Skip to main content

العدوى الفيروسية في العاملين بالمخلفات الطبية في ليبيا والبرازيل وأثيوبيا

العاملين في قطاع الصحة هم أكثر الأشخاص عرضة للإصابة بفيروسات الأمراض المعدية وذلك بحكم وظيفتهم وعملهم وإحتكاكهم اليومي مع المرضى والأمراض المعدية المتنوعة. العديد من الدراسات البحثية إجريت لتحديد معدلات الإصابات المهنية والعديد منها أكدت تلك الإصابات بدون أدنى شك بواسطة التحاليل المعملية، إصابات مختلفة بفيروسات الدم الخطيرة مثل فيروسات تليف الكبد البائي (HBV) والجيمي […]

العاملين في قطاع الصحة هم أكثر الأشخاص عرضة للإصابة بفيروسات الأمراض المعدية وذلك بحكم وظيفتهم وعملهم وإحتكاكهم اليومي مع المرضى والأمراض المعدية المتنوعة. العديد من الدراسات البحثية إجريت لتحديد معدلات الإصابات المهنية والعديد منها أكدت تلك الإصابات بدون أدنى شك بواسطة التحاليل المعملية، إصابات مختلفة بفيروسات الدم الخطيرة مثل فيروسات تليف الكبد البائي (HBV) والجيمي (HCV) وفيروس العوز المناعي (HIV) وغيرها الكثير من الإصابات الميكروبية.

بالتأكيد ليست كل الوظائف في مجال الصحة بها تلك الخطورة الكبيرة ولكنها تختلف من تخصص طبي وظيفي الى أخر فبعض الوظائف في قطاع الصحة ذات خطورة عالية  جدا مثل عمال النظافة في الأقسام العلاجية وحجرات الكشف وصالات العمليات والأنعاش ووحدات العناية الفائقة والأسعاف والطواريء، فهم في أحتكاك مباشر يومياً مع ما ينتجه المريض من مخلفات طبية وغير طبية من خلال جمع ونقل النفايات أو تنظيف إنسكابات سوائل المريض أو المعالجة والتخلص من النفايات وغيرها الكثير من أمور نظافة البيئة المحيطة بالمرضى، وهم كطاقم التمريض في الخط الأول في مجابهة الأمراض وهم من أكثر الأشخاص العاملين في الصحة عرضة للإصابة بعدوى الميكروبات الممرضة سريعة الأنتشار. فهم معرضين لكل وسائل انتقال عوامل المرض مثل دخول الميكروبات من خلال أستنشاق الهواء الملوث عند جمع أو نقل أكياس المخلفات أو معالجتها أو في حالات التعرض لوخز الإبر أو حدوث خدش بأداة حادثة ملوثة بدماء المرضى أو ملامسة سوائل جسم المريض الأخرى بالأتصال المباشر أو عبر تناثر سوائل المريض الى عيون العمال أو الأغشية المخاطيةـ فسبل انتقال العدوى كما ذكرنا كثيرة وغير مرئية في أكثر الأحيان.

العدوى الفيروسية في العاملين بالمخلفات الطبية في ليبيا والبرازيل وأثيوبيا

في هذه المقالة ثلاث دراسات علمية من ثلاث دول مختلفة (ليبيا والبرازيل وأثيوبيا) تم عرضها هنا لإعطى فكرة ولمعرفة نسبة إصابة عمال النظافة الذين يتعاملون يومياً مع المخلفات الطبية بفيروسات الدم مثل فيروس تليف الكبد البائي (HBV) والجيمي (HCV) بالمقارنة بعمال نظافة أخرين لا يتعاملون وغير معرضين للمخلفات الطبية خلال عملهم اليومي. فهل لهذه الوظيفة تأثير على إصابتهم بعدوى فيروسية خطيرة؟، وإذا كان لها ذلك التأثير فما هو نسبة الإصابات المسجلة؟.

I- الدراسة الليبية:

دراسة بحثية ليبية (Franka E et al., 2009) إجريت في مدينة طرابلس سنة 2009 شملت ستمائة عامل نظافة من بينهم ثلاثمائة عامل (59 عاملة) نظافة يعملون في قطاع الصحة ويتعاملون يومياً مع النفايات الطبية للمرضى بمستشفيات المدينة ومجموعة أخرى للمقارنة تتكون من ثلاثمائة عامل نظافة يعملون خارج قطاع الصحة في أعمال تنظيف ليست لها علاقة بالمخلفات الطبية، والمقارنة شملت معدلات إصابتهم بفيروسات تليف الكبد البائي (HBV) والجيمي (HCV) وفيروس  العوز المناعي (HIV) عبر سحب عينات دم من العمال وتحليلها معملياً، وأيضا تطرق الباحث الى مدى تطبيق العمال لإجراءات السلامة المهنية في هذه الوظيفة عبر الاستبيانات والمقابلة الشخصية التي وزعت على العاملين.

أكدت الدراسة وجود فيروس تليف الكبد البائي (HBV) وإصابة سبعة عمال يعملون مع مخلفات الطبية بنسبة 2.3% في أجمالي العاملين بينما عمال النظافة الأخرين الذين لا يتعاملون مع المخلفات الطبية فقط وجدت لديهم حالة إصابة واحدة بنسبة 0.3%. أما في حالة فيروس تليف الكبد الجيمي (HCV) فقد سجلت ثمانية إصابات بنسبة 2.7% في العاملين مع المخلفات الطبية بينما لا توجد إصابات بهذا الفيروس في مجموعة عمال النظافة واللذين لا يتعاملون مع المخلفات الطبية. اما فيروس العوز المناعي (HIV) فلم يسجل وجوده في المجموعتين. بهذه النتيجة أكدت الدراسة أن معدلات الإصابة بفيروسات تليف الكبد البائي والجيمي عالية في مجموعة العمال اللذين يتعاملون مع المخلفات الطبية بالمقارنة بالمجموعة الأخرى من عمال النظافة والتي ليست لهم علاقة بالمخلفات الطبية، وهذا يثبت خطورة هذه المهنة وأحتمال الإصابة بفيروسات الدم الخطيرة نتيجة التعامل اليومي مع مواد خطرة مثل المخلفات الطبية.

كما تطرقت الدراسة الى مدى تطبيق عمال النظافة بمستشفيات بمدينة طرابلس لإجراءات السلامة الصحيحة لهذه المهنة ومدى تطبيق الطرق السليمة في التعامل مع المخلفات الطبية من ارتداء الملابس الواقية الشخصية وإجراءات السلامة المهنية الأخرى مثل التحصينات وغيرها. فوجد أن حوالي 99.7% من العمال يلبسون المعاطف الخاصة بهذه الوظيفة (overalls)، وحوالي 17.7% فقط منهم يستعملون الكممات، وأن 57.7% يلبسون القفازات الغليظة، و 55% ينتعلون أحذية ثقيلة في خلال تعاملهم مع المخلفات الطبية. كم اكد الباحث بأن 21% فقط من العاملين أخذو لقاح ضد فيروس التهابات الكبد البائي (HBV) وأن 7% من أجمالي العاملين قد تدربوا على التعامل مع المخلفات الطبية من حيث الجمع والنقل وغيرها من امور إدارة المخلفات الطبية أما باقي العاملين فلم يتم تدريبهم عن التعامل مع المخلفات الطبية ولا توجد لديهم معلومات عن خطورة ما يتعاملون معه. ايضا أختتما الباحث دراسته بالطلب بضرورة إعتماد منظومة متكاملة وسليمة لإدارة المخلفات الطبية من قبل السلطات الصحية في ليبيا والتي تفتقد لمثل هذه المنظومة وذلك سيقلل من خطر الإصابات بالفيروسات الدم المعدية.

العدوى الفيروسية في العاملين بالمخلفات الطبية في ليبيا والبرازيل وأثيوبيا

II- الدراسة البرازيلية:

الإصابات بهذه الفيروسات تحدث كثيرا من خلال الاتصال المباشر بسوائل جسم المريض المعدية وهذا الاتصال ربما يكون أتصال مباشر بتلك السوائل الملوثة في نفايات المريض او عبر وخز او خدش الجلد بواسطة إبر وحقن ملوثة بدماء المريض وهو الأكثر انتشارا. ولأن العاملين في جمع ونقل ومعالجة المخلفات الطبية فهم اكثر عرضة للإصابات بهذه الفيروسات.

أجريت دراسة حديثة في البرازيل (Mol MP et al. 2016) حول معدلات الإصابة بفيروسات تليف الكبد البائي والجيمي في 61 عامل نظافة في اتصال مباشر مع المخلفات الطبية ومقارنتها بـــ 461 عامل نظافة يتعاملون ومعرضين فقط للمخلفات المنزلية. وجدت الدراسة ان نسبة من لديهم أجسام مضادة ضد فيروس تليف الكبد الجيمي (Anti-HCV) كانت 3.3% في العمال المعرضين للمخلفات الطبية بينما في العمال الغير معرضين فنسبتهم فقط 0.9%. وكانت الاجسام المضادة لفيروس تليف الكبد البائي (Anti-HBV core) بنسبة 9.8% و نسبة 5.6% في العاملين المعرضين للمخلفات والغير معرضين على التوالي. فقط 207 عامل نظافة (44.9%)  الغير معرضين للمخلفات الطبية و 45 (73.8%) عامل نظافة معرضين للمخلفات الطبية كانت لديهم لقاحات ضد فيروس تليف الكبد البائي.

كما أكد الباحث أن امكانية تعرض العمال للإصابة بالفيروس تليف الكبد البائي (HBV) عالية  بسبب ضعف التحصينات، اما بالنسبة لأحتمالية تعرضهم لفيروس تليف الكبد الجيمي (HCV) فهو عالي جدا وخاصة في مجموعة عمال النظافة المعرضين للمخلفات الطبية لأنهم أكثر عرضه لحوادث وخز الإبر التي تفتقر العديد من المستشفيات لبرنامج معالجة وتخلص سليمة. وقد أوصى الباحث عند توظيف عمال النظافة سوء كانوا معرضين للمخلفات الطبية أو حتى مخلفات منزلية من الضروري أشتراط حصولهم على لقاحات ضد فيروس تليف الكبد البائي (HBV) قبل أتمام إجراءات التوظيف.

العدوى الفيروسية في العاملين بالمخلفات الطبية في ليبيا والبرازيل وأثيوبيا

III- الدراسة الأثيوبية:

المخلفات الطبية تحتوي على مجموعات كثيرة من الميكروبات الممرضة من ضمنها فيروس تليف الكبد البائي (HBV) والذي يعتبر من فيروسات الدم المعدية جدا ومن أكبر المخاطر البيولوجية وأكثرها حدوثاً. فنسبة الإصابة بهذا الفيروس على مستوى عالمي عالية جدا وتصل إلى 257 مليون شخص يعيشون مع الفيروس، وفي سنة 2015 كانت هناك 887000 حالة وفاة من المرض حسب تقرير منظمة الصحة العالمية (WHO).

أجريت هذه الدراسة (Shiferaw Y, et al. 2011) في ثلاث مستشفيات حكومية كبيرة بمدينة أديس أبابا بالدولة الأثيوبية شملت 252 عامل نظافة منهم 126 عامل نظافة معرضين للمخلفات الطبية خلال أعمالهم اليومية و 126 عامل نظافة لا يتعاملون مع المخلفات الطبية. نتائج الدراسة أكدت وجود أنتجين سطحى (HBsAg) للفيروس تليف الكبد البائي في 8 (6.3%) عمال نظافة المعرضين للمخلفات الطبية اما في العمال الغير معرضين فقد تم التعرف على إصابة واحدة فقط (0.8%)، اما بالنسبة للأجسام المضادة للأنتجين الداخلي (Anti-HBcAg) فكانت وجوده في العاملين المعرضين للمخلفات الطبية تصل إلى 60 عامل (47.6%) وعمال النظافة الغير معرضين وجدت في 40 عامل (31.7%). هذه النتيجة أثبتت الفرق الواضح في الإصابات بين المجموعتين وأثبتت حجم المخاطر التي تنتج مع التعامل مع المخلفات الطبية. كم أكد الباحث عبر نتائج الأستبيان التي وزعت بأن فقط 19.8% من عمال النظافة قد تدربوا على التعامل مع المخلفات الطبية وأكد كذلك عدم حصولهم جميعاً على لقاحات وتحصينات ضد الفيروس.

بعد سنة واحدة إجريت دراسة ثانية (Belay Anagaw et. al. 2012) في معهد صحي بمدينة جونادر (Gondar) الأثيوبية شملت مائتين من عمال النظافة، مائة عامل نظافة معرض للمخلفات الطبية ومائة اخرون غير معرضين للمخلفات الطبية خلال أعمالهم. ولمعرفة نسبة الإصابة إجريت عليهم تحاليل طبية وكانت النتائج كالتالي: سجلت 6 إصابات بفيروس تليف الكبد البائي (HBV) بنسبة (6.0%) في عمال النظافة المعرضين للمخلفات الطبية بينما العمال الغير معرضين سجلت إصابة واحدة بنسبة (1.0%)، وإصابة واحدة بفيروس الكبد الجيمي (1.0%) في عمال النظافة المعرضين للمخلفات الطبية ولم يتم الكشف عن وجود إصابة في المجموعة العمال الغير معرضين للمخلفات الطبية. فكانت النتيجة هذا البحث تأكيد لوجود عامل خطر كبير وفي تسبب هذه الوظيفة في إصابة العاملين بفيروسات الدم الخطيرة. كما أكد الباحثين ايضا بأن ضعف الإدارة السليمة في جمع ونقل والتخلص ومعالجة المخلفات الطبية سيكون له أثر كبير في زيادة معدلات الإصابة بفيروسات الدم.

في الختام، كل الدراسات السابقة وبأختلاف الدول أثبتت بدون شك أن نسبة الإصابات بفيروسات التهابات تليف الكبد البائي (HBV) والجيمي (HCV) تعتبر عالية جدا في عمال النظافة بالمرافق الصحية والمستشفيات بالمقارنة بعمال النظافة في القطاعات الثانية، وربما هذا يرجع ليس فقط لخطورة المخلفات الطبية بل يرجع أيضا لعدم وجود إدارة سليمة للتعامل مع المخلفات الطبية في كل مرحلة من المراحل الأساسية في التعامل معها من جمع ونقل ومعالجة وحتى التخلص النهائي. فيجب على السلطات الصحية بالدول وضع برامج تدريب مكثفة لتدريب عمال النظافة على الطرق السليمة للتعمال مع المخلفات الطبية والغير طبية ويجب توفير كل متطلبات السلامة الشخصية من الملابس الواقية الشخصية والكممات والأحذية المناسبة خلال قيامهم بالعمل، كم يجب إعلام عمال النظافة وتنبيههم بأستمرار على حجم ونوعية الخطر البيولوجي الذي يتعاملون معه من خلال عملهم الروتيني اليومي في نظافة المستشفيات والمرافق الصحية، ويجب على السلطات الصحية توفير اللقاحات والتحصينات المناسبة لهولاء العمال وكذلك توفير الأدوية والأمصال الواقية في حالة حدوث إصابات عمل خلال تعامل عمال النظافة مع المخلفات الطبية الخطرة فيسهل حينها معالجة المصاب وتدارك المشكلة قبل حدوثها وتفادي كوارث صحية نحن في غنى عنها.

العدوى الفيروسية في العاملين بالمخلفات الطبية في ليبيا والبرازيل وأثيوبيا
أصفرار العيون: أحد الأعراض المعروفة لمرض تليف الكبد بواسطة فيروس تليف الكبد البائي (HBV)

إصابة عامل واحد بعدوى فيروس مثل فيروسات التهابات تليف الكبد (Viral Hepatitis Infections) ستكون نتائجة وخيمة وخسائره كثيرة على العامل والدولة كذلك. على العامل الذي سيمرض وسيصبح مريض وعاجز عن مواصلة عمله وربما ينقل الفيروس لأسرته أو إلى الأخرين المحيطين به فيكون حجم المعانات كبير جدا. وعلى الدولة التي ستكون قد خسرت مواطن كان له مكانة ووظيفة في المجتمع مع وجود خسائر مالية للدولة في التكاليف الإجراءات الصحية التي ستصرفها للعناية به وأيضا في حالة حدوث أنتشار وتوسع للمرض في المجتمع في تلك الأوقات سيكون حجم الكارثة كبير جدا على أقتصاد الدولة.

References:

Belay Anagaw, Yitayal Shiferaw, Berhanu Anagaw, Yeshambel Belyhun, Woldearegay Erku, Fantahun Biadgelegn, Beyene Moges, Agersew Alemu, Feleke Moges and Andargachew Mulu. (2012). Seroprevalence of hepatitis B and C viruses  among medical waste handlers at Gondar town Health institutions, Northwest Ethiopia. BMC Research Notes, 5:55.

Franka E, El-Zoka AH, Hussein AH, Elbakosh MM, Arafa AK, Ghenghesh KS. (2009). Hepatitis B virus and hepatitis C virus in medical waste handlers in Tripoli, Libya. J Hosp Infect.  72(3):258-61.

Mol MP, Gonçalves JP, Silva EA, Scarponi CF, Greco DB, Cairncross S, Heller L.  (2016). Seroprevalence of hepatitis B and C among domestic and healthcare waste handlers in Belo Horizonte, Brazil. Waste Manag Res. 2016 Sep;34(9):875-83.

Shiferaw Y, Abebe T and Mihret A. (2011). Hepatitis B virus infection among medical waste handlers in Addis Ababa, Ethiopia. BMC Research Notes, 4:479.

WHO: http://www.who.int/mediacentre/factsheets/fs204/en/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


المنشورات ذات الصلة

التأثيرات البيئية للنفايات البلاستيكية

تزايد الوعي العام بالتأثير البيئي للنفايات البلاستيكية، وما تسببه من أضرار سوء على المدى القصير …

المعالجة المبدئية للنفايات الطبية المعملية

معامل ومختبرات التحاليل الطبية تنتج كميات كبيرة ومتنوعة من النفايات الطبية ذات خطورة وضرر كبير ع…

الجرائم البيئية

الجرائم البيئية (Environmental Crimes) أصبحت واقع يعيشه العالم نتيجة الأرباح الضخمة التي تجنيها …