Skip to main content

الملوثات البيئية الناتجة عن المؤسسات والمرافق الرعاية الصحية

تقدم المؤسسات والمرافق الطبية شتى خدمات الرعاية الصحية الضرورية للمواطنين، وهذه الخذمات محور حيوي في حياة أي مجتمع ولا غنى عنها، فهي أنشطة رعاية صحية تحمي بها الصحة وتعافيها وتنقذ الأرواح، فكلما كانت المنظومة الرعاية الصحية قوية كانت المجتمعات أكثر تعافي ورخاء وأقوى إنتاجية. تقوم تلك المرافق بتوفير سبل تشخيص الأمراض من التصوير الشعاعي والمقطعي […]

Environmental pollutants from healthcare institutions and facilities

تقدم المؤسسات والمرافق الطبية شتى خدمات الرعاية الصحية الضرورية للمواطنين، وهذه الخذمات محور حيوي في حياة أي مجتمع ولا غنى عنها، فهي أنشطة رعاية صحية تحمي بها الصحة وتعافيها وتنقذ الأرواح، فكلما كانت المنظومة الرعاية الصحية قوية كانت المجتمعات أكثر تعافي ورخاء وأقوى إنتاجية.

تقوم تلك المرافق بتوفير سبل تشخيص الأمراض من التصوير الشعاعي والمقطعي ومختبرات تحاليل طبية وباثولوجية، وتوفر أيضا خذمات الرعاية الصحية للمريض خلال علاجه وإعادة تأهيله من أدوات وتجهيزات طبية وجراحية، وكل ما يطلبه المريض حتى يتماثل للشفاء والتعافي من المرض ويعود لحياته الطبيعية في المجتمع.

كل تلك الخدمات الجليلة التي تقدمها المؤسسات والمرافق الرعاية الصحية ينتج عنها ملوثات بيئية ضارة إذا لم يتم التعامل معها بطريقة سليمة. تناقش هذه المقالة أهم الملوثات البيئية ومصادرها الناتجة عن المؤسسات والمرافق الصحية والتي تشمل الملوثات البيولوجية، والصيدلانية، والكيميائية، والمشعة، والمعادن الثقيلة وغيرها.

أولاً: الملوثات البيولوجية

تحتوي مياه الصرف الصحي للمستشفيات على كميات كبيرة من ميكروبات الأمراض المعوية من بكتيريا وفيروسات وديدان والتي تنتقل بسهولة خلال الماء والتي تأتي من عدة مصادر في الأوقات العادية أو فترة حدوث أوبئة وجوائح. كذلك تتلوث مياه الصرف الصحي للمدينة من أقسام الأمراض السارية والمعدية من مرضى الالتهابات المعوية مثل مرض الكوليرا وفيروس التهاب الكبد الألفي (HAV) وغيرها.

أيضا تأتي الملوثات البيولوجية من سوء التعامل مع النفايات الطبية الصلبة المحملة بالميكروبات المعدية بشتلا أنواعها ومن عدة مصادر في المستشفيات والمختبرات. وكذلك من النفايات الباثولوجية والتي تشمل أنسجة وبقايا بشرية مثل المشيمة، ومخلفات العمليات من أعضاء الجسم المستأصلة، أجنة بشرية، وبقايا حيوانات استخدمت في التجارب، فكلها تعتبر مصادر للملوثات البيولوجية.

ايضا تعتبر المرافق الصحية مصدر كبير للميكروبات المكتسبة من المستشفيات (عدوى المستشفيات). وكذلك تأتي من مراكز مكافحة الأمراض الوبائية والجوائح مثل فيروس الكورونا والإيبولا والأنفلونزا وغيرها. ولا ننسى انتشار بكتيريا في البيئة من سوء التخلص من أطباق المزارع البكتيرية من مختبرات علم الأحياء الدقيقة الطبية بالمستشفيات إذا لم يتم حمع ونقل والتخلص منها بطريقة صحيحة.

الملوثات البيئية الناتجة عن المؤسسات والمرافق الرعاية الصحية

أيضا الملوثات البيولوجية تنتج من مخاطر حوادث وخز الإبر والمشارط والأدوات الحادة الملوثة في المجتمع من المرافق الصحية أو مراكز الحجامة والرقية الشرعية إذا لم يتم التخلص منها بالطرق السليمة والتسبب في الإصابات بفيروسات الدم الخطيرة مثل الإيدز وفيروس تليف الكبد البائي وغيره.

ثانياً: الملوثات الصيدلانية

كميات قليلة من الأدوية  يتم تصريفها لمياه الصرف الصحي من عدة مصادر يكون لها تأثير في الأفراد والبيئة المحيطة، والتي تأتي من عدة مصادر منها: الأقسام العلاجية بالمستشفيات ، الصيدليات ومخازن الأمداد الطبي ، معامل تحضير الأدوية ، خلال حملات التمنيع وأعطاء اللقاحات

من أضرار الملوثات الصيدلانية خطر زيادة مقاومة الميكروبات للدواء في الييئة، فبقايا الأدوية قد تحتوي على المضادات الحيوية وتكون سبب في تكوين البكتيريا المعندة في البيئة (البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية) والتي يصعب مقاومتها والقضاء عليها.

كما أن وجود ملوثات الأدوية في البيئة المحيطة له تأثير على الكائنات البحرية والبرية بإظافة إلى تأثيرها على بعض الأنشطة الإقتصادية مثل مزارع الأسماك  والمحار وغيرها. وخطورة تلك الأدوية لو وصلت إلى الغذاء وماء الشرب للإنسان في المجتمعات (استهلاك اجباري للدواء).

الملوثات البيئية الناتجة عن المؤسسات والمرافق الرعاية الصحية

ثالثاً: الملوثات الأدوية السامة الجينية: أدوية سامة لعلاج الأورام (cytotoxic drug) وبعض الأنواع الأخرى

وهذا النوع من الملوثات يوجد عادة في مخلفات السوائل والأدوية المستخدمة في علاج الأمراض السرطانية والتي لها المقدرة على قتل أو وقف نمو بعض أنواع الخلايا الحية وكذلك الأدوية المستخدمة لتثبيط الجهاز المناعي بعد زرع الاعضاء. هذه الملوثات تأتي من عدة أقسام منها: أقسام الأورام بالمستشفيات ،ومراكز المتخصصة في علاج السرطان.

تعتبر هذه المواد عالية الخطورة بسبب مقدرتها
 على أحداث طفرات Mutagenic ، أو تشوهات بالخلية Teratogenic، أو أورام Carcinogenic في الإنسان أو الكائنات التي البجرية والبرية التي تعيش حولنا.  وتسبب إجهاض للمرأة الحامل المتعرضة للدواء أو تشوهات بالأجنة.  وتسبب اضطراب بالجهاز التناسلي الذكري يؤدي إلى ضعف وحدوث تشوهات بالحيوانات المنوية. تهيج وحساسية موضعية بالجلد أو الأغشية المخاطية بعد ملامسة الدواء. وتغير في عدد كريات الدم.

الملوثات البيئية الناتجة عن المؤسسات والمرافق الرعاية الصحية

رابعاً: الملوثات المعادن الثقيلة

كميات من المعادن الثقيلة ذات السمية العالية يتم تصريفها مثل الزئبق والفضة والرصاص من عدة مصادر في المرافق الصحية كعيادات الأسنان ، وأقسام التصوير بالأشعة ، والأقسام الفنية المساعدة بالمستشفيات كقسم الحركة والميكانيكية

يأتي التلوث بالزئبق من عدة مصادر طبية أهمها عيادات الأسنان من عمليات تعبئة أسنان المرضى بمادة الحشو أملغم (Amalgam) والتي تحتوي على 49 %  زئبق.  والتلوث بمعدن الفضة من سوائل المظهر والمثبت في قسم التصوير بالأشعة (X-Ray).  أو التلوث الهواء الناتج من حرق أوراق التصوير بالأشعة مع النفايات الطبية.

خامساً: الملوثات الكيميائية

كميات هذا النوع من المخلفات متنوعة ومختلفة  ناتجة من عملية التعقيم والتنظيف اليومية للأجهزة والمعدات والأسطح والأرضية، كميات كبيرة من المذيبات من أحماض وقلويات عضوية وغير عضوية يتم تصريفها للمجاري العامة من عدة مصادر. وتاتي أيضا من المواد الكيماوية المستغنى عنها أو النواتج استخدامها من الكيماويات الصلبة، والسائلة والغازية المستخدمة في التشخيص أو المعالجة أو التجارب والابحاث. وتأتي من استعمال الفرمولدهايد لعملية التطهير للأقسام العلاجية وحجرات لعمليات، وأستعمال الفرمولين في حفظ عينات معمل الباثولوجي.

سادساً: الملوثات المشعة

كميات صغيرة من مخلفات سائلة مشعة ذات خطورة عالية جدا تذهب لمياه الصرف الصحي من أقسام علاج الأورام.  أقسام الطب النووي ، اقسام العلاج الأورام بالأشعاع.

فالمؤسسات والمرافق الصحية على الرغم من العمل الجليل الذي تقوم بها تعتبر مصدر كبير في المجتمع لمجموعة كبيرة من الملوثات البيئية إذا لم يتم إدارتها ومعالجتها بطريقة سليمة، ملوثات بيئية أضرارها مباشرة وغير مباشرة على الإنسان والحيوانات والكائنات الحية التي تعيش معنا.

هذه المقالة من محاضرة بعنوان “الملوثات البيئية الناتجة عن المؤسسات والمرافق الصحية” ألقيتها في الندوة العلمية ” التلوث الغدائي والبيئي وأثارهما علي الصحة العامة تحت شعار غداء سليم … بيئية نظيفة بفندق باب البحر بمدينة طرابلس، الندوة بتنظيم وأشراف منتدي ليبيا للتنمية المجتمعية. الثلاثاء الموافق 28/9/2021

Comments (5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


المنشورات ذات الصلة

التأثيرات البيئية للنفايات البلاستيكية

تزايد الوعي العام بالتأثير البيئي للنفايات البلاستيكية، وما تسببه من أضرار سوء على المدى القصير …

المعالجة المبدئية للنفايات الطبية المعملية

معامل ومختبرات التحاليل الطبية تنتج كميات كبيرة ومتنوعة من النفايات الطبية ذات خطورة وضرر كبير ع…

الجرائم البيئية

الجرائم البيئية (Environmental Crimes) أصبحت واقع يعيشه العالم نتيجة الأرباح الضخمة التي تجنيها …