Skip to main content

حوض البحر الأبيض المتوسط وتحديات تجارة النفايات الخطرة

تواجه منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط تحديات كبيرة تتعلق بتجارة وإدارة النفايات الخطرة، والتي يمكن أن تكون لها تأثيرات بيئية وصحية كبيرة إذا لم يتم التعامل معها بشكل سليم. تعد تجارة النفايات الخطرة في البحر الأبيض المتوسط مصدر قلق بسبب المخاطر المحتملة المتعلقة بالتخلص السليم، والاتجار غير القانوني، ونقص آليات التنظيم والإنفاذ.

أحد القضايا الرئيسية في تجارة النفايات الخطرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط هو القاء النفايات بشكل غير قانوني، والذي يشكل تهديداً خطيراً للبيئة والتنوع البيولوجي والصحة البشرية. يمكن أن يؤدي الاتجار غير القانوني بالنفايات الخطرة إلى تلوث التربة والمياه والهواء، مما يؤثر على النظم الإيكولوجية والمجتمعات في المنطقة. كما يسهم نقص المرافق السليمة لمعالجة وتخلص النفايات الخطرة في تفاقم المشكلة، حيث قد تفتقر بعض الدول إلى البنية التحتية والموارد لإدارة مثل هذه النفايات بشكل آمن.

علاوة على ذلك، يتم تحفيز تجارة النفايات الخطرة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط عادةً من خلال العوامل الاقتصادية، حيث قد تسعى بعض البلدان لتصدير نفاياتها إلى بلدان أخرى للتخلص منها بتكلفة أقل كما حدث في لبنان وتونس. وهذا قد يؤدي إلى موقف يتم فيه شحن النفايات عبر الحدود بدون وثائق ورقابة صحيحة، مما يزيد من خطر تلوث البيئة والمخاطر الصحية.

لمواجهة التحديات المتعلقة بتجارة النفايات الخطرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، هناك حاجة إلى تعاون دولي قوي وإطارات تنظيمية وآليات إنفاذ. تلعب اتفاقية برشلونة، المعروفة أيضًا باسم اتفاقية حماية البيئة البحرية والساحلية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، دوراً رئيسياً في التعامل مع التلوث البحري، بما في ذلك النفايات الخطرة.

يجب أن تركز الجهود على منع ومراقبة تجارة النفايات الخطرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط على تحسين ممارسات إدارة النفايات، وتعزيز آليات المراقبة والإنفاذ، وتعزيز التعاون الدولي، ورفع الوعي بالمخاطر المرتبطة بالنفايات الخطرة. يمكن أن يساعد ذلك في التأكد من إدارة النفايات الخطرة بطريقة صحيحة من الناحية البيئية والاجتماعية، مما يقلل من الآثار السلبية المحتملة على النظم البيئية والصحة العامة في المنطقة.

حوض البحر الأبيض المتوسط وتحديات تجارة النفايات الخطرة
حوض البحر الأبيض المتوسط وتحديات تجارة النفايات الخطرة 2

كما يجب تطبيق وتفعيل بنود الاتفاقيات الدولية والتي تحد من تجارة النفايات الخطرة بين الدول مثل اتفاقية بازل الدولية والتي تهدف إلى التحكم في تقليل حركة النفايات الخطرة بين الدول (وخاصة بين الشمال الغني والجنوب الفقير) وكذلك اتفاقية باماكو بشأن حظر استيراد النفايات الخطرة بما فيها المواد المشعة إلى أفريقيا والتحكم في حركتها عبر الحدود الخاصة بالدول الأفريقية.

في الختام، تمثل تجارة النفايات الخطرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط تحديات كبيرة تتطلب جهود متناسقة على المستويات الإقليمية والدولية للتعامل معها. من خلال تنفيذ إطارات تنظيمية فعالة، وتحسين ممارسات إدارة النفايات، وتعزيز التعاون بين الدول، يمكن التخفيف من المخاطر المتعلقة بتجارة النفايات الخطرة وحماية البيئة والصحة العامة في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

الجرائم البيئية

الجرائم البيئية (Environmental Crimes) أصبحت واقع يعيشه العالم نتيجة الأرباح الضخمة التي تجنيها المنظمات الإجرامية من ارتكابها، فكلما زادت القوانين البيئية صرامة، وكلما زادت الدول من فرض تشريعاتها في معالجة والتخلص من النفايات الخطرة، وكلما زادت قيود الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بين الدول، زادت وثيرة الجرائم البيئية.

قدّر برنامج الأمم المتحدة للبيئة والإنتربول أن الجريمة البيئية هي الآن رابع أكثر الأعمال غير القانونية ربحًا في العالم، حيث تصل قيمتها المالية إلى 258 مليار دولار سنويًا ومن المتوقع أن تزداد بشكل كبير في المستقبل القريب. وغالبيتنا يعلم حجم الأضرار الناتجة عن الجرائم البيئية سوء أضرار صحية في الإنسان أو الكائنات الحية التي تشاركنا الكوكب أو دمار يلحق البيئة البرية والبحرية المحيطة بنا.

الجرائم البيئية ترتكب على نطاق واسع في غالبية دول العالم، ولكن هناك بعض الدول تعاني من هذه المشكلة بصفة أكبر وقد استفحلت فيها حتى أصبحت المنظمات الإجرامية أقوى من الدولة. وهذا بالضبط ما يحدث في إيطاليا، فقد تحولت المنظمات الإجرامية والذي أطلق عليها حديثا أسم المافيا البيئية من تجارة الممنوعات والمخدرات وغسيل الأموال إلى الجرائم البيئية لما فيها من أرباح ضخمة وسريعة وأقل تكلفة.

 بين عامي 2002 و 2019 ، تم إحصاء ما يقرب من 54 مليون طن من النفايات في التجارة غير المشروعة للمافيا البيئية (ecomafia).

سأذكر لكم بعض الإحصائيات الحديثة حول الجرائم البيئية والتي ترتكب في هذا البلد، ففي سنة 2011 ارتكبت 33.817 جريمة بيئية بمعدل 92 جريمة يوميا وحوالي 3.8 جريمة كل ساعة واحدة. تم القبض من قبل السلطات القضائية على 305 شخص متورط، مع قيمة مالية لهذه الجرائم حوالي 16.6 مليار يورو. غالبية الجرائم (47.7% من أجمالي الجرائم) ارتكبت في أربع المناطق والتي تعتبر من المناطق التقليدية تتحرك المافيا فيها بحرية كاملة مثل كمبانيا (5.327)، كلباريا (3.552)وسشيلي (3.552)، وأخيرا أبوليا (3.345).

حسب إحصائيات وزارة البيئة الإيطالية في سنة 2006 أن 31 مليون طن من النفايات الخطرة اختفت في إيطاليا. وحسب البيانات المتاحة حول النفايات التي يتم الإتجار بها بشكل غير قانوني في سنتي 2010-11 أنه تم الاستيلاء على 4.2 مليون طن من النفايات الخاصة من قبل السلطات نفاد القانون ومأموري ضبط القضائي. هذه الكمية تحتاج لنقلها حوالي أكثر من 96 ألف شاحنة.

هذه الآرقام الكبيرة من الجرائم البيئة جعل البرلمان الإيطالي في سنة 2001 يتحرك ويسن قانون جديد في “النشاط المنظم للاتجار غير المشروع بالنفايات”، وبفضل التشريع الجديد ، أصبحت المعركة الإيطالية ضد الاتجار غير المشروع بالنفايات أكثر فعالية بحيث تسمح للمحققين باستخدام أدوات التحقيق المناسبة (مثل التنصت على المكالمات الهاتفية والمراقبة الإلكترونية) ضد المجرمين وصلاحيات أكبر في القبض على المشتبه في تورطهم في الجرائم البيئية.

تعريف الانتربول للجرائم البيئة

“الجريمة البيئية مشكلة دولية خطيرة ومتنامية، حيث ينتهك المجرمون القوانين الوطنية والدولية الموضوعة لحماية البيئة. هؤلاء المجرمون يلوثون الهواء والماء والأرض. إنهم يدفعون أنواع الحياة البرية ذات القيمة التجارية إلى الاقتراب من الانقراض ويؤثرون بشكل كبير على السلامة البيولوجية للكوكب “.

منذ سنة 2002 تم الانتهاء من 199 تحقيقا، كانت متورطة فيها 676 شركة، وقد تم إشراك 87 من مكاتب النيابة العامة، تم اعتقال 1.229 متهم، وكانت هناك حوالي 3.654 شكوى مسجلة، التحقيقات بمشاركة 23 دولة أجنبية منها 10 في أوروبا مثل النمسا، بلغاريا، فرنسا، ألمانيا، اليونان، المملكة المتحدة، النرويج، روسيا، المجر، تركيا.

الجرائم البيئية
الاتجار الدولي غير المشروع بالنفايات (إيطاليا ، 2011)

الاتجار الدولي غير المشروع بالنفايات من إيطاليا ففي عام 2011 ، صادرت وكالة الجمارك الإيطالية حوالي 7.400 طن من النفايات الخطرة متوجهة إلى الخارج. أما في السنوات التي تلتها، صادرت الجمارك الإيطالية أكثر من 40.000 طن من النفايات الخطرة متجهة إلى دول أجنبية (خاصة جنوب شرق آسيا (الصين وهونغ كونغ) وأفريقيا).

للتخلص بشكل قانوني من 15 ألف حاوية من النفايات الخطرة تدفع الشركات الإيطالية حوالي 60 ألف يورو بينما يمكن التخلص من نفس الكمية بشمل غير قانوني بدفع فقط 5 ألاف يورو في الدول الشرقية.

في الختام، يجب على جميع الدول تعزيز وتقوية أنظمة العقوبات في ما يخص الجرائم البيئية، أيضا يجب تعزيز نشاط منظمة الجمارك العالمية (World Customs Organization) في مكافحة الاتجار الدولي بالنفايات. أيضا تعزيز الأنشطة الهامة التي تقوم بها الهيئات الدولية مثل الإنتربول ومعهد الأمم المتحدة الإقليمي لبحوث الجريمة والعدالة، لمنع ومكافحة الاتجار غير المشروع بالنفايات، وبشكل أعم ظاهرة الجريمة البيئية عبر الحدود.

Reference: ECOMAFIA 2012, Environmental organized crime in Italy , Stefano Ciafani Vice president of Legambiente