شهد العالم زيادة كبيرة في استخدام الأجهزة الإلكترونية سوء في الدول المتقدمة أو الدول الفقيرة، أصبحت تلك الأجهزة جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية للبشر، مثل أجهزة الاتصالات كالهواتف والنقالات والشاشات والحاسوب المحمول وأجهزة المراقبة وأجهزة التبريد والتسخين والأجهزة الكهرو منزلية بمختلف أنواعها في المطابخ من ثلاجات وميكروويف وغيرها، على سبيل المثال أن البيت الأوروبي يحتوي في المتوسط على 72 منتج من الأجهزة الالكترونية.
هذه الأجهزة لا غنى عنها، وأصبحت تلعب دور كبير في حياتنا مما دعاء الشركات المصنعة لإنتاج المزيد والمزيد منها حتى تلبي السوق والطلب المتزايد عليها. كل تلك الأجهزة ستصبح نفايات إلكترونية (e-Waste) بعد فترة زمنية، وبسبب احتوائها على العديد من مواد ومعادن الثقيلة التي استعملت في تصنيعها، فهي تعتبر نفايات خطرة (Hazardous Waste) ويجب التعامل معها على هذا الأساس من حيث الجمع والنقل والمعالجة أو التخلص النهائي.
تعتبر النفايات الإلكترونية (e-Waste) من أسرع النفايات الصلبة التي ينتجها الإنسان نمو، حوالي 7.2 كجم من النفايات الإلكترونية تنتج من كل إنسان في سنة 2021، بقيمة أجمالية حوالي 57 مليون طن متري يتم إنتاجها كل سنة على مستوى العالم، مما يعادل حجم 5700 برج إيفل الفرنسي.
غالبية الأجهزة الإلكترونية والتي نستعملها اليوم في شتى أمور حياتنا اليومية لم تصمم للبقاء فترة طويلة، فهي لمدد زمنية قصيرة وتصبح بعدها نفايات، ولم تصمم لكي يتم صيانتها مراراً وتكراراً. وأيضا أصبحت أكثر تعقيداً في عملية تصنيعها مما يجعل صيانتها صعبة ومكلفة ماديا في غالبية الأحيان.
كما أن كثرة أنتاج الأجهزة الإلكترونية جعلها تصبح رخيصة مع الوقت، لهذا السبب يقوم المستهلكين بشراء الجديد دوماء بدل الصيانة القديم. أيضا دخول العديد من الدول في سباق التصنيع للأجهزة الالكترونية بحث عن المكاسب المالية التي تجنى من وراها جعلهم ينتجون أجهزة رخيصة وسريعة التلف، كل هذه العوامل سالفة الذكر جعلت زيادة كبيرة في كمية النفايات الإلكترونية الناتجة.
هناك سنة أنواع من نفايات الأجهزة الإلكترونية:
كما يظهر لنا فوق أن الأجهزة الإلكترونية الصغيرة مثل أجهزة الراديو والألعاب الأطفال والموازين وأدوات العناية الشخصية والكاميرات وأجهزة المطبخ هي المنتج الأكبر للنفايات الإلكترونية بكمية وصلت إلى 17.4 مليون طن متري في السنة الواحدة، وهي في تزايد مستمر بسبب تزايد استعمالنا لها وتعلقنا بها.
مشكلة تراكم النفايات الإلكترونية أصبحت متفاقمة وخاصة في الدول الفقيرة لانعدام طرق تعاملها مع النفايات الإلكترونية. فالدول الفقيرة التي تقوم بأعاده التدوير للنفايات الإلكترونية فأنها تقوم بها بالطرق التقليدية والتي تعتمد على طرق الفك والحرق والتذويب وكلها لها أضرار صحية على العاملين واللذين يقومون بتلك العمليات بدون ارتداء ملابس وقاية شخصية وبدون كمامات وأغطية للوجه.
فغالبية الطرق التي يستعملونها لها تأثيرات ضارة على الأفراد وعلى البيئة المحيطة بصفة عامة. أيضا بتلك الطرق التقليدية في إعادة التدوير هناك كميات كبيرة من المواد الثمينة التي يتم فقدها خلال تلك المعالجات السيئة. فقط 20% من النفايات الإلكترونية يتم جمعها وإعادة تدويرها بالطرق السليمة.
معدلات إعادة التدوير النفايات الإلكترونية في العالم: في أوروبا 42.5%، وفي أمريكا 9.4%، وفي أسيا 11.7%، وفي دول المحيط 8.8% وفي أفريقيا 0.9% فقط ما يتم إعادة تدويره.
عندما يتم التخلص من النفايات الالكترونية بدون إعادة تدوير فهذا معناه خسارة كبيرة في الموارد الطبيعية التي أهدرت خلال أنتاج وصنع تلك المنتجات. مثال على ذلك جهاز الحاسوب المحمول بصمته الكربونية (The Carbon Footprint) حوالي 422.5 كجم يضاف إليها عمليات النقل والاستعمال خلال أربعة سنوات الأولى. والمعروف بأن صناعة المتعلقة بأجهزة تقنية المعلومات (IT) مسئولة عن 2% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وهي تعادل صناعة الطيران بأكملها (Airline Industry).
بالإضافة إلى فقدان الموارد، تحتوي النفايات الإلكترونية على مواد مضافة سامة أو مواد خطرة، مثل الزئبق، ومركبات الكلوروفلوروكربون (CFCs) ، وغير ذلك. معدلات السيئة لعمليات الجمع المنخفضة والتخلص غير الفعال وسوء المعاملة تعرض البيئة وصحة الإنسان للخطر.
في العديد من البلدان، تتم إدارة النفايات الإلكترونية في الغالب من قبل القطاع غير الرسمي. هذا يعني أن النفايات الإلكترونية غالبًا ما يتم التعامل معها في ظل ظروف عمل متدنية الحماية وبالتالي سيكون تأثيرها صحي شديد على العمال. يتأثر أيضًا الأطفال الذين يعيشون ويعملون ويلعبون بالقرب من مواقع إدارة النفايات الإلكترونية.
تشير الدراسات إلى أن التعرض للنفايات الإلكترونية يمكن أن يرتبط بالسرطان ومشاكل في القلب وعيوب في الجهاز التنفسي وتلف الأعصاب والولادات المبكرة والتشوهات، فقد وجدت العناصر السامة في مجرى الدم للعمال غير الرسميين في مكبات النفايات الإلكترونية، حيث يُستخدم الحرق في الهواء الطلق للحصول على المعادن.
يتطلب إنتاج المنتجات الكهربائية والإلكترونية عددًا كبيرًا من المعادن والوقود الأحفوري المستخرج من الأرض، وهي عملية مكلفة وملوثة. تعاني اقتصاداتنا بالفعل من التأثير السلبي لاضطرابات سلسلة التوريد ، والاعتماد على السلع الأساسية ، وتقلبات أسعار المواد الخام.
المعالجة غير الفعالة للنفايات الإلكترونية تعني فقدان معظم المواد القيمة المستخدمة في إنتاج تلك الأجهزة. يمكن أن يؤدي تحسين استرداد الموارد الثانوية من النفايات الإلكترونية إلى تقليل الضغط على النظم البيئية والمجتمعات بشكل كبير، وخلق فوائد اقتصادية وقدرة على الصمود.
يقدر برنامج Global E-waste Monitor 2020 أنه يتم استرداد حوالي 10 مليارات دولار أمريكي فقط من المواد من خلال إعادة التدوير للنفايات الإلكترونية، في حين أن القيمة المقدرة للمواد (مثل الألومنيوم والنحاس والذهب) التي يمكن استردادها تبلغ حوالي 57 مليار دولار أمريكي. وقد ذكر في عدة مراجع أنه يوجد الذهب في طن من الهواتف المحمولة أكثر بمئة مرة مما يوجد في طن من خام الذهب.
ظهر في الآونة الأخيرة نهج جديد ومصطلح يسمى الاقتصاد الدائري (Circular Economy)، وهو نهج يدعوا إلى الحد من النفايات الإلكترونية بزيادة جودة المنتوج والمواد المستخدمة في إنتاجه ولتطبيق ذلك فنحن محتاجين للتصميم جيد عند الصناعة لكي تبقى المنتجات الإلكترونية لفترة طويلة وتبقى المواد أيضا لفترة طويلة بحيث يمكن استعمالها والاستفادة منها، وخاصة في عملية إعادة التدوير.
على الدول ان توضع لوائح وإرشادات وقوانين تكون أولوياتها إدارة النفايات الخطرة بها، والتي منها النفايات الإلكترونية، مع وضع بنية تحتية المناسبة لعمليات إعادة تدوير أو إعادة استعمال، ثم النظر في عمليات الجمع والمعالجة بطرق سليمة وصديقة للبيئة بحيث تحد من إضرارها على الأفراد والبيئة، وذلك بوضع اشتراطات وإجراءات ملزمة لطرق الجمع والمعالجة السليمة لهذه النفايات. أما الدول التي لديها إمكانيات صناعية كبيرة يجب عليها أيضا التركيز على استعادة المواد الثمينة من النفايات الإلكترونية.
بصفة عامة، فأن وضع إدارة سليمة تتعامل مع النفايات الإلكترونية ستساهم في تعزيز أهداف الاستدامة للأمم المتحدة. للمثال إعادة التدوير والاستخدام توافق هدف الاستدامة، والصيانة تزيد من عمر الأجهزة وتخلق أعمال أخرى.
في سنة 2021 ما تم جمعه وتدويره من نفايات الإلكترونية فقط 17.4% أما الباقي 82.6% (والذي يعادل 44.3 مليون طن متري) غير معروف ما تم العمل فيه، فالبعض تم حرقه والبعض مخزن في مستودعات والبعض يعبر الحدود بطرق غير قانونية للتخلص منه ولا أحد يعلم عنها شيء، وتأثيره البيئي سيكون ضار جدا خارج الحدود عند عدم وجود رقابة صارمة.
اتفاقية بازل الدولية وهي اتفاقية عالمية بخصوص النفايات الخطرة، أدرجت النفايات الإلكترونية من ضمن النفايات الخطرة لاحتوائها على المعادن الثقيلة، كما لاحظت الاتفاقية أن الدول المتقدمة والغنية ترسل في هذه النوع من النفايات الخطرة إلى الدول الفقيرة في صفقات مشبوهة من الاتجار غير شرعي بالنفايات الخطرة وهذه أصبحت مشكلة بيئية تعاني منها العديد من الدول الفقيرة.
Reference: How to Reduce E-Waste? A citizen’s approach to solving the e-waste crisis, e-learning course by United Nations Institute for Training and research.
اترك تعليقاً