المياه العادمة: الجمع والمعالجة والتخلص النهائي
Wastewater: collection, treatment and final disposal
العديد من اللوائح والتعليمات التي تخص إدارة النفايات الطبية الصادرة في غالبية الدول العربية تطرقت لكيفية التعامل مع المياه العادمة والتي تنتجها المرافق الصحية والمستشفيات خلال تعاملها مع المرضى وتقديم الخذمات إليهم.
لا أحد فينا لا يعرف مدى خطورة تلك المياه العادمة الناتجة من الخذمات الطبية في المرافق والمؤسسات الصحية، فهي مياه عادمة قد تكون محملة ببقايا سوائل مواد كيميائية أو معادن ثقيلة أو محملة بغازات خطيرة دائبة فيها ذات تأثيرات بيئية وصحية كبيرة، أو المياه العادمة الناتجة عن أنشطة التنظيف الأقسام الطبية والصالات والمكاتب بالمستشفيات، أو مياه عادمة تكون محملة بسوائل وإفرازات المرضى وفضلاتهم وغيرها المحتوية على جراثيم القادرة على التسبب في انتشار الأمراض والأوبئة في المجتمع المحيط.
أيضا، لا أحد فينا لا يعلم خطورة مياه معامل ومصانع الأدوية وماتحتوية على بقايا مواد صيدلانية خطيرة على الصحة العامة المسببه للإضطرابات الهرمونية في الإنسان أو الكائنات الحية المحيطة بنا، أو تحتوي على بقايا مضادات حيوية مصنعة قد تسبب في خلق ميكروبات ممنعة ومقاومة للأدوية المعروفة تكون أضرارها كبيرة على أفراد المجتمع.
أيضا، لا أحد فينا لا يعلم خطورة السوائل من القلويات والأحماض والمذيبات العضوية وغير العضوية التي تنتج بكثرة في معامل علم الأمراض لتشخيص الأمراض السرطانية والأورام، وما تصرفه تلك المعامل من نلك السوائل الخطيرة إلى الشبكة الصرف الصحي العامة.
لهذا تطرقت اللوائح والتعليميات التنظيمية في العديد من الدول فيما يخص إدارة النفايات الطبية للمياه العادمة الناتجة في المرافق الصحية فهي بنفس خطورة النفايات الطبية الصلبة وربما أكثر خطورة وتأثير لسهولة تغلغل السوائل في البيئة والمياه الجوفية والسطحية، وسهولة وصولها للكائنات الحية التي تعيش معنا في هذه البيئة.
سوف أذكر لكم هنا التوصيات الواردة في تعليمات إدارة النفايات الطبية الصادرة من وزير الصحة الأردني بالمملكة الأردنية الهاشمية (تعليمات إدارة النفايات الطبية، رقم 1/ 2001) الصادر في الجريدة الرسمية العدد 4511 بتاريخ 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2001، بخصوص كيفية إدارة المياه العادمة في المؤسسات والمرافق الصحية في الفقرة رقم 8 تحت عنوان: المياه العادمة- الجمع والمعالجة والتخلص النهائي.
أولاُ في جز رقم 1 الخاص بالتعريفات، فقد عرفت التعليمات الصادرة المياه العادمة في الفقرة 1-7 على أنها: المياه التي استخدمت لغرض ما وما تحتويه من سوائل أخرى أو أجسام صلبة أو غازات ذائية فيها وقد تكون مياح عادمة آدمية (كمياه تصريف الفضلات الآدمية السائلة والصلبة والمياه الناتجة عن المطابخ وعن تنظيف الصالات والمكاتب والممرات…ألخ) وقد تكون مياه عادمة ناتجة عن عمليات لتصنيع المختلفة في المؤسسات الصناعية.
وجا في التعليمات الأرشادات والتوصيات التالية:
1- يمنع التخلص من المياه العادمة الناتجة من الوحدة (الوحدة مقصود بها هنا المرفق الصحية أو المستشفيات وغيرها) بتصريفها بشكل عشوائي في البيئة.
2- يجوز التخلص من المياه العادمة الآدمية الناتجة عن الوحدة بتصريفها إلى الشبكة الصرف الصحي العامة بموافقة الجهة الرسمية ذات العلاقة (مثل وزارة المياه والري، أو هيئة المياه والصرف الصحي) وفي حالة عدم توفر خدمة الربط على الشبكة في المنطقة، يجب:
أ) إما معالجة المياه في محطة تنقية خاصة بالوحدة شريطة موافقة وزارة الصحة والجهات الرسمية ذات العلاقة وشريطة تحقيق نوعية المياه المعالجة للمواصفة القياسية للمملكة الأردنية المتعلقة بمياه الصرف الصحي المعالجة. وفي حالة استعمال الحمأة الناتجة، يجب التقيد بالمواصفة القياسية للمملكة والخاصة باستعمالات الحمأة المعالجة في الزراعة وبغير ذلم يجب التخلص منها في مكب معتمد ولموافقة وزارة الصحة والجهات الرسمية الأخرى ذات العلاقة.
ب) أو تجميع المياه في خزان إسمنتي مصمت وغير نفاذ ونضح ونقل محتوياته إلى محطة معالجة معلومة.
3- يمنع طرح النفايات الطبية السائلة والصلبة التالية في شبكة الصرف الصحي الخاصة بالوحدة (باستثناء مصانع الأدوية البشرية والبيطرية التي لديها محطات معالجة مياه عادمة صناعية خاصة بها قادرة على معالجة هذه الأنواع من النفايات):
أ) الكيماوية: مثل الإحماض والقلويات والمذيبات العضوية وغير العضوية والعناصر والمركبات السامة والمنظفات والمطهرات المرتفعة التركيز والمبيدات المستخدمة في الوحدة.
ب) الدوائية: باشتثناء بعض الأنواع المعروفة بعدم خطورتها مثل السوائل الوريدية والفيتامينات.
ت) العلاج الكيماوي.
ث) السائلة الناتجة عن وسائل السيطرة على انبعاثات الهواء الناتجة عن المرمد (المحرقة).
4- يجب تجميع ونقل ومعالجة النفايات المذكورة في الفقرة السابقة وفقا لتعليمات الفرز والنقل والتخرين والمعالجة والتخلص النهائي الخاصة بكل نوع من أنواع هذه النفايات.
5) يجوز معالجة النفايات المذكورة في الفقرة (3) أعلاه بطرق معالجة أخرى شريطة موافقة وزارة الصحة والجهات الرسمية الأخرى ذات العلاقة عليها.
6) يجب اتخاد التدابير اللازمة لضمان تطهير المياه العادمة الآدمية التي تحتوي على إفرازات مرضى مصابين بأمراض معدية تنتقل بواسطة هذه الإفرازات، كالكوليرا مثلا، قبل خروجها من حدود الوحدة.
7) يجوز التخلص من المياه العادمة الصناعية الناتجة عن مصانع الأدوية البشرية والبيطرية بتصريفها إلى شبكة الصرف الصحي العامة شريطة موافقة الجهة الرسمية ذات العلاقة (وزارة المياه والري) وفي حالة عدم توفر خدمة الربط على الشبكة في المنطقة، يجب:
أ) إما معالجة المياه في محطة تنقية خاصة بالمصنع شريطة موافقة وزارة الصحة و الجهات الرسمية ذات العلاقة وشريطة تحقيق نوعية المياه المعالجة للمواصفات القياسية الأردنية المتعلقة بالمياه العادمة الخارجة من المصانع ويجب التخلص من الحمأة الناتجة بطريقة ملائمة وفقا لدرجة خطورتها ولموافقة وزارة الصحة والجهات ذات العلاقة.
ب) أو تجميع المياه في خزان إسمنتي مصمت وغير نفاذ ونضح ونقل محتوياته إلى محطة معالجة معلومة.
حاول المشرع في التعليمات المذكورة أعلاها، بتحديد أهم الأنواع الملوثات الكيمائية والبيولوجية والتي أعطت للمياه العادمة الناتجة من المرافق الصحية تلك الخطورة الكبيرة. أيضا وضع قيود على عملية التخلص من المياه العادمة من المرافق الصحية وغيرها بهدف الحد والتقليل من ضرر تلك المياه العادمة على البيئة، كما جعل المشرع الدولة المثمتلة في وزارة الصحة والجهات ذات العلاقة (مثل وزارة المياه والري) هي التي لها سلطة تمنح بموجبها الموافقات للجهات لتصريف المياه العادمة، وفي نفس الوقت هي الجهات التي تراقب إجراءات التخلص من تلك المياه.
ملاحظاتي من خلال الزيارات الميدانية للمستشفيات والمرافق الصحية بخصوص التخلص من المياه العادمة لديها.
سأذكر لكم هنا أهم النقاط التي خرجت بها من زياراتي المتكررة للمستشفيات والمرافق الصحية في مدينة طرابلس- ليبيا وبعض القرى الصغيرة حول إجراءات تخلصهم من المياه العادمة:
1- لأحظنا أن غالبية المرافق الصحية والمستشفيات بدون محطات معالجة مياه الصرف الصحي، بعض المستشفيات الكبري لديها محطات معالجة ولكنها لم يتم تشغيلها منذ تأسيس تلك المستشفيات.
2- غالبية المياه العادمة في المستشفيات يتم صرفها مباشرة إلى شبكة الصرف الصحي العامة للبلدية، وهذا في المدن الكبرى مثل طرابلس وبنغازي والزاوية. فمدينة بحجم مدينة طرابلس – ليبيا تقع على ساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط معتمدة بالكامل على تصريف مياه الصرف الصحي إلى البحر مباشرة من خلال أكثر من ثلاثون مخرج صرف صحي إلى البحر، فهذا أمر يندر بكارثة بيئية كبيرة ستوثر ليس فقط على الكائنات الحية هناك بل ستوثر أيضا على الإنسان.
3- أما في القرى الصغرى، والتي لا يوجد بها شبكة صرف صحي عامة، فيتم استعمال آبار سوداء لتجميع المياه العادمة ويتم تفريغها ونقل محتوياتها إلى أطرف تلك القرى الصغرى. وقد لاحظنا بأن الآبار السوادء الموجودة منفذة للسوائل ومفتوحة وغير مغلقة من تحت بالإسمنت.
4- لاحظنا أن غالبية معامل علم الأمراض (المختبرات الباثولوجية) يقومون بصرف القلويات والأحماض والمذيبات مباشرة إلى شبكة الصرف الصحي العامة بدون معالجة أو معادلة لتلك السوائل للتقليل من خطورتها.
5- يتم التخلص من أدوية العلاج الكيماوي المنتهية الصلاحية في أقسام الأورام بتصريفها مباشرة إلى شبكة الصرف الصحي العامة، وهذه الأنواع من الأدوية لا تتكسر في الطبيعة، كما أن لها أضرار صحية كبيرة ويمكن أن تسبب في تشوهات وطفرات وسرطانات في الكائنات الحية، أي يمكن لها التسبب في تدمير النظم الأيوكولوجية المحيطة بنا.
وأخيرا، من الضروري جدا وضع لوائح وتعليمات وإجراءات تنظم عملية التخلص من المياه العادمة الناتجة من المستشفيات والمراكز والمرافق الصحية بسبب الخطورة الكبيرة التي تشكلها تلك المياه على الصحة العامة والبيئة ككل إذا لم يتم التخلص النهائي منها بالطريقة السليمة
المرجع:
تعليمات إدارة النفايات الطبية، المملكة الأردنية الهاشمية رقم 1/ 2001، الصادر في الجريدة الرسمية العدد 4511 بتاريخ 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2001، الفقرة رقم 8 تحت عنوان: المياه العادمة- الجمع والمعالجة والتخلص النهائي.
الوضع الحالي لمحطات معالجة المياه العادمة في المستشفيات
تحت معرض الصور يبين وضع محطات معالجة مياه العادمة (مياه الصرف الصحي) الناتجة من مستشقيات في مدينتين بجنوب ليبيا خلال زيارة قمت بها لمعاينة وضع إدارة النفايات الطبية الصلبة والسائلة في مدن الجنوب الليبي.
1- توجد محطتين لمعالجة المياه العادمة في المستشفيات المركزية، المستشفى المركزي مرزق والمستشفى المركزي بمدينة أوباري وهي عاطلة عن العمل ولم تعمل منذ تأسيس المستشفى واستقباله للمرضى منذ سنوات طويلة.
2- كما توجد محطة رئيسية لمعالجة مياه الصرف الصحي بمدينة مرزق وهي ايضا خارجة عن العمل منذ سنوات.
3- مياه الصرف الصحي للمستشفيات مختلطة مع مياه الصرف الصحي للمنازل وهي تنتهي في الشوارع مكونة مستنقعات كبيرة وهي مصدر كبير للمخاطر الصحية في المدينة.
مجهود كبير استاذنا د الطاهر ربي يجازيك خير وحضرتك دائما في الموعد وهذا موضوع خطير جدا يحتاج الى تعريف مسؤولي الصحة به و وضعهم امام مسؤوالياتهم موفق استاذنا ولكم كل الاحترام والتقدير
ا.د عادل ابوشوفة
كلية الصيدلة
بارك الله فيكم على هذا التفاعل استاذ دكتور عادل، نعم هذه واحدة من النقاط الصحية البيئة المهمة والتي لم تعطى أهتمام كبير من قبل الجهات ذات العلاقة، فكما ذكرت في المقالة بأن غالبية المستشفيات الكبرى لديها محطات صغيرة لمعالجة المياه العادمة ولكنها لا تشتغل، بل بالأحرى أنها لم تشتغل نهائيا منذ تركيبها، وهذا أمر غريب…شكرا جزيلا استاذنا الفاضل