من كل الأملغم في النرويج في مدة تصل إلى 30 سنة.
عدة لقاءات اجريت مع أطباء الأسنان والمرضى النروجيين الذين كانوا راضيين عمومًا عن بدائل الأملغم، وأكثر المواد شيوعاً المستخدمة حاليًا لديهم هي المركبات التي تحتوي الراتنج (Resin-Based Composites)، لكن ايضا يتم استخدام أيونوميرات زجاجية مختلفة (Various Glass Ionomers) ومواد قائمة على السيراميك (Ceramic-Based Materials) إلى حد ما. اما المهارات في التعامل مع هذه المواد الجديدة فتحسنت وتطورت وأزدادت مع الوقت ومع وجود المعدات والتقنيات المناسبة.
مزايا الحشوات البديلة
تتمثل المزايا الرئيسية للحشوات البديلة (The Alternative Materials) من وجهة نظر العاملين في طب الأسنان في أن هذه المواد تتمتع بخصائص لاصقة جيدة، مما يعني أن المرء يحتاج إلى إزالة كميات أقل من مادة الأسنان السليمة مقارنةً عندما نستعمل الأملغم.
لذلك ، يستغرق أحيانًا وقتًا أقل في استخدام المواد البديلة في حشوات صغيرة. ومع ذلك، فإن الحشوات الكبيرة تستغرق وقتًا أطول بعض الشيء ويمكن أن تستغرق وقتًا أطول من 15 إلى 45 دقيقة ، اعتمادًا على مهارة طبيب الأسنان وتعقيد الحشو. ولكن الشيء الجيد والميزة الهامة لصحة العاملين في طب الأسنان هي أم الأملغم وما يحتويه من زئبق لا يستخدم في بيئة العمل.
عيوب الحشوات البديلة
أما عيوب هذه المواد البديلة يمكن أن تختصر في التالي:
- صعوبة الاستخدام وخاصة في الحشوات الكبيرة.
- البكتيريا تتشكل بسهولة أكبر على سطح الحشوة، وبالتالي تتطلب المزيد من المتابعة من المريض وطبيب الأسنان.
- أقل قوة في المضغ (Chewing-Strength) ولا تبقى طويلاً كما تبقى حشوة الأملغم، ولكن طول عمر الحشوة (The Longevity Of Amalgam Fillings) يقترب من طول مدة حشوات الأملغم.
- كما تم الأبلاغ عن بعض ردود الفعل التحسسية (Allergic Reactions) في فم المرضى وعلى أيدي العاملين في طب الأسنان.
بصفة عامة، العديد من المتخصصين في مجال طب الأسنان متوقعين أن تتحسن الحشوات المركبة وتستمر لفترة أطول في المستقبل وبالتالي تقلل من الحاجة لإعادة التعبئة الفراغات وبالتالي تقل التكلفة المالية.
وأخيرا، غالبية دول العالم أنتبهت لمخاطر حشو الأسنان بمادة الأملغم وما تسببه على المدى الطويل من تلوث البيئة بمركب خطير فعملت على حضر استخدام الأملغم وشجعت استعمال البدائل الأخرى. وهذا النهج نجحت فيه دولة النرويج وحاليا بوادر نجاح برنامج مشابه في دولة السويد، فهذه الدول وما قامت به يعتبر دافع لبقية الدول للسير في نفس النهج.
إلى حد الأن، لا يزال هناك حاجة إلى المزيد من الإجراءات للحد من التلوث العالمي بهذه المادة السامة لهذا قامت الأمم المتحدة بأنشاء برنامج الزئبق 2 التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في عام 2003 (The UNEP’s2 Mercury Programme)، وكذلك بأبرام الأتفاقية ميناماتا الدولية بشأن الزئبق (Minamata Convention) في عام 2013 التي نبهت الجميع لخطور هذه المادة وهي تدعوا الجميع الى البداء في العمل على التقليل او الحد من تلوث هذه المادة التي ستذمر هذا الكوكب إذا ما استمر العالم في استعمالها بهذه الكثافة وإذا لم نبداء نحن في إجراءات صارمة لتقليل استخدام الزئبق أو مركباته ومراقبة كل المنتجات المضاف إليها.
References:
John M. Skjelvik. (2012). Review of Norwegian experiences with the phase-out of dental amalgam use. The Norwegian Climate And Pollution Agency. Oslo
Minamata Convention on Mercury. United Nation. UNEP. www.mercuryconvention.org
اترك تعليقاً