Skip to main content

تجارة النفايات الخطرة: تجارة الموت

الفاقة والفقر هي  السّبب في  تَشجيع تجارة النفايات الخطرة إِلى أفريقيا وهي وراء إغراء الناس بقبول دفن نفايات مواد كيميائية سامة وخطيرة وتخزينها في أرضيهم والتغاضي عن أضرارها الجسيمة.

والقصص عديدة في هذا المجال من ضمن هذه القصص قصة مشهور حدثت في  بمدينة كوكو بنيجيريا سنة  1987 عندما اكتشفت صفقة كبيرة لتجارة نفايات مواد سامة تمت بين  رجل أعمال إيطالي ومقاول نيجيري يمتلك شركة بناء وتعمير

حيت قام الاول بتصدير مخلفات صناعية سامة جدا لشركتين ايطاليتين (Ecomar and Jelly Wax companies) من ميناء بيساء الايطالي وبعض المواني الاخرى الى نيجيريا على انها مواد بناء وانشاءات ليقوم الثاني بتخزينها والتخلص منها في نيجيريا وكانت كمية المخلفات المتوقعة شحنها حسب العقد المبرم بينهما حوالي 18000 برميل مقابل مبلغ 100 دولار شهري فقط  بينما تكلفة التخلص في اوروبا من مواد خطرة مثل هذه تصل إلى 2000 دولار للطن الواحد، فتم أرسال خمسة سفن شحن بشحنات تقدر الكمية بحوالي 4000 طن وبعد عدة شهور ثم اكتشاف هذه الصفقة بالمصادفة من قبل موظفين بميناء كوكو عندما تسربت مواد من تلك البراميل في المساحات المحيطة بالميناء وسببت في ضرر للعاملين وعندما شاع الخبر  قامت سلطة الميناء بتعيين 100 عامل لنقل والتخلص من تلك المواد السامة مزوده بعض العاملين بملابس واقية وكممات وقفازات والاخرين بدون تلك الملابس السبب الذى اذى الى ظهور بعض أعراض للحروق الكيماوية وأمراض  لديهم ناهيك عن الاضرار التي لحقت بالبيئة المحيطة بمكب تلك المواد المحتوية على مواد كيماوية سامة جدا.

بعد وصول خبر تلك المخلفات الى ايطاليا والضجة التي تلتها قررت الحكومة الأيطالية دفع نفقات ترجيع تلك النفايات الى ايطاليا الى حين معرفة المتورطين بها، وعند شحنها الى ايطاليا  بداءت المظاهرات والاحتجاجات والاعتراضات بالمواني الثلاث (المتوقع وصول تلك النفايات لها) لمنع وصل ودخول هذه الشحن. وعندما اوقفت احدى تلك البواخر الناقلة لنفايات بالميناء اخدت عينات من المياه المحيطة من قبل ناشطين بيئيين فوجدو ان هناك تسرب منها وقد سببت في تلوث مياه البحر بمجرد رسو تلك السفن، اخيرا تم إنزال تلك الشحن بميناء ليفرانو (Livorno) لنقلها إلى محطات معالجة للتخلص منها.

وهذة ليست المرة الأولى التي تقوم به هذه الشركة الأيطالية بأستغلال الأمم الأخرى، ففي أبريل 1987 احدى سفنها قامت بترك 2000 طن من النفايات السامة في بورتو كيبالو بفنزويلا  لمدة ستة أشهر حسب ماذكرته الحكومة الفنزويلية، بعض من تلك البراميل تسرب منها سوائل خطيرة فتم إغلاق الشاطيء القريب من مكان التخزين وقد اشتكى السكان من تلك البراميل من الناحية الصحية وقد مات طفل بسبب ملامسته لتلك النفايات، واخيرا طلبت الحكومة الفنزويلية بإرجاع تلك النفايات إلى إيطاليا، فحملت تلك الشحنات ونقلت إلى دولة أخرى غير إيطاليا وأنزلت في سوريا في ديسمبر 1987حسب ما ذكر في المرجع.

بغض النظر على ما حدث في نيجيريا فالعديد من حكومات الدول الافريقية اغريت بالمكاسب المالية من وراء تجارة المخلفات السامة وكذلك العلاقة القوية التي تربط بعض الدول الاوروبية والدول الناطقة بلغاتها  قد يساعدها في ذلك. في عام 1979 تقدمت شركة امريكية ((Nedlog بمبلغ 25 مليون دولار الى رئيس سيرليون لاستخدام ارضه كمكب لمخلفاتها، وفي سنة 1978 مخلفات خطرة تابعة للقوات المسلحة الامريكية شحنت بواسطة شركة خاصة الى زيمبابوي على انها سوائل تنظيف. ايضاء لقد تم الكشف على بعض الصفقات السرية بين بعض الشركات الاوروبية الضخمة وبعض الدول الافريقية والتي لم تكتمل بسبب تدخل بعض الهيئات والمنظمات البيئية في العالم منها على سبيل المثال الصفقة التجارية بين حكومة غينيا بيساو وشركة سويسرية للادوية لكي تصدر لها مخلفات طبية صيدلانية (500,000 طن) لتخلص منها  بمقابل 40 دولار لكل طن.

ومبلغ يقدر ب 20 مليون دولار مكسب قد يكون مغري لبعض هذه الحكومات الضعيفة أما بنسبه للشركة المنتجة لتلك اللمخلفات ستكون الرابح الاكبر عند رميها  في دول فقيرة فكمية مخلفات صيدلانية وصناعية بهذا القدر ستكلف الكثير عند التخلص منها بواسطة المحارق أو المعالجة الاخرى في دولهم بسبب الاجراءات البيئة الصارمة لديهم. هذا وبسبب اكتشاف هذه الصفقة والفضيحة التي تلتها اذى الى الغاء عدة صفقات صغيرة بين هذه الدولة وبريطانيا لتخلص من النفايات السامة.

الأجراءات البيئية الصارمة في الدول الغربية وفي أمريكا الشمالية جعل أسعار التخلص من النفايات ترتفع بشكل ملحوظ فمثلا في أمريكا الشمالية كلفة التخلص من طن واحد من النفايات العادية يكلف ما بين 250 إلى 300 دولار أمريكي بينما في أفريقيا يكلف فقط 20 دولار.

دراسة لمنظمة السلام الأخضرذكرت بأن هناك 3.6 مليون طن من النفايات الخطرة شحنت من الدول الغربية إلى دول العالم الثالث للتخلص منها مابين عامي 1986- 1988.  لهذا أنظمت منظمة السلام الأخضر مع مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية مع مجموعات بيئية من ماليزيا وكينيا لتشكل شبكة عمل دولية للتخلص من النفايات السامة (ITWAN)، تعمل هذه المجموعة بشكل وثيق تحت مظلة الأمم المتحدة من أجل فرض حظر شامل على ما تسميه بالأرهاب السام (toxic terrorism).

تجارة النفايات الخطرة هي تجارة الموت وهناك عدة حكومات في الدول الصناعية الكبري تغظ النظر عنها أو أنها تتغافل عنها فتدع شركاتها تتخلص منها بأسعار زهيدة  في دول أخرى بحيث لا تتكبد شركاتهم الخسائر الكبيرة وفي نفس الوقت أضرار نفاياتها تكون بعيدة عنها خلال المعالجة أو التخلص. لكل هذه الأسباب ولتفاقم هذه المشكلة وتمادي بعض الشركات في هذه التجارة وتورط دول في دول أخرى تنادت 100 دولة ووقعت معاهدة بازل في سويسرى لتمنع مثل هذه التجاوزات ولتمنع نقل النفايات الخطرة عبر الدول وللحد من هذه التجارة التي ستدمر هذا الكوكب، يعتقد البعض أن تأثير وأضرار هذه النفايات الخطرة فقط في المحيطين بها وفي دول معينة بل هي مشكلة تتعدى ذلك وستصل أضرارها للجميع.

 Reference:

Dick Russell  (1989). Exporting Cancer, new internationalist, issue 198 – August 1989.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


المنشورات ذات الصلة

التأثيرات البيئية للنفايات البلاستيكية

تزايد الوعي العام بالتأثير البيئي للنفايات البلاستيكية، وما تسببه من أضرار سوء على المدى القصير …

المعالجة المبدئية للنفايات الطبية المعملية

معامل ومختبرات التحاليل الطبية تنتج كميات كبيرة ومتنوعة من النفايات الطبية ذات خطورة وضرر كبير ع…

الجرائم البيئية

الجرائم البيئية (Environmental Crimes) أصبحت واقع يعيشه العالم نتيجة الأرباح الضخمة التي تجنيها …