Skip to main content

النصوص القانونية والتلوث بالمخلفات السائلة

حماية المياه من التلوث بالمخلفات السائلة من النقاط المهمة التي وردت في معظم النصوص القانونية الدولية والوطنية وذلك لأهمية هذا الموضوع.

فحُددت في القوانين التعريفات التي تشرح المقصود بالمخلفات السائلة ومصادر تلك المخلفات سواء الصناعية أو الزراعية أو الطبية، سوف نسرد في هذه المقالة بعض النقاط الواردة في القانون المصري والتي لها علاقة في هذا المجال. وربما اختيارنا للقانون المصري لمناقشته بسبب عدة أسباب منها التوسع الملحوظ في القوانين والقرارات المصرية التي تدعو لحماية المسطحات المائية.

تستهلك مصر 60,2 بليون متر مكعب من مياه النيل وحوالي 4,7 بليون متر مكعب من مياه الآبار وتعيد استخدام 3،7 بليون متر مكعب سنوياً من مياه المصارف لاستخدامها في الزراعة، وكما هو ملاحظ من هذه الأرقام أن الكمية الكبيرة هي المأخوذة من مياه نهر النيل والمحافظة عليه من التلوث أمر ضروري. أما إذا نظرنا إلى الجانب الثاني وهي الملوثات السائلة والتي يتم تصريفها سنوياً إلى نهر النيل فتصل إلى 16312 مليون متر مكعب منها 312 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصناعي المحتوية على كميات كبيرة من الملوثات والأكثر سمية وخطورة من الأنواع الأخرى من مياه الصرف (1).

التعريفات
نصت المادة الأولى من القانون المصري رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة على أن تلوث البيئة يعني “أي تغيير في خواص البيئة مما قد يؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى الإضرار بالكائنات الحية أو المنشآت أو يؤثر على ممارسة الإنسان لحياته الطبيعية”. أما بالنسبة لتعريف الملوثات فعرفت في نفس القانون في البند 13 على أنها ” آي مواد صلبة أو سائلة أو غازية أو ضوضاء أو إشعاعات أو حرارة أو اهتزازات تنتج بفعل الإنسان وتؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلي تلوث البيئة وتدهورها”.

أما بالنسبة لحماية المياه من التلوث فقد ناقشها المشرع المصري بتوسع كبير بالمقارنة بالقوانين العربية الأخرى بسبب وجود أنهار وبحيرات ومسطحات مائية شاسعة في مصر، حيث ورد في قرار رقم 48 لسنة 1983 (وهي عبارة عن اللائحة التنفيذية للقانون المصري رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية النيل والمجاري المائية من التلوث) تعريفات تشرح المقصود بالمخلفات السائلة وهي:

  • المخلفات الصادرة عن المحال الصناعية وتطبق عليها المعايير الخاصة بالمخلفات الصناعية السائلة.
  • المخلفات الآدمية أو الحيوانية الناتجة عن عمليات تنقية المجاري (الصرف الصحي) أو شبكاتها أو عقارات أو منشآت أخرى كالمحال العامة والتجارية والصناعية والسياحية ثابتة أو متحركة أو عائمة.
  • المخلفات الحيوانية السائلة الناتجة عن عمليات الذبح والسلخانات والمجازر ومزارع الدواجن والحظائر وغيرها (2).

أما تعريف تلوث المياه العذبة فعرفها المشرع المصري بأنه ” إدخال أية مواد أو طاقة في البيئة المائية بطريقة إرادية أو غير إرادية، مباشرة أو غير مباشرة ينتج عنها ضرر بالموارد الحية أو غير الحية أو يهدر صحة الإنسان أو يعوق الأنشطة المائية بما في ذلك صيد الأسماك والأنشطة السياحية أو يفسد صلاحية مياه البحر للاستعمال أو ينقص من التمتع بها أو يغير من خواصها” (3)، وقد شمل المشرع المياه العذبة والمياه المالحة دون تمييز بينهما (4) وقد قسمت مجاري المياه إلى ثلاث أجزاء أولها مسطحات المياه العذبة وتشمل نهر النيل وفرعيه والاخوار والرياحات والترع بجميع درجاتها والجنابيات، وثانياً مسطحات المياه الغير عذبة وتشمل المصارف بجميع درجاتها والبحيرات والبرك والمسطحات المائية المغلقة والسياحات، وثالثاً خزانات المياه الجوفية (المادة 1 من نفس القانون).

حظر ومنع التلوث للمسطحات المائية كان واضح وجلياً في القانون المصري في المادة 2 من قانون رقم 48 لسنة 1982 حيث جاء فيه “يحظر صرف أو إلقاء المخلفات الصلبة أو السائلة أو الغازية من العقارات والمحال والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية ومن عمليات الصرف الصحي وغيرها من مجاري المياه على كامل أطوالها ومسطحاتها إلا بعد الحصول على ترخيص من وزارة الري في الحالات ووفق الضوابط والمعايير التي يصدر بها قرار من وزير الصحة ويتضمن الترخيص الصادر في هذا الشأن تحديداً للمعايير والمواصفات الخاصة بكل حالة على حدة” (5)، كما أعطاء القانون المصري وزارة الري دون غيرها بدواعي المصلحة العامة الحق في إصدار تصاريح في أنشاء منشآت ينتج عنها مخلفات إلى مجاري المياه وذلك إذا ما التزمت الجهة المصرح لها بتوفير وحدات المعالجة لهذه المخلفات بما يحقق المواصفات والمعايير المطلوبة (6).

تتم مراقبة المنشآت المقامة على المسطحات المائية والتي ينتج عنها مخلفات سائلة بواسطة تحاليل دورية وغير دورية تقوم بها وزارة الصحة تحت نفقة الجهة حسب ما تتطلبه وزارة الري (المادة 3). كما يتولى مرفق الصرف الصحي وضع نموذج أو أكثر لوحدات معالجة المخلفات اللزجة والسائلة من المصانع والمساكن والمنشآت الأخرى والعائمات والوحدات النهرية بما يحقق مطابقتها للمواصفات والمعايير المحددة (المادة 8)، بالنسبة لعمليات تفتيش ومراقبة المجاري المائية من أي اختراقات بيئية فهي من ضمن اختصاص إدارة شرطة المسطحات المائية التابعة لوزارة الداخلية، فهي المسئولة ضبط المخالفات وفي إزالة أسباب التلوث والإبلاغ عن أية مخالفات لإحكام هذا القانون (المادة 13).
المادتين 10، 11 كانت موجهة لوزارتي الزراعة والري بخصوص اختيارهم لأنواع من المواد الكيماوية سواء لمقاومة الآفات الزراعية أو لمقاومة حشائش المائية بحيث أن لا يكون من شأنهم أحداث تلوث لمجاري المياه.
القانون رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية النيل والمجاري المائية من التلوث جاء في 20 مادة وقد قامت وزارة الري بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون في القرار رقم 48 لسنة 1982 وسنقوم بسرد بعض ما جاء فيها وبالأخص في الباب الثاني حول الترخيص بصرف المخلفات السائلة المعالجة إلى مجاري المياه:

  • لا يجوز استخدام جوانب المسطحات المائية كأماكن لجمع المخلفات الصلبة أو التخلص منها أو نقل أو تشوين المواد القابلة للتساقط أو التطاير إلا في الأماكن التي يصدر بها ترخيص من وزارة الري.
  • لا يجوز تشوين أو تخزين أو تفريغ مواد كيماوية أو سامة على جوانب مجاري المياه إلا في الأماكن المرخص لها.
  • يحب ألا تحتوي المخلفات الصناعية السائلة التي يرخص بصرفها إلى مجاري المياه على أية مبيدات كيماوية أو مواد مشعة أو مواد تطفو على المجاري المائية.. أو أية مادة تشكل ضرراً على الإنسان أو الحيوان أو النبات أو الأسماك أو الطيور أو تؤثر على صلاحية المياه للشرب أو للأغراض المنزلية أو الصناعية أو الزراعية.
  • لا يجوز الترخيص بصرف أية مخلفات آدمية أو حيوانية أو مياه الصرف الصحي إلى مسطحات المياه العذبة أو خزانات المياه الجوفية
  • يحظر صرف كافة المخلفات الصناعية السائلة أو مياه الصرف الصحي إلى مسطحات المياه العذبة وخزانات المياه الجوفية، ويجوز لوزارة الري الترخيص بصرف المخلفات الصناعية السائلة التي تمت معالجتها إلى خزانات المياه الجوفية.
  • لا يجوز الترخيص بصرف مياه تبريد الماكينات إلى مجاري المياه إلا إذا كانت المياه مأخوذة من نفس المجرى الذي يصب فيه أو من مصدر مماثل على الأقل من حيث نوعية المياهـ ويشترط أن تكون دائرة التبريد مقفلة ولا تختلط بمخلفات أية عملية صناعية أو غيرها.
  • يحظر صرف أي مياه بها مواد مشعة أو ما في حكمها إلى خزانات المياه الجوفية.
  • يجب أن تكون ماسورة صرف المخلفات السائلة المعالجة التي يرخص بصرفها إلى مجاري المياه ظاهر وفوق أعلى منسوب لمياه المجرى المائي.
  • يجب عدم صرف مياه غسيل المرشحات من محطات تنقية مياه الشرب إلى المسطحات المائية بدون معالجة.

المادة 12 وحتى المادة 23 ناقشت الآلية في كيفية إصدار التراخيص بصرف المخلفات السائلة.

لكل ما سبق فأن سن القوانين التي تحمي المجاري المائية بمختلف أنواعها من التلوث أمر في غاية الأهمية، فمعظم الكوارث البيئة الكبيرة كانت بسبب تلوث المياه حيث تشير الإحصائيات إلى أن هنالك 25 مليون وفاة في العالم من الأطفال بسبب استهلاكهم مياه ملوثة، وأن حوالي 1,9 بليون نسمة من سكان العالم يشربون ويغتسلون بمياه ملوثة بالطفيليات القاتلة (7).

المراجع
1. صلاح محمود الحجار، التوازن البيئي وتحديت الصناعة، سلسلة تكنولوجيا الإنتاج الأنظف، دار الفكر العربي، الطبعة الأولى، 2003، القاهرة مصر.
2. قرار رقم 48 لسنة 1983, اللائحة التنفيذية للقانون المصري رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية النيل والمجاري المائية من التلوث، الباب الأول في التعريفات، المادة واحد.
3. الفقرة 13 من المادة الأولى من القانون المصري رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة.
4. الصفحة 93 من كتاب جرائم تلوث البيئة في القانون الليبي والمقارن، فرج صالح الهريش، منشورات جامعة قاريونس، 1999، بنغازي- ليبيا.
5. المادة 2 من القانون المصري رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث.
6. المادة الرابعة من القانون المصري رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث.
7. الصفحة 93، 65 من كتاب جرائم تلوث البيئة في القانون الليبي والمقارن، فرج صالح الهريش، منشورات جامعة قاريونس، 1999، بنغازي- ليبيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *