سمعنا كثيراً خلال العقود الماضية عن الخفافيش وعلاقتها ببعض الفيروسات الفتاكة (Bat-borne viruses) التي تصيب الإنسان وسببت في حدوث أمراض وأوبئة وجائحات عالمية نتج عنها أعداد كبيرة من الإصابات والوفيات وخسائر مالية كبيرة أنفقت في مكافحة ومحاربة المراض.
أهتم العلماء لخطورة الخفافيش وما تحمله في جسمها من فيروسات ودرسوا الأمراض القادرة على التسبب بها سوء في الحيوانات المحيطة بالإنسان أو في الإنسان نفسه. ولأهمية هذا الموضوع أجريت العديد من الدراسات العلمية على الخفافيش وما تحمله من فيروسات أكثر من أي نوع ثاني من الثدييات.
حسب دراسة مرجعية اجريت سنة 2015، بأنه ومند سنة 1999 حتى سنة 2013 قد اجريت في العالم ما بين 300-1200 دراسة علمية وبحث كل سنة على فيروسات الخفافيش وهذا يعتبر رقم كبير من الدراسات في نوع واحد من الثدييات. فالخفافيش مصدر مهم للفيروسات الحيوانية المشتركة ذات المنشأ الحيواني (Zoonotic Viruses) مع الإنسان أكثر من ما تحتويه الثدييات الأخرى.
الخفافيش (Bats)، كائنات طائرة اقترنت في الأدب العالمي مند القدم بالرعب والقتل ومصاصي الدماء وبالليالي المظلمة الموحشة والأطلال والبيوت القديمة المهجورة وبالكهوف المعزولة. ربما هذه السمعة السيئة التي ارتبطت بها ترجع لأنه حيوان طائر ليلي يتحرك فقط خلال الليل ويبقى خامداً في النهار ولأنه يعيش بعيدا عن الأماكن المعمورة ويفضل الكهوف البعيدة أو البيوت القديمة المهجورة أو لأن بعض الأنواع منها تعيش على عادة مص دماء الحيوانات (The Blood-Feeding Habit). الخفافيش(The Chiroptera Order) من الثدييات وهي الوحيدة التي تستطيع الطيران وتمثل 20% من أجمالي أنواع الثدييات المعروفة، ويوجد منها حوالي 1200 نوع حول العالم.
الفيروسات الموجودة في الخفافيش بشكل طبيعي كثيرة جدا، إحدى الدراسات ذكرت أن الخفافيش تحتوي على أكثر من 60 نوعاً من الفيروسات. فالخفافيش تستطيع احتمال وجود الفيروسات في جسدها (Tolerant Of Viruses) ولا تسبب لها أضرار مقارنة بالثدييات الأخرى. خفاش واحد يستطيع أن يعيل عدة أنواع من الفيروسات داخل جسمه بدون أن يمرض، إلا أن بعض الفيروسات قد تستطيع أن تسبب له أمراض مثل فيروس داء الكلب (Rabies Virus).
غالبية الفيروسات في الخفافيش من الفيروسات التي تحتوي الحمض النووي (RNA) وهي فيروسات لها قابلية أكثر في حدوث طفرات جينية قد تجعله أكثر تحملاً وفتك وسرعة في الانتقال بين الحيوانات أو الإنسان. كما تحتوي الخفافيش أيضا على الفيروسات المحتوية الحمض النووي (DNA).
بعض العلماء ذكروا بأن أجهزة المناعة في الخفافيش هي التي ساعدته في التأقلم مع تنوع الفيروسات في جسمه. حتى أن بعض الدراسات أكدت افتقاد جسم الخفاش لمسببات حدوث الالتهابات وهي الاستجابة المناعية التي تحدث طبيعياً في الثدييات نتيجة غزو الفيروسات للجسم.
أهم الفيروسات المميتة التي تستطيع إصابة الإنسان وتعتبر الخفافيش الخازن الرئيسي لها
سأذكر هنا بعض من تلك الفيروسات التي كان الخفافيش الخازن الرئيسي لها وقد انتقلت إلى الإنسان عبر حيوانات برية أخرى نتجت عنها حدوث أمراض وأوبئة وأضرار صحية كبيرة في مختلف دول العالم خلال العقدين الماضيين:
على الرغم من هذه السمعة السيئة للخفافيش إلا أنها لها جوانب حسنة فهي حيوانات تحافظ على توازن البيئة، غالبيتها (أكثر من 600 نوع) تتغدى على الحشرات الطائرة الصغيرة بطيرانها على مقربة من الأرض والمياه فتقلل من تعرض الإنسان والحيوان إلى الحشرات الضارة، والبعض منها تتغذي على الفاكهة فتقوم بتوزيع البذور الذي تخرج مع برازها في شتى جوانب الغابة فتساهم في زيادة انتشار تلك الأشجار في جميع أنحاء الغابة، والبعض من الخفافيش الأخرى الصغيرة تقتات على رحيق ولقاح الأزهار بواسطة لسان طويل فتكون عامل مساعد في تلقيح الزهور ما بين النباتات المختلفة.
في الأوضاع الطبيعية، من النادر جدا أن تصيب الخفافيش الإنسان أو الحيوانات الأليفة والمنزلية بالمرض بل كان الإنسان دائما هو السبب في حدوث ذلك. كل المشاكل التي أتهمت الخفافيش بتسببها كان الإنسان بطريقة أو أخرى من وراءها. فهو الذي دفعها لتنقل الفيروسات إليه وإلى الحيوانات الأليفة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
تدمير الإنسان لبيئة الحيوانات البرية بأعذار التمدن والتحضر مثل مد الطرق السريعة إلى أماكن تلك الحيوانات والتي كانت لا تستطيع السيارات الوصول لها، إزالة الغابات (Deforestation) أو التوسع في الأراضي الزراعية على حساب أراضي تلك الحيوانات البرية وتقليص موطنها الأصلي، أو أنشاء مصانع ذات تأثيرات بيئية ضارة في بيئة الحيوانات البرية، كل هذا أجبر الخفافيش والحيوانات البرية الأخرى على ترك موطنها الأصلي والاندماج في بيئة جديدة، وايضا الصيد الجائر وجلب الحيوانات من البرية موطنها الأصلي وحبسها في البيوت والمزارع للتسلية على الإنسان، أو صيدها وجلبها لأجل الأكل أو بيع جلودها أو أعضاء من جسدها في الأسواق العامة لتستعمل في العلاج الشعبي والطب البديل. فكل ما يحدث بطريقة أو أخرى، الإنسان هو من سبب بها وليست الحيوانات البرية وليست الخفافيش.
References
Jean Paul Gonzalez, Meriadeg Ar Gouilh, Jean-Marc Reynes and Eric Leroy (2008). Bat-Borne Viral Diseases. Chapter_08. Page 161. Human Health and Forests. A Global Overview of Issues, Practic and Policy. Edited by Carol J. Pierce Colfer.
CDC. What are the signs and symptoms of rabies?. February 15, 2012. https://www.cdc.gov/rabies/symptoms/
Carter, John; Saunders, Venetia (2007). Virology: Principles and Applications. Wiley. p. 175.
Bat-borne virus, Wikipedia, the free encyclopedia
Calisher, Charles H.; Childs, James E.; Field, Hume E.; Holmes, Kathryn V.; Schountz, Tony (July 2006). “Bats: Important hosts of emerging viruses”. Clin Microbiol Rev. 19 (3): 531–545.
Moratelli, Ricardo; Calisher, Charles H. (2015). “Bats and zoonotic viruses: Can we confidently link bats with emerging deadly viruses?”. Memórias do Instituto Oswaldo Cruz. 110 (1): 1–22.
Leroy, E. M.; Kumulungui, B.; Pourrut, X.; Rouquet, P.; Hassanin, A.; Yaba, P.; Delicat, A.; Paweska, J. T.; Gonzalez, J. P.; Swanepoel, R. (2005). “Fruit bats as reservoirs of Ebola virus”. Nature. 438 (7068): 575–576.
Li, W.; Shi, Z.; Yu, M.; Ren, W.; Smith, C.; Epstein, J. H.; Wang, H.; Crameri, G.; Hu, Z.; Zhang, H.; et al. (2005). “Bats are natural reservoirs of SARS-like coronaviruses”. Science. 310 (5748): 676–679.
Memish ZA, Mishra N, Olival KJ, Fagbo SF, Kapoor V, Epstein JH, Alhakeem R, Durosinloun A, Al Asmari M, Islam A, Kapoor A, Briese T, Daszak P, Al Rabeeah AA, Lipkin WI (November 2013). “Middle East respiratory syndrome coronavirus in bats, Saudi Arabia”. Emerg. Infect. Dis. 19 (11): 1819–23.
Hamzelou, Jessica (22 January 2020). “Wuhan coronavirus may have been transmitted to people from snakes”. New Scientist.
Wiles, Siouxsie (28 January 2020). “The Wuhan coronavirus is highly likely to arrive in NZ, but please don’t freak out”. Newshub.
Andersen, Kristian (24 January 2020). “nCoV-2019 codon usage and reservoir (not snakes v2)”. Virological.org.
Calisher, Charles H. (2015). “Viruses in Bats”. Bats and Viruses. pp. 23–45.
Koster FT. Levy H. “Hantavirus cardiopulmonary syndrome: a new twist to an established pathogen”, In: Fong IW, editor; Alibek K, editor. New and Evolving Infections of the 21st Century, New York: Springer-Verlag New York, Inc.; 2006. pp. 151–170.
Wells RM, Sosa Estani S, Yadon ZE, Enria D, Padula P, Pini N, Mills JN, Peters CJ, Segura EL (أبريل–June 1997). “An unusual hantavirus outbreak in southern Argentina: person-to-person transmission? Hantavirus Pulmonary Syndrome Study Group for Patagonia”. Emerg Infect Dis. 3 (2): 171–4
اترك تعليقاً