يبدو دائمًا أن راحة الغرب لها الأسبقية على مصالحنا
The convenience of the West always seems to take precedence over ours.
لا ننتهي من أزمة بيئية حتى تظهر الأخرى، والعامل المشترك في تلك الأزمات أنها كلها من صنع الإنسان، أزمات لم تكن موجودة في الكوكب، إحدى هذه الأزمات (أو الكوارث البيئية) التي اصبحنا نعاني منها الأمرين هي أزمة البلاستيك، كميات ضخمة تنتج وترمي يوميا، جسيمات البلاستيك أصبحت في كل نواحي حياتنا، فتجد الجسيمات البلاستيكية في المواد الغذائية وفي الملح، وفي الأسماك التي يتناولها الإنسان.
وإذا ما تكلمنا عن أزمة البلاستيك وتلوثها في البحار والمحيطات، فهنا نرى حجم الكارثة، قدرت دراسة في سنة 2015 بأن حوالي 8 مليون طن متري من نفايات البلاستيك تذهب من اليابسة إلى البحار والمحيطات كل سنة، بما يقدر بحجم خمسة أكياس بقالة ممتلئة بالبلاستيك في كل مسافة قدم واحدة من الشواطئ البحار في العالم. أما دراسة أخرى عام 1994 حول مستخدمين شبكات الصيد في قاع البحر حول سواحل إسبانيا وفرنسا وإيطاليا أفادت أن بوجود كثافة عالية من المخلفات البحرية بمتوسط 1,935 صنف لكل كيلومتر مربع، شكلت مخلفات البلاستيك 76 ٪ ، منها 94 ٪ أكياس البقالة البلاستيكية.
بداء العالم في تصنيع البلاستيك في الخمسينيات القرن الماضي، ففي وقتنا الحالي معظم أو غالبية ما يستعمله الأنسان في حياته على هذا الكوكب مصنوع من البلاستيك، وسبب انتشاره الكبير لأنه مادة رخيصة جدا، وسهلة الانصياع والتشكيل، وفوائدها كثيرة زادت من رفاهية الإنسان وراحته بحيث دخلت في العديد من الأشياء التي يستعملها خلال يومه ولا يستطيع الاستغناء عنها. ولكن وبعد مرور فقط ستون سنة أصبح التلوث بهذه المادة إحدى المشاكل العالمية الكبرى وقد وصل تلوثها إلى كل الأماكن في الكوكب بدون استثناء وتأثيرها الضار القوي كان واضحاً في البحار والمحيطات بشكل كبير.
حاليا أزمة البلاستيك أصبحت متفاقمة، وقد انتبهت لها الدول الغربية، بسبب الكميات الضخمة من النفايات البلاستيكية التي تنتجها والتي تريد التخلص منها والخطورة الناتجة منها، وبسبب القوانين البيئية الصارمة في هذه الدول أصبحوا يبحتون على حلول، بعيدا عن بلدانهم، في الدول الفقيرة لمعالجة هذه المشكلة. فأصبحوا يمارسون تأثيرهم الاستعماري القديم، والذي لا زال يمارس بقوة، سوء بالضغط السياسي أو بالضغط الاقتصادي على دول العالم الثالث (الفقيرة) لرمي نفايتها الخطرة، فأصبحت هذه الدول بين عشية وضحها مكبات مفتوحة لكل أنواع النفايات الخطرة.
في مقالة بموقع منظمة السلام الأخضر للكاتب أنجيلو لو بعنوان ” معاهدة البلاستيك: توقفوا عن استغلال الدول الأفريقية والدول ذات الأغلبية العالمية الأخرى بـ “استعمار النفايات” ذكر فيها أن بعد ما رفضت الصين قبول نفايات البلاستيكية من الولايات المتحدة الأمريكية، انتقلت مباشرة وببساطة إلى الدول النامية، فقد تم رمي أكثر من مليار طن من البلاستيك في بلدان مثل السنغال وكينيا في العام الذي يليه، فلازالت حتى وقتنا الحالي تدفع الدول النامية شكل من الأشكال الضرائب الاستعمارية، ولا زالت العلاقة الاستغلالية هي طريقة التعامل معهم. وكما قال كاتب المقالة “من الصعب للغاية كسر هذه العادات الاستعمارية القديمة. يبدو دائمًا أن راحة الغرب لها الأسبقية على مصالحنا”.
وفي الختام، السؤال الذي طرحه الكاتب أنجيلو لو ما الذي نحتاجه بالفعل للتعامل مع أزمة البلاستيك؟ وكانت إجابته: نحن بحاجة إلى حل يتناسب مع حجم المشكلة ، نحن بحاجة إلى معاهدة بلاستيكية عالمية (Plastics Treaty) قوية تضمن الحد من إنتاج البلاستيك واستخدامه ، وتضمن اتباع نهج شامل لإنهاء أزمة التلوث البلاستيكي وليس تلك التي بها ثغرات تسمح للملوثين بالاستمرار في طموحاتهم في إغراق العالم بالبلاستيك، بحيث تكون ملزمة قانونيا لضمان امتثال الحكومات وقطاع الصناعي في كل دول العالم، ومحاسبة الشركات الملوثة، وأن تتحمل الدول الغربية الصناعية الكبرى مسئولياتها في إدارة نفاياتها في دولها، ومطالبة البلدان الغنية بقيادة عملية التحول إلى صفر نفايات ومساعدة الآخرين، والأهم أن تنهي الدول الغربية استعمارها بالنفايات (Ending Waste Colonialism) في الدول النامية.
REF: Angelo Louw, Plastics Treaty: Stop exploiting African and other global majority countries with ‘waste colonialism’.2 February 2022
اترك تعليقاً