المخلفات الطبية الناتجة عن العناية الصحية بالمرضى في المستشفيات أو المخلفات الطبية الناتجة عن عمليات التشخيص أو التحاليل الطبية بمعامل والمختبرات الطبية تحتوي على كميات كبيرة من المواد الخطرة المعدية ذات الآثار الصحية الضارة للأفراد العاملين والمحيطين لهم وأحيانا كثيرة للمرضى أنفسهم فتسبب لهم أمراض أخرى غير التي دخلوا بها لذلك المرفق. هذه المخلفات تحتوي على مواد معدية من ميكروبات وفيروسات سريعة الانتشار ومواد حادة ملوثة بسوائل المرضى وأيضا لاحتواها على مواد كيماوية خطرة على الإنسان وقد تسبب طفرات وتشوهات للأحياء بالبيئة المحيطة.
كل الإفراد العاملين بالصحة والذين يتعرضون للمخلفات الطبية داخل المرفق الصحي المنتج لتلك المخلفات أو خارج ذلك المرفق كالأشخاص المسئولين عن جمع ونقل والتخلص من تلك النفايات، أو غيرهم من الذين تعرضوا لها عن طريق الخطاء والإهمال أو الأشخاص العابثين بتلك النفايات (مثل مدمني المخدرات في استخدامهم أبر المرضى الملوثة ذات الاستخدام الواحد).
التعرض للمخلفات الطبية للمرضى المحتوية على كميات مختلفة ومتنوعة من ميكروبات المرض من بكتيريا وفيروسات وفطريات وديدان تؤدي للهلاك والى أمراض خطيرة للأفراد من عاملين ومرضى، أو المحتوية على أدوية وكيماويات ومواد مشعة، كل هذه العوامل المعدية الممرضة قد تدخل الجسم بإحدى الطرق الآتية:
الأضرار الصحية للمخلفات الطبية تختلف باختلاف أنواع تلك المخلفات وسنذكر أضرار كل نوع من المخلفات الطبية (الجدول 1) على حده في الفقرات الآتية:
المخلفات الطبية المعدية والحادة قد تحتوي على كميات كبيرة متنوعة ومختلفة من ميكروبات المرض والأمثلة كثيرة لتلك الميكروبات المعدية وطرق انتقالها وأكثر الأقسام الطبية تواجدا بها:
تعتبر المخلفات الحادة مثل إبر الحقن أو الأدوات الحادة الطبية الأخرى الملوثة مثل المشارط والأمواس والمناشير من أهم وأكثر المخاطر الصحية لتلك المخلفات ويرجع ذلك لسهولة إدخال الميكروب للجسم عبر الوخز أو القطع إلى مجرى الدم مباشرة.
العديد من المخلفات الكيماوية والصيدلانية المستعملة بالمؤسسات الصحية تعتبر من ضمن مصادر الضرر للعاملين والعاملات والبيئة المحيطة، فبعض منها مواد كيماوية سامة ومواد محدثة للسرطانات والطفرات بالخلية البشرية والأحياء البرية، بالإضافة الى وجود مواد كيماوية أخرى حارقة وسريعة الاشتعال والانفجار. كميات المواد الكيماوية والصيدلانية قد تكون قليلة عند الاستعمال ولكن الكميات الكبيرة تنشى عن وجود مواد قد انتهت مدة صلاحيتها أو لم يتم استعماله لعدم الرغبة في استخدامها.
مخلفات بعض المواد الكيماوية تسبب تسمم عن التعرض لها بكميات كبيرة في فترة زمنية قصيرة مثل مواد التطهير والتعقيم أو عند التعرض لها بكميات قليلة لفترات زمنية طويلة كالزئبق، التعرض قد يكون بسبب امتصاص الجلد أو الأغشية المخاطية أو عن طريق الاستنشاق أو بلع .
جروح الجلد أو العين أو الأغشية المخاطية للجهاز التنفسي قد تحدتها تناثر المواد الكيماويات الحارقة والقابلة للاشتعال وشديدة الانفجار (مثل مركبات الفرمولدهايد المستعملة في التعقيم وحفظ عينات الأنسجة) ومن أكثر الجروح التي تحدت للجلد بسبب تلك المخلفات هو الحرق.
صرف بقايا الكيماويات إلى شبكة المجاري العامة (الصرف الصحي) قد تؤدي لأضرار بيئية حيوية بسبب عدم مقدرة محطات معالجة مياه المجاري للقضاء والتخلص من تلك المواد بالمقارنة مع سهولة التخلص من الميكروبات، بعض المخلفات الصيدلانية لها أثار مدمرة للنظم البيئية الطبيعية (natural ecosystems ) مثل بقايا مخلفات الأدوية من مضادات حيوية وأدوية المستخدمة لعلاج الأمراض السرطانية (cytotoxic drug) والتي لها المقدرة على قتل الأحياء الدقيقة الموجودة والضرورية لتلك النظم، وكذلك أمكانية حدوث طفرات وتشوهات للكائنات الحية المحيطة، ووجود كميات كبيرة من المخلفات الطبية السائلة الناتجة من المستشفيات المختلطة مع بقايا المعادن الثقيلة كالزئبق ومركبات الفينول ومشتقاته السامة وبعض نواتج مواد التعقيم والتطهير والتي تساهم أيضاء في زعزعت تلك النظم.
التعرض للأدوية المستعملة لعلاج الكيماوي للأمراض السرطانية عند تحضيرها أو إعطاءها للمرضى أو عند تصريفها والتخلص منها قد يسبب أضرار للعاملين بالصحة وذلك لمقدرة تلك المواد على قتل الخلايا البشرية أو أحداث تشوهات بها. وطرق التعرض تختلف منها خلال استنشاق الغاز أو الغبار المتطاير لتلك الأدوية أو الامتصاص الجلد المباشر أو ابتلاع مواد غذائية ملوثة بتلك الأدوية أو مخلفاتها أو بسبب سواء التعامل وضعف ناحية العملية مثل استعمال الفم لسحب السوائل بواسطة السحاحة ، أيضاء التعرض ينشىء بواسطة التلوث بسوائل وإفرازات جسم المرضى المعالجين بتلك الأدوية حيت انه توجد كميات كبيرة من تلك الأدوية ببول وبراز المرضى خلال الأيام الأولى من العلاج.
سمية الأدوية المستعملة في العلاج الكيماوي عالية جدا فمعظمها يؤثر في الحمض النووي للخلايا والتجارب أثبتت مقدرة تلك المواد في تكوين أورام سرطانية (carcinogenic ) وطفرات غريبة (mutagenic ). وتعتبر هذه الأدوية مهيجة للخلايا والأنسجة الموضعية بعد التعرض لها في الجلد والعين وقد تسبب أعراض مرضية أخرى مثل الصداع والغثيان وبعض التغيرات والتشوهات الجلدية.
خطورة وشدة الأمراض المسببة بواسطة التعرض للمخلفات الطبية المشعة تعتمد على نوع وكمية الأشعة المتعرض لها، تتدرج من الأعراض البسيطة مثل الصداع والدوخة والقيء إلى أكثر الأعراض خطورة، ويوجد تشابه كبير بين المخلفات الطبية الصيدلانية من أدوية علاج الأمراض السرطانية وبين المخلفات الطبية المشعة لتأثير الاثنين على المحتوي الجيني الوراثي للخلايا، فالتعامل مع مصادر المواد المشعة النشطة في تشخيص وعلاج بعض الأمراض قد يسبب أضرار أكبر مما هو متوقع من تدمير أنسجة وخلايا بشرية فالحذر والعناية الفائقة عند التعامل مع تلك المواد ضروري جدا. أما أضرار المخلفات المشعة الأقل نشاطاً قد ينشى بسبب تلوث الأسطح الخارجية للأدوات المستخدمة، أو بسبب سوء تخزين تلك المواد، أما بالنسبة للأشخاص الأكثر عرضة لهذا النوع فهم فنيين أقسام الأشعة ولا ننسى عمال وعاملات النظافة بتلك الأقسام.
بغض النظر عن الأضرار الصحية للمخلفات الطبية بجميع أنواعها فهناك عدم قبول وعدم رضا وتحسس كبير من رؤية نفايات المؤسسات الصحية وهي تحتوي على بقايا بشرية من مخلفات العمليات من أعضاء بشرية ومشيمة أو رؤية بقايا دماء ملوثة هنا وهناك. ففي جميع الحضارات الإنسانية يرفض رفضاً باتاً رمي أعضاء وبقايا بشرية من العمليات مع النفايات ومن ثم ترمى بعد ذلك بالمكبات العامة.
أثار المخلفات المعدية والحادة في صحة المجتمع
يعتبر العاملين بالصحة وبالأخص طاقم التمريض أكثر الأشخاص إصابة بفيروسات الدم المعدية مثل فيروس نقص المناعة المكتسبة الإيدز من خلال وخز الإبر والحقن الملوثة بدماء المرضى، أيضاء الفنيين وطواقم الطبية المساعدة والعاملين في جمع ونقل والتخلص من النفايات بالمستشفى عرضة لهذه الإصابات والعاملين بالمكبات القمامة العامة. تعتبر عدد الإصابات بهذا النوع من المخلفات للمرضى والزائرين أقل بكثير من العاملين وذلك لعدم احتكاكهم المباشر ولمدد زمنية أقل بها وهذا إذا لم يتم العبث بهذا النوع من المخلفات من قبلهم. ولكن هناك خطورة من انتقال بعض الأمراض في حالات الإهمال وتصريف الغير مقنن والسليم للمجاري الصرف الصحي بالمستشفيات وبالأخص أقسام الأمراض السارية، فبعض الدراسات وجدت أن هناك بعض الأوبئة مثل الكوليرا في أمريكا اللاتينية كانت بسبب تصريف الغير صحي لمجاري تلك الأقسام.
حالات الإصابات الفردية بالعدوى نتيجة المخلفات الطبية كثيرة ومتعددة ولكن من الصعب حصرها بسبب عدة عوامل وخاصة في دول العالم النامية فالتعرض للمخلفات الطبية بسبب الإهمال وعدم الدراية أو ضعف الناحية التقنية في التخلص منها يؤدي بتالي لإصابات متعددة ومتنوعة يرجع لتنوع مسببات المرض.
سنة 1992 كانت هناك ثماني حالات عدوي بفيروس فقد المناعة المكتسبة في فرنسا بسبب إصابات مهنية للعاملين بالصحة وحالتين منها كانت بسبب جرح نتج عن نقل المخلفات الطبية، وفي سنة 1994 سجلت 39 حالة إصابة بنفس الفيروس في الولايات المتحدة الأمريكية وكانت أسبابها كالأتي: 32 حالة إصابة بسبب وخز إبر ملوثة، وحالة واحدة بسبب جرح مشرط ملوث، وحالة واحدة بسبب جرح من أنبوب مكسور كان به دم مريض مصاب، وحالة واحدة أخري كانت بسبب مادة غير حادة، وأربع حالات كانت بسبب تلوث الجلد أو الأغشية المخاطية بدم ملوث بالفيروس ومع سنة 1996 ازدادت الحالات إلى 51 حالة إصابة وكان معظمهم طاقم تمريض وأطباء وفنيين معامل تحاليل. أما بالنسبة لفيروسات التهاب الكبد فالحالة أسوء بكثير، تقرير وكالة حماية البيئة الأمريكية أشار أن هناك سنوياً مابين 162 إلى 321 حالة إصابة بفيروس التهاب الكبد البائي بسبب المخلفات الطبية الحادة من العدد الإجمالي للإصابات في السنة بسبب وخز الإبر والذي يصل إلى 300000 حالة في السنة الواحدة.
الوظيفة بالصحة | عدد الإصابات بجرح ووخز الإبر سنوياً |
عدد الإصابات بفيروس الكبد البائي بسبب وخز الإبر |
تمريض داخل المستشفيات | 17700-22200 | 56-96 |
تمريض خارج المستشفيات | 28000-48000 | 26-45 |
العاملين بمعامل التحاليل بمستشفيات | 800-7500 | 2-15 |
عاملات وعمال النظافة بالمستشفيات | 11700-45300 | 23-91 |
فنيين بالمستشفيات | 12200 | 24 |
أطباء وأطباء أسنان بالمستشفيات | 100-400 | <1 |
أطباء خارج المستشفيات | 500-1700 | 1-3 |
أطباء الأسنان خارج المستشفيات | 100-300 | <1 |
مساعدي أطباء الأسنان خارج المستشفيات | 2600-3900 | 5-8 |
العاملين بالإسعاف خارج المستشفيات | 12200 | 24 |
عمال القمامة خارج المستشفيات | 500-7300 | 1-15 |
بالنسبة للأمراض الأخرى والتي لها علاقة مباشرة بالمخلفات الطبية فالإحصائيات غير كافية ولكن على حسب أرقام الإصابات بفيروسات التهاب الكبد البائي فيجب على العاملين بالصحة والذين لهم علاقة بالمخلفات الطبية أخد اللقاحات ضد المرض. أما بالنسبة للإصابات بهذا المرض في دول عالم النامي فقد تكون الأرقام أضعاف ذلك بسبب قلة الوعي في التعامل مع المخلفات الطبية.
اترك تعليقاً