المافيا البيئية في البحر الأبيض المتوسط
الصفحة 3 من 8
هذه التجارة الخطرة أصبحت مشكلة عالمية تمس كل الدول وعلى الأخص الدول التي فقدت سيطرتها على مياهها الأقليمية مثل ليبيا التي حباها الله بشاطيء طويل جدا على الشريط الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط (حوالي 2000 كم) والمقابلة للشواطيء الأيطالية وقريبة من حيث المسافة من مصانع الشركات الكبرى في أوروبا والمنتجة لشتى أنواع النفايات الخطرة.
بسبب وجود القلاقل والإضطرابات والأنفلات الأمني الذي أضعف الدولة الليبية وخلق حكومات متتالية ضعيفة هزيلة ليست لها سيادة على أراضيها وبحارها مع وجود فساد إداري كبير منتشر في معظم مفاصل الدولة وتحكم المليشيات العسكرية التي أصبح همها الأكبر فقط الحصول على أموال بشتى الطرق، كلها ظروف مناسبة ومواتية لعصابات المافيا البيئية للتحرك بحرية والتخلص من شحناتها السامة على الشواطئ الليبية بسهولة كبيرة وبدون وجود حسيب أو رقيب بلا ربما يجدوا من يساعدهم في إنجاز عملياتهم بحرية تامة. ما حدث في لبنان خلال الحرب الأهلية أحسن مثال على تشابه الحالة حينها وفي سبيل الحصول على مكاسب مالية سمحت بعض المليشيات والكتائب المسلحة اللبنانية للشركات التخلص من النفايات الخطرة أن تجعل أجزاء من مدينة بيروت الجميلة مكب للنفايات خطرة لا زالت لبنان حتى وقتنا الحالي تعاني من مشاكلها.
في خلال نقاش مع زميل متخصص وناشط بيئي معروف تقلد عدة مناصب عليا في الهيئات البيئية الليبية حدثني بأنه قد تتبع من عدة سنوات حادثة إغراق سفينة إيطالية في نقطة عميقة بساحل البحر الأبيض المتوسط قبالة شاطيء مدينة سوسة في الجبل الأخضر في المنطقة الشرقية من ليبيا، حيث ذكر لي بأن السفينة بالكامل أختفت بشحنتها في تلك البقعة العميقة وفي زمن قياسي وأن طاقمها وكان عدده بسيط قد تم إنقادهم وقد ذكر لي أنه ولغرض التمويه فقد كانت على السفينة حاويتان محملات بأحذية رياضية رخيصة وكور كرة القدم والتي طفت وانتشرت بعد غرق السفينة على الشاطيء القريب مما جعل الأطفال والأهالي يتجمعون لجمع تلك الأشياء بحيث يتوهم الجميع بأن السفينة كانت محملة بتلك الأشياء البسيطة، ولحد الأن لا زالت القصة مجهولة ولا أحد يعرف نوعية الشحنة الفعلية التي كانت على ظهر السفينة أو كم كانت حجم الشحنة التي كانت تحملها؟، ولا أعتقد شخصياً أنه قد تم التحقيق في الظروف الغامضة لغرق السفينة والأشخاص الذين قاموا بها وملابسات تلك الحادثة البيئية، وبالتأكيد، لحد الأن لا ندري ماهي نتائج الأضرار البيئية لتلك الشحنة على المنطقة والتي تعتبر وللأسف من أجمل مناطق ليبيا السياحية على الأطلاق.
سأذكر لكم في هذه المقالة بعض الأمثلة مستوحاة من الموقع (http://www.infondoalmar.info/) لسفن المحملة بالنفايات الكيميائية الخطيرة والمشعة والتي تم إغراقها في حوض البحر الأبيض المتوسط لأظهار حجم المشاكل والكوارث البيئية التي ستواجه العالم وبالأخص الدول المحيطة بالحوض، وما تقوم به المافيا وتجار التخلص من النفايات الخطرة لتدمير البيئة، فالنفايات الخطرة لا تقتل الأحياء البحرية وتدمر النظام البيئي فقط ولكن ستضر بالمجتمعات البشرية بشكل كبير عند أستهلاك الأسماك والمنتجات البحرية التي تكون ملوثة ومشبعة بترسبات من تلك النفايات الكيميائية الخطرة والمشعة:
السفينة بينيوتا (Panayota)
سفينة قبرصية إغرقت بالقرب من جزيرة بيانوسا في 11 مارس 1986 كانت تحمل شحنة 695 طنا من “النفايات الكيميائية” كما ورد في تقرير وكالة لويدز في لندن للتعويضات عن الحوادث (The Casualty Returns Of The Lloyd’s Of London). السفينة كانت تحت سيطرت شركة سان جورج للملاحة ، وهي شركة مقرها في بيرايوس في اليونان. كما ذكر في التقارير منظمة بيئية إيطالية غير الحكومية (Legambiente) غادرت السفينة ميناء لا سبيتسيا في الثاني من فبراير، ثم توقفت في الإسكندرية واليونان ، وغادرت مرة أخرى بعد أن غيرت اسمها في الوقت نفسه. وكانت تحتوي على شحنة كريه الرائحة وكان واضح عليها حالة التخمير والتعفن. حينها لم تتدخل السلطات لإزالة الحطام.
اترك تعليقاً