مخلفات معاصر الزيتون
تعد شجرة الزيتون من الأشجار المعمرة دائمة الخضرة وذات قيمة إقتصادية وبيئية هامه نظرا لاحتوائها على ثمار الزيتون التى يستخرج منها زيت الزيتون ذو الفوائد الصحية والغذائية العالية، فهو غنى بالاحماض الدهنية المفيده والفيتامينات، وتعتبر ليبيا واحدة من دول حوض البحر المتوسط التى تمتاز بالمناخ المناسب لزراعة أشجار الزيتون، وخاصة إنتاج زيت الزيتون عالي الجودة والمخصص للاستهلاك والتصدير، وتصنّف ليبيا من بين المنتجين الرائدين في العالم اليوم.
ينتج من استخلاص زيت الزيتون كميات كبيرة من المخلفات الثانوية التي تتكون من نوعين: المواد الصلبة المعروفة باسم الفيتورة، والمواد السائلة المعروفة باسم ماء المرجين، حيث يُنتج كل 100 كيلوغرام من الزيتون، في المتوسط، نحو 35 كيلوغرامًا من الفيتورة و100 لتر من مادة المرجين ومع إستخدام التقنيات الحديثة زادت نسبة المخلفات السائلة.
وبسبب قصر فترة الإنتاج المتراوحة بين 3 إلى 5 أشهر فقط بالإضافة الى صغر حجم معاصر الزيتون ترتفع تكاليف الاستثمار والتشغيل لمعاصر الزيتون.
يحتوى ماء المرجين الناتج من معاصرالزيتون Olive Mill Wastewater وتختصر ب “OMWW” – وهو سائل ذا رائحه نفاذة ولون أسود- على عناصر ومركبات ذات فائدة مثل مضادات الاكسدة والبوتاسيوم وبعض الفيتامينات، كذلك يحتوى على حمل ميكروبى عالى متنوع من الخمائر والاكتينومايسيتات والبكتيريا والفطريات.
وتعرف مادة المرجين أيضًا باسم المياه النباتية – تتكون من ماء الزيتون ومياه غسل الزيتون- وتظهر شدة خطرها خاصة مع وجود مادة البوليفينول السامة مع ارتفاع درجة الحموضة (pH) والجسيمات والمواد العضوية القابلة للذوبان.
ويتم الحصول على الزيت بالطرد المركزى او بالضغط (الكبس)، والطريقة الأخيرة هى الاكثر شيوعا، ونظرا لأن الكميات المنتجة من مخلفات عصر الزيتون كبيرة خاصة فى التقنيات الحديثة لاحتوائها على ماء غسيل الزيتون فإن عدم معالجتها بشكل صحيح قبل تصريفها في البيئة يؤدى إلى سمية للنباتات وتنتج سموم تضر بالتربة وتجذب الحشرات والروائح الكريهة ويحدث ضرراً بيئياً، اجتماعياً واقتصادياً وخلصت بعض الدراسات إلى أن مخاطر نفايات زيت الزيتون المعروفة بمادة ” المرجين ” ، تفوق 100 مرة آثار التلوث التي تخلفها مياه الصرف الصحي الناتجة عن الاستعمالات المنزلية.
مخاطر التخلص العشوائى من المخلفات الصلبة والسائلة لمعاصر الزيتون :
وتعاني جميع الدول النامية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا من من عدم معالجة وإزالة السموم من مخلفات معاصر الزيتون حيث يتم التخلص من النفايات الناتجة في الأنهار والبحيرات أو إعادة استخدامها في الري، مما يؤدي الى تلوث المياه الجوفية وإتخام البحيرات والأنهار والقنوات بالنفايات السائلة، وهذا بدوره يؤدي إلى تناقص أعداد النباتات المائية والأسماك وغيرها من الحيوانات بسبب النمو المفرط للطحالب مما يسبب ضرراً بالبيئة البحرية . فموت الطحالب وتحللها، يؤدى إلى إرتفاع مستويات المواد العضوية والكائنات المتحللة مما تستنزف الأكسجين الموجود في المياه فيؤدي إلى انخفاض أعداد الأحياء المائية.
ومن الطرق التقليدية والشائعة فى التخلص من مخلفات معاصر الزيتون استخدام تكتيك جمعها والاحتفاظ بها في أحواض أو برك كبيرة حيث يتم تبخيرها وتجفيفها إلى مكون شبه صلب، وهذا سيضر بالبيئة فعدام التخلص السليم من مخلفات معاصر خاصة السائلة (ماء المرجين) يؤدى الى تلوث الماء الجوفى والسطحى والتربة، كما أن الرائحة النفاذة لتلك المخلفات تجذب الحشرات وتضر بسكان المناطق المحيطة، نتيجة لارتفاع محتوى المخلف من المادة العضوية وال CODو ال BOD5 والفينولات الكلية فيصعب صرفه فى المجارى المائية ، ويؤدى السكب العشوائي للمرجين، إلى تلوث البيئة ووقوع حوادث مرورية قاتلة.
عملية التبخر الطبيعي:
تستخدم الكثير من الدول العربية عملية التبخر الطبيعي، مما يساعد فى إنخفاض كبير في الملوثات العضوية والبوليفينول والمواد العالقة، حيث تعد عملية إعادة تدوير مادة المرجين من العمليات الهامة وذات الكفاءة العالية، ويمثل جزءًا من النظام الاقتصادي من أجل تشجيع المعاصر على عدم نشر هذه المادة في الطبيعة، ولكن اعتبارها منتجًا ثانويًا قابلًا للتدوير. وأظهرت بعض الدراسات فاعلية النموذج الإيكولوجي “المبخر الطبيعي” الذي تم تصميمه لمعالجة مادة المرجين، وقد بينت أن هذه العملية تعد بديلًا جديدًا وواعدًا للحفاظ على البيئة بشكل أفضل وبتكلفة أقل.
التبخر الطبيعي: أُجريت دراسة لتصميم نظام مغلق للتبخر الطبيعي منخفض التكلفة وسهل التشغيل، يهدف إلى تبخير 80% من ماء المرجين وإنتاج 20% من المادة الصلبة. أظهرت النتائج إمكانية إعادة استخدام المياه المجمعة في تنظيف وتطهير الأماكن مثل المصانع والمزارع
وتعتبر مادة الفيتورة من النفايات، ولكنها أقل تلويثًا من مادة المرجين، لذا تعيد بعض معاصر الزيتون استخدامها، إما لاستخلاص زيت الفيتورة بعد المعالجة بالمذيبات، وإما وقودًا في الغلايات الصناعية أو الأفران أو الحمامات العامة. غير أن مادة المرجين لا تزال تعتبر المشكلة الرئيسية لأصحاب معاصر الزيتون، وذلك بسبب التكلفة العالية للتخلص منها من ناحية، ونقص تقنيات العلاج المناسبة لها من ناحية أخرى.
تُعالج مادة المرجين باعتماد الطرق الفيزيوكيميائية والبيولوجية، أو من خلال تقنية التبخر الطبيعي بواسطة الطاقة الشمسية، التي تعتمد بشكل رئيسي على درجة أشعة الشمس والرطوبة. وتعتبر هذه التقنية آلية بيئية فعالة جدًا لمعالجة المرجين، وهي غير مكلفة وسهلة الاستعمال، ومربحة، ولمعالجة ماء المرجين يمكن :
- تصميم وتصنيع نموذج أولي لنظام مغلق للتبخر الطبيعي/ لمعالجة مادة المرجين.
- تقييم المركبات الفيزيوكيميائية والمكونات الميكروبيولوجية والمعادن الثقيلة في مادة المرجين قبل وبعد معالجتها.
- إعادة تدوير المادة الصلبة (العجينة) المتحصل عليها بعد المعالجة لصناعة الصابون.
ماء المرجين (الماء الأسود) الناتج عن عصر الزيتون يُعتبر نفاية سائلة غنية بالمواد العضوية والمركبات الكيميائية، والتي يمكن أن تُسبب أضرارًا بيئية كبيرة إذا لم يتم التخلص منها بشكل سليم، حيث تعتبر هذه المشكلة تحديًا بيئيًا في العديد من الدول العربية المنتجة لزيت الزيتون، وتختلف طرق التعامل مع هذه المخلفات بين الدول، حيث تسعى كل دولة لتطبيق حلول تتناسب مع ظروفها البيئية والاقتصادية، حيث توجد عدة طرق بيئية آمنة للتخلص من ماء المرجين وتقليل تأثيره السلبي على البيئة، وتشمل:
1. المعالجة البيولوجية
الهضم اللاهوائي: يتم استخدام الكائنات الدقيقة لتحليل المواد العضوية في ماء المرجين لإنتاج غاز الميثان (البيوجاز) والطاقة.
المعالجة بالأحواض الطبيعية: تُستخدم البحيرات أو الأحواض المبطنة لتقليل التلوث العضوي عبر النشاط البيولوجي الطبيعي للكائنات الدقيقة.
2. المعالجة الكيميائية والفيزيائية
أ.التخثير والتلبيد: تُضاف مواد كيميائية (مثل أملاح الحديد أو الألومنيوم) لتجميع الجزيئات الصغيرة وتحويلها إلى كتل أكبر يمكن ترسيبها.
ب.الأكسدة: يتم استخدام تقنيات الأكسدة الكيميائية لتحليل المركبات العضوية السامة مثل الفينولات.
ج. التقطير أو الترشيح: تقنيات فصل المياه عن المركبات العضوية الثقيلة.
3. إعادة الاستخدام
إنتاج السماد العضوي: يتم خلط ماء المرجين مع مخلفات زراعية أو عضوية أخرى لتحضير السماد العضوي (الكمبوست).
الري الزراعي: يمكن استخدامه لري الأشجار غير المثمرة بعد تخفيفه ومعالجته لتقليل السمية.
4. الحلول الطبيعية
التحلل في التربة: يتم توزيع كميات صغيرة من ماء المرجين على الأراضي الزراعية بعد معالجتها لتجنب التراكم الضار.
الزراعة المائية : زراعة نباتات قادرة على امتصاص الملوثات من ماء المرجين.
5. الطاقة المتجددة (تحويله إلى طاقة) :
يُمكن استخدام ماء المرجين في إنتاج الوقود الحيوي أو الطاقة الكهربائية من خلال الهضم اللاهوائي.
6. التحويل الصناعي:
يُمكن استخلاص المركبات الكيميائية ذات القيمة مثل البولي فينولات، التي تُستخدم في الصناعات الدوائية والتجميلية.
بناء على العديد من الدراسات تستخدم المخلفات السائلة ( ماء المرجين) بعد معالجتها حيويا وإزالة السموم فى :
- الأغراض الزراعية (كمخصب عضوي حيوى يزيد من إنتاجية المحاصيل).
- المقاومة الحيوية سواء للحشائش وتقليل منافستها للمحاصيل او فى المقاومه الحيوية للامراض الفطرية او البكتيرية للنبات بسبب مكوناتها الفعالة بيولوجيا .
تتكون المكونات الفعالة لماء المرجين من نسب عالية من الفينولات الطبيعية، حيث يتم عمل مستخلصات عضوية من تلك الفينولات ومشتقاتها بتركيزات مختلفه وتستخدم فى المكافحه بكميات ومواعيد اضافة مدروسه.
التوصيات:
- وضع اشتراطات وضوابط ومواصفات لاعادة تدوير مخلفات معاصر الزيتون كإحدى الانشطة الصناعية المهمة اليوم خاصة مع تزايد استخدام التقنيات الحديثة.
- تعزيز البحث العلمي: تشجيع الدراسات والأبحاث لإيجاد حلول مبتكرة وفعّالة للتخلص من ماء المرجين.
- التعاون الإقليمي: تبادل الخبرات والاستفادة من التجارب بعض الدول لتطبيق أفضل الممارسات فى هذه المجال .
- التوعية والتدريب: توعية المزارعين وأصحاب المعاصر بأهمية التخلص السليم من ماء المرجين وتدريبهم على التقنيات المناسبة.
المصادر:
- استخدام مخلف ماء عصر الزيتون كسماد عضوي حيوى، د. غادة أمين زكي إبراهيم، باحث بقسم خصوبة وميكروبيولوجيا الأراضى، وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي
قطاع الارشاد الزراعي، جمهورية مصر العربية. - دراسة حول معالجة مادة المرجين بواسطة المبخر الطبيعي بوصفه نموذجًا إيكولوجيا: مثال من تونس. وفاء حسن, لطفي سوسية, أسماء بلطيفة, كريمة بكير, عفيفة بلعيد، الهادي بن منصور، المجلة العربية للبحث العلمي، تاريخ النشر 13.أكتوبر.2021
- Olive mill wastewater causing pollution in the Oum Er Rbia River and potential environmental effects and impact on the Eurasian Otter Abderrazak EL ALAMI1*,Abderrazzak FATTAH2 1Academy of Education and Training of Beni Mellal-Khenifra, Ministry of National Education, Vocational Training, Higher Education and Scientific Research of Morocco. 2Laboratory of Bio-Geosciences and Materials Engineering, Higher Normal School, Hassan II University, Casablanca, Morocco.
اترك تعليقاً