Skip to main content

الجرائم البيئية

الجرائم البيئية (Environmental Crimes) أصبحت واقع يعيشه العالم نتيجة الأرباح الضخمة التي تجنيها المنظمات الإجرامية من ارتكابها، فكلما زادت القوانين البيئية صرامة، وكلما زادت الدول من فرض تشريعاتها في معالجة والتخلص من النفايات الخطرة، وكلما زادت قيود الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بين الدول، زادت وثيرة الجرائم البيئية.

قدّر برنامج الأمم المتحدة للبيئة والإنتربول أن الجريمة البيئية هي الآن رابع أكثر الأعمال غير القانونية ربحًا في العالم، حيث تصل قيمتها المالية إلى 258 مليار دولار سنويًا ومن المتوقع أن تزداد بشكل كبير في المستقبل القريب. وغالبيتنا يعلم حجم الأضرار الناتجة عن الجرائم البيئية سوء أضرار صحية في الإنسان أو الكائنات الحية التي تشاركنا الكوكب أو دمار يلحق البيئة البرية والبحرية المحيطة بنا.

الجرائم البيئية ترتكب على نطاق واسع في غالبية دول العالم، ولكن هناك بعض الدول تعاني من هذه المشكلة بصفة أكبر وقد استفحلت فيها حتى أصبحت المنظمات الإجرامية أقوى من الدولة. وهذا بالضبط ما يحدث في إيطاليا، فقد تحولت المنظمات الإجرامية والذي أطلق عليها حديثا أسم المافيا البيئية من تجارة الممنوعات والمخدرات وغسيل الأموال إلى الجرائم البيئية لما فيها من أرباح ضخمة وسريعة وأقل تكلفة.

 بين عامي 2002 و 2019 ، تم إحصاء ما يقرب من 54 مليون طن من النفايات في التجارة غير المشروعة للمافيا البيئية (ecomafia).

سأذكر لكم بعض الإحصائيات الحديثة حول الجرائم البيئية والتي ترتكب في هذا البلد، ففي سنة 2011 ارتكبت 33.817 جريمة بيئية بمعدل 92 جريمة يوميا وحوالي 3.8 جريمة كل ساعة واحدة. تم القبض من قبل السلطات القضائية على 305 شخص متورط، مع قيمة مالية لهذه الجرائم حوالي 16.6 مليار يورو. غالبية الجرائم (47.7% من أجمالي الجرائم) ارتكبت في أربع المناطق والتي تعتبر من المناطق التقليدية تتحرك المافيا فيها بحرية كاملة مثل كمبانيا (5.327)، كلباريا (3.552)وسشيلي (3.552)، وأخيرا أبوليا (3.345).

حسب إحصائيات وزارة البيئة الإيطالية في سنة 2006 أن 31 مليون طن من النفايات الخطرة اختفت في إيطاليا. وحسب البيانات المتاحة حول النفايات التي يتم الإتجار بها بشكل غير قانوني في سنتي 2010-11 أنه تم الاستيلاء على 4.2 مليون طن من النفايات الخاصة من قبل السلطات نفاد القانون ومأموري ضبط القضائي. هذه الكمية تحتاج لنقلها حوالي أكثر من 96 ألف شاحنة.

هذه الآرقام الكبيرة من الجرائم البيئة جعل البرلمان الإيطالي في سنة 2001 يتحرك ويسن قانون جديد في “النشاط المنظم للاتجار غير المشروع بالنفايات”، وبفضل التشريع الجديد ، أصبحت المعركة الإيطالية ضد الاتجار غير المشروع بالنفايات أكثر فعالية بحيث تسمح للمحققين باستخدام أدوات التحقيق المناسبة (مثل التنصت على المكالمات الهاتفية والمراقبة الإلكترونية) ضد المجرمين وصلاحيات أكبر في القبض على المشتبه في تورطهم في الجرائم البيئية.

تعريف الانتربول للجرائم البيئة

“الجريمة البيئية مشكلة دولية خطيرة ومتنامية، حيث ينتهك المجرمون القوانين الوطنية والدولية الموضوعة لحماية البيئة. هؤلاء المجرمون يلوثون الهواء والماء والأرض. إنهم يدفعون أنواع الحياة البرية ذات القيمة التجارية إلى الاقتراب من الانقراض ويؤثرون بشكل كبير على السلامة البيولوجية للكوكب “.

منذ سنة 2002 تم الانتهاء من 199 تحقيقا، كانت متورطة فيها 676 شركة، وقد تم إشراك 87 من مكاتب النيابة العامة، تم اعتقال 1.229 متهم، وكانت هناك حوالي 3.654 شكوى مسجلة، التحقيقات بمشاركة 23 دولة أجنبية منها 10 في أوروبا مثل النمسا، بلغاريا، فرنسا، ألمانيا، اليونان، المملكة المتحدة، النرويج، روسيا، المجر، تركيا.

الجرائم البيئية
الاتجار الدولي غير المشروع بالنفايات (إيطاليا ، 2011)

الاتجار الدولي غير المشروع بالنفايات من إيطاليا ففي عام 2011 ، صادرت وكالة الجمارك الإيطالية حوالي 7.400 طن من النفايات الخطرة متوجهة إلى الخارج. أما في السنوات التي تلتها، صادرت الجمارك الإيطالية أكثر من 40.000 طن من النفايات الخطرة متجهة إلى دول أجنبية (خاصة جنوب شرق آسيا (الصين وهونغ كونغ) وأفريقيا).

للتخلص بشكل قانوني من 15 ألف حاوية من النفايات الخطرة تدفع الشركات الإيطالية حوالي 60 ألف يورو بينما يمكن التخلص من نفس الكمية بشمل غير قانوني بدفع فقط 5 ألاف يورو في الدول الشرقية.

في الختام، يجب على جميع الدول تعزيز وتقوية أنظمة العقوبات في ما يخص الجرائم البيئية، أيضا يجب تعزيز نشاط منظمة الجمارك العالمية (World Customs Organization) في مكافحة الاتجار الدولي بالنفايات. أيضا تعزيز الأنشطة الهامة التي تقوم بها الهيئات الدولية مثل الإنتربول ومعهد الأمم المتحدة الإقليمي لبحوث الجريمة والعدالة، لمنع ومكافحة الاتجار غير المشروع بالنفايات، وبشكل أعم ظاهرة الجريمة البيئية عبر الحدود.

Reference: ECOMAFIA 2012, Environmental organized crime in Italy , Stefano Ciafani Vice president of Legambiente

الكوارث البيئية: كارثة سيفيزو

هناك كوراث بيئية حدثت بفعل الإنسان سجلت في التاريخ بحكم حجم الضرر التي نتج عنها، منها كارثة سيفيزو (The Seveso disaster) الصناعية المشهورة سنة 1976 في 10 يوليو، بمصنع صغير للكيماويات يقع 15 كم شمال ميلانو في إقليم لومبارديا في إيطاليا. أسفر ذلك عن أكبر تعرض معروف لـديوكسين، 8,7,3,2- تتراكلوروديبنز-ب-ديوكسين (TCDD) ، قرب المناطق السكنية مما أدى إلى العديد من الأضرار الصحية والبيئية لسنوات طويلة، حتى أن بعض الصحف وضعت هذه الكارثة في الترتيب الثامن لأسواء الكوراث البيئية التي حدثت بفعل الإنسان.

تم تسمية هذه الكارثة على اسم المنطقة السكانية سيفيزو (Seveso)، المجتمع القريب الأكثر تضررًا ، والتي يبلغ عدد سكانه 17000 نسمة في عام 1976. أيضا تضررت المجتمعات السكانية المحيطة ولكن بأقل حده. كان المصنع، الواقع في منطقة ميدا ، مملوكًا لشركة ((Meda Chemical Industries S.A، وهي شركة تابعة لشركة Givaudan ، والتي كانت بدورها شركة تابعة لشركة لمجموعة روش. تم بناء مبنى المصنع قبل ذلك بسنوات عديدة ولم يكن السكان المحليون يعتبرونه مصدر خطر محتمل. علاوة على ذلك ، على الرغم من أن حالات تعرض السكان للديوكسينات قد حدثت من قبل، معظمها في حوادث صناعية ، إلا أنها كانت محدودة النطاق.

وقعت هذه الكارثة بسبب أخطاء أرتكبت سببت في أرتفاع درجة الحرارة لبخار العادم من توربينات توليد الكهرباء في الموقع إلى ما يقرب من 300 درجة مئوية والذي استعمل في احد العمليات لأنتاج مادة الكيميائية في وعاء مفاعل كيميائي. وكانت زيادة الحرارة نتيجة أغلاق اجزاء من المصنع خلال نهاية عطلة الأسبوع. ولم تكن طريقة مراقبة الأرتفاع في الحرارة بشكل جيد.

نتيجة للحرارة تم فتح صمام تنفيس المفاعل في النهاية، مما تسبب في الإطلاق الجوي لستة أطنان من المواد الكيميائية، والتي استقرت على مساحة 18 كم 2 من المنطقة المحيطة. من بين المواد التي تم إطلاقها كان 1 كجم من TCDD. وهذا المركب يقاس عادة بكميات ضئيلة جدا في جزء في المليون (Parts Per Million). كان التلوث كبير وقد قسمت المناطق المصابة حول المصنع ألى ثلاث مناطق رئيسية حسب كمية تركيزات التلوث التربة السطحية بمادة TCDD فنصح السكان بعدم لمس أو أكل الفاكهة أو الخضار المزروعة محليًا في المناطق الملوثة.

الكوارث البيئية: كارثة سيفيزو
كان تأثير التلوث في الأطفال بشكل كبير مع انتشار طفح جلدي

في غضون أيام، من تنفيس المفاعل تم العثور على إجمالي 3300 حيوان، معظمها من الدواجن والأرانب، ميتة. بدأ الذبح الفوري والطاريء للحيوانات (Emergency slaughtering) لمنع TCDD من دخول السلسلة الغذائية ، وبحلول عام 1978 تم ذبح أكثر من 80.000 حيوان. كما تم نقل 15 طفلاً إلى المستشفى بسرعة بسبب التهابات في الجلد. بحلول نهاية أغسطس، تم إخلاء المنطقة الأولى بالكامل وتسييجها. من بين 1600 شخص محلي من جميع الأعمار تم فحصهم طبيا ، وجد أن 447 يعانون من آفات جلدية أو حب الشباب الكلوري. كما تم إنشاء مركز استشاري للنساء الحوامل ، واختارت 26 منهن عملية الإجهاض بعد الاستشارة تخوفا من ولادة أطفال مشوهين. واصلت 460 امرأة أخرى حملهن دون مشاكل ، ولم يظهر أطفالهن أي علامة على التشوه.

الكوارث البيئية: كارثة سيفيزو
وضعت الحكومة الأيطالية خطة عمل تتكون من إجراء التحاليل العلمية وتقديم المساعدات الاقتصادية والمراقبة الطبية والترميم وإزالة التلوث

حب الشباب الكلوري (Chloracne): هو طفح شبيه بحب الشباب على شكل رؤوس سوداء وكيسات وبثور مرتبط بالتعرض المفرط للمركبات العطرية الهالوجينية مثل مركبات الديوكسين ومركبات ثنائي بنزوفيوران المحتوية على الكلور. تظهر علاماته عادة على الخدين ووراء الأذنين والإبطين ومنطقة أعلى الفخذ.

تم القبض على المدير الفني ومدير الأنتاج في المصنع لتحقيق في الحادثة، تم إنشاء لجنتين حكوميتين لوضع خطة للحجر الصحي وإزالة التلوث في المنطقة، والتي خصصت لها الحكومة الإيطالية 47.8 مليون دولار أمريكي وقد تضاعف هذا المبلغ ثلاث مرات بعد ذلك بعامين.

أجريت العديد من دراسات حول الآثار الصحية الفورية وطويلة الأمد للحادث على السكان قرب المصنع، منها دراسة بعد أربعة عشر عاماً (1991) لتقييم التأثيرات على آلاف الأشخاص الذين تعرضوا للديوكسين. كان التأثير الصحي الضار الأكثر وضوحًا الذي تم التأكد منه هو حب الشباب (193 حالة). الآثار المبكرة الأخرى التي لوحظت كانت الاعتلال العصبي المحيطي (Peripheral Neuropathy) وتحريض إنزيمات الكبد (liver enzyme induction). وفي نفس الوقت لم تتوفر معلومات كافية حول التشوهات الخلقية (Birth Defects) من التعرض للديوكسين في السكان.

بصفة عامة، تم الكشف عن زيادة معدل الوفيات من أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، كما تم الكشف عن زيادة حالات مرض السكري، وأظهرت نتائج متابعة الإصابة بالسرطان والوفيات حدوث زيادة في الإصابة بسرطان في الجهاز الهضمي (Gastrointestinal) والأنسجة اللمفاوية والدم (The Lymphatic And Hematopoietic Tissue).

كما أكدت دراسة أجريت عام 2001 في ضحايا الكارثة أن الديوكسين يعتبر بدون أي شك مادة مسرطنة للإنسان وتؤكد ارتباطها بمشاكل في القلب والأوعية الدموية والغدد الصماء. وفي دراسة في عام 2009، وجد أن هناك زيادة في “الأورام اللمفاوية والأنسجة المكونة للدم” وزيادة سرطان الثدي.

قيمت دراسة أخرى أجريت عام 2008، ما إذا كان تعرض الأم مرتبطًا بوظيفة الغدة الدرقية عند الأطفال حديثي الولادة في السكان المعرضين بشدة في كارثة سيفيزو وخلصت إلى أن الملوثات البيئية مثل الديوكسينات لها قدرة طويلة الأمد على تعديل وظيفة الغدة الدرقية عند الأطفال حديثي الولادة بعد التعرض الأولي.

كما تم العثور على أطفال من أمهات تعرضن خلال فترة حمل هؤلاء الأطفال لمستويات عالية من الديوكسينات السامة بسبب كارثة سيفيزو ، لديهم عدد حيوانات منوية أقل من المتوسط. وكان دليل واضح على تسبب التعرض السابق للولادة لمادة كيميائية بيئية تسبب في أنخفاض عدد الحيوانات المنوية.

الكوارث البيئية: كارثة سيفيزو
تعتبر هذه الكارثة من أكبر الكوراث التعرض للديوكسين

منذ سنة 1977 وضعت الحكومة الأيطالية خطة عمل تتكون من إجراء التحاليل العلمية وتقديم المساعدات الاقتصادية والمراقبة الطبية والترميم وإزالة التلوث، وتطبيق نظام المراقبة الصحة الوبائية (System Epidemiological Health Monitoring) لحوالي 220 ألف شخص، كما رفعت الحكومة من ميزانية التعامل مع الكارثة، وقد صرفت تعويضات مالية كبيرة للمتضررين.

كانت النفايات الناتجة عن تنظيف المصنع عبارة عن خليط من الملابس الواقية والمخلفات الكيميائية من المصنع. تم تعبئة هذه النفايات في براميل مخصصة لتخزين النفايات النووية. تم الاتفاق على التخلص من النفايات بطريقة قانونية.  وقد تم التعاقد مع شركة للتخلص من المواد الكيميائية في سنة 1982، ولكن هناك تقرير إذاعي لقناة تلفزيونية سويسرية ناطقة بالفرنسية ذكرا بأنه لم يتم التخلص منها بطريقة سليمة، أو أن البراميل قد أختفت وهناك العديد من الفرضيات حول تلك الأخبار، مثل أن الشركة التي كلفت بالأمر استأجرت مقاولين من الباطن للتخلص من النفايات السامة.

Ref: Seveso Disaster, Wikipedia, the free encyclopedia, https://en.wikipedia.org/wiki/Seveso_disaster

الكوارث البيئية: مأساة انهيار مكب باياتاس في الفلبين

تشكل مكبات النفايات المفتوحة (Open Dump) خطر كبير على المجتمعات وعلى البيئة المحيطة بسبب أحتوائها على شتى أنواع النفايات الخطرة والتي لا يتم التخلص منها بواسطة ردمها بالطريقة السليمة، أو أنها يتم حرقها في الهواء الطلق فتنتج إنبعاثات أبخرة سامة منها، أو تكون تلك النفايات غير معالجة بيئة مناسبة لتزايد الحشرات والقوارض فتكون سبب في انتشار الأمراض والأوبيئة في المجتمعات المحيطة. أو ما تسببه المكبات المفتوحة من روائح كريهة المنبعثة من السوائل المترشحة من النفايات العضوية والتي ربما تتسلل وتصل بسمومها إلى الخزانات المياه الجوفية أو السطحية إذا كانت قريبة.

بالإظافة إلى ذلك، تشكل المكبات المفتوحة خطر بيئي كبير وهي الانهيارات الأرضية، وهناك عدة قصص حدثت في دول العالم النامي حيث سببت الانهيارات الأرضية للمكبات في قتل العديد من العاملين أو نابشي النفايات أو الأهالي اللذين يتاجرون بالنفايات ويعيشون في بيوت قرب تلك المكبات المفتوحة.

الكوارث البيئية: مأساة انهيار مكب باياتاس في الفلبين
نابشي القمامة في مكب باياتاس بالفلبين

ومن أشهر تلك الانهيارات والكوارث البيئية التي حدثت حديثا هو انهيار مكب النفايات المعروف بأسم مكب باياتاس (Payatas landslide ) في مدينة كويزون بالفلبين في 10 يوليو سنة 2000. المدينة التي كانت تنتج في حوالي 2970 طن يومي من النفايات البلدية وترمة في هذا المكب. حيث بداءت الكارثة بانهيار كثل كبيرة من القمامة تم أشتعلت النيران فيها مما أدى إلى تدمير حوالي 100 منزل من الأهالي اللذين كانوا يسكنون على أطراف المكب النفايات المفتوح ويعيشون من نبش تلك القمامة والأتجار بمحتوياتها.

قُتل 218 شخصًا حسب البيانات الرسمية، وتسبب الانهيار في اختفاء 300 شخص. ومع ذلك ، تشير بعض المصادر إلى أن 705 شخص قد قتلوا في باياتاس وتشير مصادر أخرى إلى أن العدد أكبر بكثير من الرقم الرسمي وربما يفوق 1000 شخص. لم يتم معرفة عدد القتلى الفعلي في هذه الكارثة لأن المسؤولين ليس لديهم فكرة عن عدد الأشخاص الذين كانوا يعيشون بجوار مكب النفايات. أو لأن كان الموتى كانوا من الطبقة الفقيرة جدا ولا أحد يهتم بهم.

تم حفر حوالي خُمس جبل القمامة البالغ ارتفاعه 150 قدمًا فقط بحثًا عن الجثث. أعاقت الرائحة الكريهة للقمامة المتعفنة واللحوم المحترقة أعمال الإنقاذ، وكذلك نقص المعدات المناسبة، فكان على جميع رجال الإنقاذ والمتطوعين استخدام المجارف والمعاول، وكما استخدم العديد من الأقارب والناجين أيديهم العارية لنشل الجثث من تحت القمامة.

المأساة في هذه الكارثة ليس الانهيار الأرضي فقط ولكن الحريق الذي رافقه، ويبدو أن سبب الحريق اللاحق هو سقوط كابلات كهربائية أو مواقد نار مقلوبة في الأكواخ. قال إحد الناجين والذي دفنت أسرتها بالكامل تحت القمامة (زوجته وسبع بنات وأبناء أخيه) “هذه هي أرض الجحيم”. “في موسم الجفاف هناك ألسنة اللهب في كل مكان. وفي موسم الأمطار تحدث انهيارات أرضية “.

في عام 2000 ، ذكر عالم جيولوجي من جامعة الفلبين أنه قد يكون السبب الانهيار تسرب محتمل للمادة المرتشحة من مكب النفايات إلى خزان ماء أرضي يقع قرب المكب المفتوح مع هطول الأمطار الموسمية والأعاصير في تلك الفترة.

تم إغلاق مكب النفايات على الفور بعد الحادث من قبل الرئيس الفلبيني ولكن أعيد فتحه بعد أسابيع قليلة من قبل عمدة مدينة كويزون لتجنب تفشي وباء في المدينة بسبب القمامة غير المجمعة والتي تراكمت في شوارع المدينة والتي سببها الإغلاق المكب الرئيسي في المدينة.  

الكوارث البيئية: مأساة انهيار مكب باياتاس في الفلبين
أنهيار كتل القمامة في مكب باياتاس الفلبيني على البيوت القريبة

دفع الانهيار الأرضي للمكب الحكومة إلى إصدار القانون الجمهوري رقم 9003 أو قانون إدارة النفايات الصلبة البيئية لعام 2000، والذي يفرض إغلاق مكبات النفايات المفتوحة في الفلبين بحلول عام 2004 والتحكم في مكبات النفايات بحلول عام 2006. وفي ديسمبر 2010 تم أغلاق المكب القديم وتم انشاء مكب جديد قربه منفصل ولكن يدار بسياسة أكثر صرامة من المكب القديم، تحوي ارضيته على طبقة من القماش المشمع لمنع تسرب العصارة إلى المياه الجوفية. ولكن تم أغلاق المكب الجديد سنة 2017.

في يناير / كانون الثاني 2020، أمرت المحكمة الابتدائية الإقليمية بمدينة كويزون حكومة مدينة كويزون بدفع أكثر من 6 ملايين بيزو لأقارب ضحايا الانهيار الأرضي في باياتاس.

وفي الختام، أن الحل الجدري لمنع حدوث مثل هذه الكوراث في المستقبل هي الإدارة السليمة للنفايات، وخاصة تطبيق مبداء التقليل من المصدر وإعادة الأستخدام وإعادة التدوير (3Rs)، وتحويل النفايات القابلة للتحلل إلى سماد. وكذلك ضرورة وجود منشأت ومرافق لتحويل النفايات إلى طاقة (waste-to-energy) تكون صديقة للبيئة، وليست المحارق من ضمن الحلول لأنها مصدر كبير للأبخرة السامة الضارة، أما المكبات المفتوحة فيجب أن تلغى وتتحول إلى مكبات صحية تدار بها النفايات بطريقة سليمة، وتكون بها أنابيب لتجميع المترشحات والسوائل ومعالجتها وايضا يوجد بها أنابيب لأستعادة الغاز والأستفادة منه، وتحيطها أبار يمكن بها مراقبة المياه الجوفية.

Sources:

https://en.wikipedia.org/wiki/Payatas_landslide

Payatas dumpsite,  Wikipedia, the free encyclopedia

Sison, Bebor Jr.; Felipe, Cecilia Suerte (10 July 2001). “Payatas tragedy: One year after”. The Philippine Star. Retrieved 23 September 2019.

Peña, Rox (24 August 2017). “Payatas landfill is permanently closed”. Sun Star. Retrieved 23 September 2019.

Roxas, Pathricia Ann (August 6, 2017). “Environmentalists hail closure of Payatas dumpsite”Philippine Daily Inquirer. Retrieved 23 September 2019.

https://www.wsws.org/en/articles/2000/07/phil-j21.htmlhttps://www.geoengineer.org/news/paper-documents-failure-at-payatas-landfill-in-the-philippines-that-killed-330