تعتبر الإصابات بوخز أو قطع أو خدش الجلد بمواد حادة ملوثة مثل الإبر والمشارط والزجاج المكسور الملوث بسوائل ودماء المرضى من أكثر المخاطر اليومية التي يواجهها العاملون في مجال الصحة بسبب ما قد ينتج عنها من عدوى بأحد أمراض فيروسات الدم المعدية مثل فيروسات الإيدز وتليف الكبد وغيرها.
الأمر الذي دعى العديد من الباحثين إلى دراسة هذه المشكلة بحصر الإصابات وتحديد أهم الأسباب وراء حدوث مثل هذه الحوادث ولغرض محاولة التقليل منها في المستقبل. هذه الدراسة قامت بها الباحثة نجاة العابد في سنة 2008 وهي خريجة قسم الأحياء بكلية العلوم جامعة الجبل الغربي بمدينة غريان كجزء من بحث التخرج وكنت حينها أستاذ متعاون في تدريس مادة علم المناعة لطلاب السنة الرابعة وقد قمت بالأشراف على الطالبة في إنجاز بحث التخرج. وقد شاركت الباحثة بهذه الدراسة في المؤتمر العلمي الثاني للأمراض السارية والمتوطنة التي أقامها المركز الوطني لمكافحة الأمراض بمدينة طرابلس سنة 2009.
أحببت عرض هذه الدراسة عليكم للمعلومات المفيدة التي تحتويه ولأظهار حجم المشكلة في الأقسام العلاجية بمستشفياتنا العامة وفي الأقسام العلمية بكليات الطب البشري.الدراسة أجريت بمدينة غريان وهي من المدن الكبرى في منطقة الجبل الغربي (جبل نفوسة) شمال غرب ليبيا وتبعد عن مدينة طرابلس في أتجاه الجنوب حوالي 75 كيلومتر ذات كثافة سكانية كبيرة بالمقارنة بالمدن الأخرى في الجبل الغربي بتعداد سكان 188 ألف نسمة.
شملت الدراسة طلاب كلية الطب البشري بجامعة الجبل الغربي أربعة وأربعون طالب من السنة الثالثة وحتى سنة الأمتياز، أما الجزء السريري من دراستهم فهي بمستشفى غريان المركزي وهو يعتبر أكبر مستشفى تعليمي في المنطقة حيث وزعت عليهم استبيانات تحتوي مجموعة من الأسئلة في محاولة الحصول على صورة واضحة عن هذه المشكلة، والأهداف التي سعت الدراسة لها هي:
نسبة الطلبة الذين تعرضوا للوخز بأداة حادة خلال فترة الدراسة كانت 34% وارجعت الباحثة السبب بحسب ما أفاد الطلاب لعدم حرصهم أثناء أدائهم للعملي ولقلة تركيزه عند التعامل مع الأدوات الحادة. أما عدد مرات الوخز فكانت بالنسبة إلى الذين تعرضوا لوخز بأداة حادة لمرة واحدة فقط 67% أما من تعرض للوخز مرتين فكانت نسبتهم 13% والبعض الآخر تكرر تعرضه للوخز ثلاث مرات أو أكثر وقد شكلت هذه الفئة نسبة 20%.
نسبة قليلة من الطلبة كان تعرضهم للوخز داخل معامل كلية الطب البشري 23% (معمل وظائف الأعضاء 16%، ومعمل الأنسجة 7%)، أما الغالبية العظمى من الطلبة كانت داخل المستشفى أثناء إجراءهم للعملي بنسبة 78.5%، وكان أكثر الأقسام هو قسم الأسعاف 46% حيث إن القسم يستقبل العديد من الحالات الطارئة والخطيرة والتي تتطلب السرعة والدقة، والطالب لا يزال مبتدئ، وتنقصه الخبرة اللازمة للتعامل مع الأدوات الحادة بسرعة ودقة، وبالتالي من الطبيعي أن يشعر الطالب بالارتباك ويفقد تركيزه وقد يتسبب في حدوث وخز لنفسه أو لزميله.
كما يلعب الازدحام داخل هذا القسم دوراً في حدوث الوخز للطلبة. ثم يليه قسم الجراحة والذي يتعلم فيه الطالب كيفية خياطة الجروح البسيطة، باستخدام إبرة الخياطة والتي تسببت في حوالي 15% من حالات الوخز ، أما قسم الأمومة والطفولة كانت نسبة حالات الوخز 8% ، فالطالب في هذا القسم يجهل التعامل مع الطفل العفوي الحركة سواء عند إعطاء الدواء أو التطعيم ، فيكون عرضه أن يصيب نفسه بوخزه إبرة .
عدة أسباب كانت وراء الإصابات بحوادث الوخز بالنسبة للطلبة كلية الطب وهي كالتالي:
السهو وقلة التركيز يعتبر السبب الأكبر بنسبة 22.2% والأسباب الأخرى متنوعة مثلاً عند نزع غطاء الإبرة 11.1% وعند إعادة غطاء الإبرة 5.5%، وعند حركة المريض أثناء سحب العينة 5.5%، السرعة في الأزدحام 5.5%، وجود الإبرة أو الأداة الحادة في مكان غير متوقع سبب في وخز للطلبة بنسبة5.5%، أو أثناء تعاملهم مع إبرة خياطة الجروح 11.1%، أو عند تحضير الدواء للمريض 5.5%.
كانت إبر الحقن هي أكثر الأدوات التي سببت في عدد حالات الوخز بنسبة 42% وذلك لكثرة استخدامها أما إبرة الخياطة فقد وصلت نسبة الوخز بها إلى 32%، و 21% من الطلبة تعرضوا لوخز بأداة المشرط، و 5% من الطلبة تعرضوا لوخز من مقص.
وجدت الباحثة إن نسبة الطلبة المتعرضين لوخز بأداة حادة ملوثة بدماء ويمكن رؤيتها هي 8%، وهذا يشكل خطر على الطلبة لاحتمال انتقال عدوى ميكروبية أو فيروسية إليهم إذا كان المريض المصدر مصاب، أما الطلبة الذين تعرضوا لوخز بأداة حادة ولم ينتبهوا إذا كانت الأداة ملوثة أولاً ، فقد كانت نسبتهم 28%، أما الطلبة الذين تعرضوا لوخز من أداة لم تكن ملوثة ، كانت نسبتهم 64% هذه الإصابة لا تشكل خطر على الطالب ، لأن الوخز حدث قبل استعمال الأداة كالتعرض للوخز من إبرة عند نزع الغطاء منها.
قام الطلاب ببعض الإجراءات فور تعرضهم للوخز بأداة حادة خوفا من أنتقال العدوي والإجراءات هي:
عدد قليل من الطلبة قاموا بإبلاغ المشرف عند تعرضهم لوخز بأداة حادة 29% ، أما الذين تعرضوا لوخز ولم يتم ابلاغ المشرف كانت نسبتهم 71% ، يمكن أن يرجع عدم الإبلاغ عن تعرضهم للوخز أن الأداة لم تكون ملوثة وبالتالي لم تكن هناك ضرورة للتبليغ، أو أن الطالب قد اتخذ الإجراءات اللازمة بعد تعرضه للوخز مباشرة من تلقى نفسه ووجد أن التبليغ يحصل فقط عند تعرض الطالب لعدوى ميكروبية أو فيروسية خطيرة نتيجة الوخز.
هناك مناطق عديدة في الجسم معرضة للإصابة بوخز الأدوات الحادة، ومن خلال الاستبيان تبين أن أكثر منطقتين عرضة للإصابة هي المنطقة رقم 15 ورقم 17 بنسبة 20% لكلاهما، وهي أطراف الأصبع السبابة والأبهام لليد اليسرى، وتعتبر الأكثر عرضة للوخز عند نزع غطاء الإبرة أو عند إعادته.
واحد من الطلاب تعرض لوخز بإبرة خياطة في منطقة الصدر الجهة اليمنى ، وكان السبب حركة المريض ، وطالب أخر تعرض في الركبة ، والسبب وجود الإبرة في مكان غير متوقع .
أكثر الطرق المتبعة للتخلص من الأدوات الحادة هي برميها في أكياس القمامة السوداء بنسبة 55% وهي أكثر الطرق شيوعاً في المستشفى ككل بالرغم من الخطر الكبير التي تشكله على عاملات النظافة وعمال نقل النفايات. أما رميها في قناني الماء الفراغة فكانت نسبتها 15% أما في العلب البلاستيكية الخاصة بالنفايات الحادة فكانت 30% وهي أكثر الطرق المتبعة أمانا للعاملين.
أجاب 41% من الطلاب بأنهم قد حضروا محاضرات توعوية بخصوص مخاطر حوادث الوخز بالأدوات الحادة أما البقية 59% فقد أجابوا بأنهم لم يتلقوا محاضرات عن كيفية التعامل مع المواد الحادة، البعض منهم تغيب والبعض الأخر أنه غير مهتم بذلك.
57% من الطلبة الدارسين بكلية الطب لم يتلقوا التطعيمات اللازمة، على الرغم من أنهم في سنوات دراسية متقدمة، ويقضون معظم وقتهم داخل المستشفى ومعرضين للإصابة بالأمراض أما الطلبة المتحصلين على بعض اللقاحات فقد كانت نسبتهم 43% ، وأغلب هذه التلقيحات كانت ضد التهاب الكبد الوبائي .
وكانت هذه النسب للأجابة عن الأستفسارات السابقة:
من خلال الدراسة التي أجرتها الباحثة نجاة العابد فأن حوادث إصابات وخز الإبر والأدوات الحادة في شريحة طلاب كلية الطب البشري تحدث وبكثرة ومعظمها كانت بسبب عدم التركيز وقلة الخبرة في التعامل مع المرضى حتى أن بعظهم قد سبب في وخز زميلائهم أثناء العمل.
كما لاحظت الباحثة قلة المحاضرات التوعوية المفروض إعطائها للطلاب فيما يخص تفادي إصابات الوخز كما لاحظت نقص في أعطى اللقاحات لهم وعدم وجود برتوكول واضح لطريقة التعامل مع حالات الوخز وأيضا سوء التعامل مع النفايات الحادة من حيث طريقة التخلص النهائي. لهذا توصلت الباحثة إلى عدة توصيات بخصوص الحد من إصابات وخز الأدوات الحادة كالتالي:
اترك تعليقاً