Skip to main content

إدارة المخلفات الطبية في بعض الدول الأفريقية

خلال العشرين السنة الماضية أزداد الاهتمام العالمي بمشكلة المخلفات الطبية وقد يكون من أحد أسبابها ظهور عدة أمراض ميكروبية قاتلة وسريعة الانتشار تنتقل إلى الإنسان السليم بواسطة التماس المباشر مع مواد ملوثة بسوائل ومخلفات المرضى المصابين.

مما دعا العديد من الدول إلى وضع لوائح وقوانين صارمة تنظم عملية فرز وجمع ونقل والتخلص من المخلفات الطبية، ورغم ذلك تحدث انتهاكات من الحين لأخر من قبل بعض المؤسسات الطبية ولكن في حالة الإدانة تتم معاقبتهم بشدة بمبالغ مالية ضخمة نتيجة إهمالهم.
هذه الحال في الدول التي بها مثل تلك القوانين، فما هو الحال في دول العالم الثالث من حيث تعاملهم مع المخلفات الطبية؟
كما هو مذكور بكتاب المنشور من قبل منظمة الصحة العالمية (1) أن كمية المخلفات الطبية تعتمد اعتماد كبير على الاقتصاد ودخل الدولة المالي، فالدول عالية الدخل كمية ما ينتجه المريض من مخلفات العناية الطبية يتراوح من 1.1 إلى 12.0 كجم، ودول متوسطة الدخل ينتج عن المريض 0.8-6.0 كجم، أما في دول العالم ذوات الدخل المحدود يتراوح من 0.5 إلى 3.0 كجم للمريض الواحد. الكميات المنتجة من المخلفات الطبية بالدول الفقيرة تعتبر قليلة جدا بسبب تدني مخصصات الإنفاق على المرضى، فهذه الدول لا تعاني من ضخامة الكميات المنتجة ولكن معاناتها في سوء إدارتها لتلك المخلفات.
لمعرفة طرق إدارة والتعامل مع المخلفات الطبية في أحد الدول الأفريقية سنستعين بدراسة نيجيرية (2) بهذا الخصوص.
هذه الدراسة شملت عدد كبير من المستشفيات والعيادات الحكومية والخاصة بمدينة إبدن بنيجيريا، وطرق الدراسة معتمدة على الزيارة والمشاهدة المباشرة وتوزيع الاستبيانات. فكانت مشاهدات الباحث مختصرة في الأتي:

• يوجد بالمستشفيات سلال القمامة من النوع العادي، معدنية أو بلاستيكية بدون غطاء.
• 17% من المستشفيات والعيادات تستعمل الأكياس السوداء.
• عدد من المستشفيات يستعمل عربات صغيرة لجمع ونقل المخلفات بدون غطاء، وفي بعض الحالات تستعمل نفس العربات لنقل الغداء والمواد الطبية.
• بعض الأقسام التخصصية يتعاملون بطريقة سليمة مع أنواع معينة من المخلفات المعدية مثل المشيمة والأجنة بجمعها في علب مغلقة محفوظة بمادة حافظة وذلك لاستعمالها في الأبحاث.
• 64% من المستشفيات والعيادات تخزن المخلفات بساحاتها، وبعض الأحيان تطول مدة التخزين من 3 – 5 أيام بسبب إهمال وتقاعس الجهات المكلفة بنقل المخلفات.
• تنقل المخلفات بواسطة سيارات نقل حكومية أو بواسطة متعهدين نقل قمامة.
• غالبية المستشفيات متعاقدة مع متعهدين بسبب عدم صلاحية معظم سيارات نقل المخلفات المملوكة للدولة.
• أما بالنسبة لعملية التخلص النهائي من المخلفات الطبية، فهي عدة طرق منها لجوء بعض المستشفيات (49%) إلى عملية الردم بالمكبات، ولوجود ساحات شاسعة في ضواحي المدينة تعتبر هذه الطريقة الأكثر شعبية، مع أن الاعتبارات الصحية والبيئية غير مأخوذة بها.
• طريقة حرق المخلفات تستخدم من قبل 30% من المستشفيات بالمدينة ويتم الحرق بساحات المستشفى، ومعظم من يلجأ لهذه الطريقة هي العيادات الخاصة الصغيرة لتقليص المصاريف والميزانية المخصصة لنقل المخلفات، هذه الطريقة تؤدي لتلوث الهواء بالأبخرة السامة المنبعثة من المخلفات الكيميائية معرضة حياة العاملين والمرضى للخطر.
• عدد بسيط من المستشفيات بها محارق ولكن معظمها غير فعال في التخلص الكامل من المخلفات الطبية.
• 5% من المستشفيات تلجأ لرمي المخلفات بدون معالجة (Open dumping methods) بساحات المستشفى، وهذه الطريقة متبعة من قبل المصحات الحكوميةـ وأحيانا يتم الحرق بعد جفاف المخلفات.
• ترمى المخلفات على الأرض في بعض المستشفيات حتى يأتي المتعهد لجمعها، عرضه للعبث من قبل بعض الأشخاص الذين يقومون بجمع الإبر والحقن والقناني وغيرها لإعادة بيعها.
• لا توجد في غالبية المستشفيات الوحدة المخصصة لمراقبة عملية جمع ونقل والتخلص من المخلفات.

من السرد السابق نستنتج ونلخص النتائج في النقاط الرئيسية التالية:
• غياب الدولة وانعدام لوائح وقوانين تنظم إدارة المخلفات بالمدينة.
• مخصصات مالية ضعيفة وقد تكون معدومة للإنفاق على التخلص من المخلفات الطبية.
• أللجو لأسهل وأرخص طرق التخلص من المخلفات المستشفى بدون النظر في الأضرار البيئية الناتجة.
• انعدام المعالجة المبدئية للمخلفات (Pre-treatment of the waste).
• غياب نظام تصنيف المخلفات لفصل المخلفات الطبية والغير طبية.

ما تم ذكره من سوء التعامل وانعدام وجود إدارة سليمة للتعامل مع المخلفات، ووجود تجاهل كامل وعدم الشعور بالمخاطر والإضرار التي قد تنجم عن سوء التعامل مع المخلفات الطبية، ينطبق على العديد من الدول الأفريقية، ولكن في حالة استمرار مثل هذا التجاهل، النتيجة الحتمية ستكون انتشار الأمراض والأوبئة.

References:

1- Pruss A, Giroult E and Rushbrook P. (1999). Safe management of wastes from health-care activities. World Health Organization, Geneva.
2- Coker AO, Sangodoyin AY and Ogunlowo OO. (1998). Managing hospital wastes in Nigeria. 24th WEDC Conference. Sanitation and Water for all. Islamabad, Pakistan.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


المنشورات ذات الصلة

التأثيرات البيئية للنفايات البلاستيكية

تزايد الوعي العام بالتأثير البيئي للنفايات البلاستيكية، وما تسببه من أضرار سوء على المدى القصير …

المعالجة المبدئية للنفايات الطبية المعملية

معامل ومختبرات التحاليل الطبية تنتج كميات كبيرة ومتنوعة من النفايات الطبية ذات خطورة وضرر كبير ع…

الجرائم البيئية

الجرائم البيئية (Environmental Crimes) أصبحت واقع يعيشه العالم نتيجة الأرباح الضخمة التي تجنيها …